يبدو ان ما اطلقه بيرني ساندر، بدأ يؤتي ثماره. لقد استطاعت ألكساندرا أوكاسيو كورتيز ، عضو حركة الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين ، التغلب على النائب المخضرم جو كرولي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، لخوض انتخابات الكونغرس الأمريكي في الدائرة الرابعة عشر لمدينة نيويورك (برونكس وكوينس). وستواجه في انتخابات الكونفرس في 6 تشرين الثاني المقبل الجمهوري انتوني باباس.

وكان من المتوقع ان يحل جو كراولي محل نانسي بيلوسي في رئاسة كتلة الحزب الديمقراطي في الكونغرس. ويعد كراولى مواليا بالكامل لسياسة المتنفذين في الحزب، ولم يواجه، منذ عام 2004 ، مرشحا منافسا في الانتخابات التمهيدية.

والان دفعت اليسارية الشابة والبالغة من العمر 28 عاما كونيز خارج السباق. وحصلت كورتيز على قرابة 57 في المائة. ومثلت النتيجة نجاحا انتخابيا وسياسيا، تعدت اثاره الحدود المحلية. وارتبط هذا النجاح بحملة شعبية تبنت اطروحات اشتراكية.

  و كورتيز ابنة لام من بورتوريكا  وأب ولد في برونكس ، وكانت ناشطة في حملة بيرني ساندرز ، و دخلت الانتخابات التمهيدية بدعم من الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا ، وهي حركة اندمجت فيها حركة "شعار الكونغرس الجديد، وحركة " ثورتنا"، وادى انتخاب ترامب الى تعميق توجهات الحركة اليسارية، ومضاعفة اعداد ناشطيها، وطغيان عنصر الشباب بينهم. وتبنت حملتها الانتخابية قضايا اجتماعية، وجعلتها في مركز المناقشات السياسية،  مثل حد ادنى للاجور قدره، 15 دولار / ساعة، الرعاية الصحية الشاملة والإسكان الاجتماعي ، وإصلاح سياسات الهجرة المتطرفة والطاقات البديلة. وامضت كورتيز الاسبوع الاخير من حملتها على الحدود المكسيكية للمشاركة في الاحتجاج على سياسات ترامب العدوانية ضد المهاجرين. ويعود هذا النجاح أيضاً إلى  ظهور حركات أمريكية جديدة بعد نجاح حملة بيرني ساندرز. وتهدف هذه الحركات بوضوح إلى تحريك الحزب الديمقراطي إلى اليسار عبر ترشيح ناشطين يساريين على مستوى القاعدة الشعبية وعلى جميع المستويات.

 وفي حوار مع "نيورك تايمز" في 26 حزيران الفائت ، أوضحت كورتيز ترشحها على النحو التالي:"ارى ان الحزب الديمقراطي ينطلق من بداهة دعم الممولين له، بغض النظر عن رتابة وعدم فعالية مقترحاته". ولعب دورا مؤثرا الى جانب الحملة الانتخابية، طبيعة تركيبة سكان الدائرة الانتخابية، التي تبلغ نسبة المهاجرين المتنوعين عرقيا  90 في المائة من سكانها ، الذين لم ينجح جو كرولي بتمثيلهم. وكان احد اهم شعارات الحملة "نحن نملك الناس، وانتم تمتلكون المال". وركزت كورتيز في حملتها الانتخابية باستمرار على ضعف علاقة منافسها بناخبيه، وضعف  معرفتة باهتماماتهم، وعمق ارتباطه الوثيق بالمصالح الخاصة وبالشركات. واقتدت المرشحة اليسارية بـ "بيرني ساندرز"، برفضها تبرعات الشركات، باعتبارها وسيلة لا ديمقراطية، في حين جمع منافسها أكثر من 3 ملايين دولار ، أي عشرة اضعاف ما جمعته كورتيز.

و كورتيز ليست الاشتراكية  الوحيدة التي ترشح  بنجاح لمهمة عامة، فلقد شهد العام الفائت ترشح العديد  من اليساريين والتقدميين إلى مجالس ماساشوستس وفيرجينيا وأوهايو. وفي فيلادلفيا ، وتم انتخاب لاري كراسنر ، محامي الدفاع التقدمي ، كمدعي عام ، والذي كان محاميا لاعضاء حركة  "حياة السود مهمة" وحركة "لنحتل"، وقام بمقاضاة الشرطة المحلية.

وبالتوازي مع فوز كورتيز ، تمكن مرشحون تقدميون من تحقيق النجاح في أماكن أخرى. وفي ميريلاند ، كولورادو ، وستاتن آيلاند ، حسم مرشحون يساريون الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي لصالحهم. وفي ولاية ماريلاند ، فاز بن جيلوس ، الرئيس السابق لـ "المنظمة الوطنية لدعم الملونين" في الانتخابات التمهيدية لمنصب  حاكم الولاية.

وما يوحد هؤلاء جميعا هو تعبئة الحركات الشعبية وتفعيل الشبكات المجتمعية. ويعتبر انتصار كورتيز والحركة الشعبية في برونكس وكوينز مثالاً على الإستراتيجية الناجحة لاحداث التغييراعتمادا على التعبئة المحلية.  وهذه تجربة يمكن لليسار في جميع أنحاء العالم التعلم منها. 

عرض مقالات: