لقد اطلع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني على البيان الصادر من الرباعية ( الولايات المتحدة الامريكية، مصر، السعودية، الامارات ). حيث طرحت فيه خارطة طريق لوقف الحرب في السودان وتقديم المساعدات الانسانية ومعالجة الوضع السياسي وصولا الى سلطة مدنية وفترة انتقالية وان يتم ذلك في فترات زمنية حددت تاريخها.

بداية نعلن ترحيبنا بأي جهد يبذل في سبيل الوصول الي وقف هذه الحرب اللعينة التي دمرت بلادنا وشردت ابناء وبنات شعبنا.

كما نرحب بأي مسعي لتسهيل وصول المساعدات الانسانية لكل المتضررين من هذه الحرب في كل انحاء البلاد٠

لقد اشتمل البيان علي العديد من القضايا التي لا خلاف حولها مثل :-

* الصراع في السودان تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم ويشكل مخاطر جسيمة على السلام والأمن الاقليميين. * سيادة السودان ووحدته وسلامة اراضيه. * لا يوجد حل عسكري والوضع الراهن يخلق معاناة غير مقبولة ومخاطر تهدد السلام والامن. * على جميع أطراف الصراع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والسريعة والامنه دون اعاقة الى جميع أنحاء السودان ومن خلال جميع الطرق.
* حماية المدنيين وفقا للقانون الإنساني الدولي والتزاماتهم بموجب اعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية والعشوائية على البنية التحتية المدنية.
* مستقبل الحكم في السودان متروك للشعب السوداني ليقرره من خلال عملية انتقال شاملة وشفافة، لا تخضع لسيطرة أي طرف متحارب. * دعا الوزراء الى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية، مما يؤدي على الفور الى وقف دائم لاطلاق النار. * لا يمكن أن يملي مستقبل السودان الجماعات المتطرفة العنيفة التي هي جزء من جماعة الإخوان المسلمين او مرتبطة بها بشكل واضح، والتي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار الى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. * ويعد وقف الدعم العسكري الخارجي أمرا اساسيا لانهاء النزاع.
* الضغط على جميع أطراف الصراع لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية٠

غير اننا لابد ونحن نمر بهذا المنعطف التاريخي الحرج ان نوضح لجماهير شعبنا الحقائق التالية:

اولا: نعلم ان بعضا من اطراف الرباعية واطراف أخرى اقليمية ودولية ما زالت تقف وراء هذه الحرب وتمول طرفيها.. على الرغم من انها كانت تستطيع وقفها منذ بداياتها الا انها لم تفعل حماية لمصالحها التي يحققها استمرار الحرب حرصا على استمرار السودان مصدرأ للمواد الخام وسوقا لمنتجاتها عوضأ عن ان استمرار الحرب ينهك الشعب السوداني ليقبل بأي تسوية ويمكن هذه القوى من فرض شروطها والحصول على اكبر قدر من المكاسب الاقتصادية.. والسياسية.

الآن وبعد ان رأت هذه القوى اتساع نفوذ الاسلاميين وتسيدهم كامل المشهد في حكومة الامر الواقع.. وفتح ابواب البلاد لدخول المتطرفين من الدواعش والجهاديين وغيرهم، اضافة الى الخطر الذي يمثله التواجد الايراني والحوثي على الملاحة والتجارة الدولية في البحر الاحمر الأمر الذي يهدد مصالح هذه القوي بشكل جدي في السودان والمنطقة عموما.. وهو ما دفع قوى الرباعية لاصدار بيانها هذا. حرصا ودفاعا عن مصالحها.

ان مبادرات عديدة قدمتها قوى اقليمية و دولية منذ ابريل ٢٠٢٣ لوقف الحرب في السودان لم يكتب لها النجاح لان تلك القوى لم تكن جادة في وقف الحرب لان مقدميها امتنعوا عن قصد من تحديد أي آلية ضاغطة لتنفيذها، لذلك فان المبادرة والافكار التي جاءت في بيان الرباعية لوقف الحرب في السودان ربما تواجه ذات مصير المبادرات السابقة.

وسيظل العمل والنشاط الجماهيري عن طريق تنظيماتها السياسية وكياناتها الاجتماعية هو الاساسي والحاسم لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة وتحقيق شعاراتها.

ثانيا: ان الدوائر الخارجية التي شاركت في اشعال هذه الحرب وفي ماسبقها من مؤامرات بدءا من التوقيع على الوثيقة الدستورية المعيبة وإشراك العسكر في مفاصل السلطة وفض الاعتصام وقمع الثوار وقتلهم والتنكيل بهم، كانت تهدف وماتزال الى تصفية ثورة ديسمبر المجيدة واهدافها وقتل احلام شعبنا في الحرية والسلام والعدالة ليظل السودان تحت قبضتهم وسيطرتهم.

ولذلك لابد ان يكون واضحا ان انهاء الحرب ومسبباتها وقيام النظام المدني الديمقراطي واستقراره لن يتم الا بالعودة الى مسار ثورة ديسمبر المجيدة وتحقيق اهدافها وشعاراتها التي قامت من اجلها وان أي مسار غير ذلك سيفضي الي اعادة انتاج الازمة والدوران في فلك الدوائر الخارجية.

وسبق ان قلنا ونكرر القول الان ان الحل للأزمة السودانية يوجد في الداخل وان الجماهير وتنظيماتها في لجان المقاومة وغيرها هي صاحبة المصلحة في تحسين الأوضاع المعيشية، وتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين فعلا، وتوفير المناخ الملائم لعودة النازحين، واللاجئين الى مدنهم وقراهم واراضيهم وحواكيرهم، وتوفير خدمات الأمن والتعليم وصحة البيئة وفي اعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الدواء والماء الصالح لشرب الإنسان والحيوان وتوفير الكهرباء وتعويض من فقدوا أماكن سبل كسب عيشهم وممتلكاتهم الخ.

لذلك فان العامل الداخلي هو العامل الحاسم في الحل الشامل والعادل. وفي أن يكون نظام الحكم في البلاد مدنيا ديمقراطيا ومستقرا واقعا ملموسا وإبعاد كل الاجهزة النظامية من السياسة والاقتصاد.

ان الترتيبات الأمنية يجب ان تشمل حل الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة وكل المليشيات الاخرى وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية. ولتأكيد عدم الافلات من العقاب لابد من المحاسبة على جرائم فض الاعتصام وجرائم الحرب التي اشعلها الطرفان وكل الجرائم التي ارتكبت ضد الثوار. ويجب الأخذ بما ورد في تقارير لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة وتفكيك تمكين نظام الانقاذ وإعادة بناء وإصلاح الخدمة العامة بشقيها المدني والعسكري بما يضمن قوميتها وتأهيلها للقيام بمهامها وواجاباتها المنوطة بها على الوجه الأكمل.

على جماهير شعبنا مواصلة صمودها وثباتها ووحدة صفوفها لهزيمة التآمر الداخلي والخارجي وجعل ما هو وارد ببيان الرباعية واقعا ملموسا واستكماله باسترداد ثورة ديسمبر المجيدة والعمل على تحقيق اهدافها.

المكتب السياسي
الحزب الشيوعي السوداني

٢١ سبتمبر ٢٠٢٥