يتابع الحزب الشيوعي المصري تطورات الأحداث الخطيرة في سوريا بكثير من التخوف والقلق، لتأثيرها على مستقبل سوريا وشعبها من جهة، وعلى الأمن القومي المصري والعربي من جهة أخرى، وعلى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة من جهة ثالثة.

ويؤكد حزبنا  ان ممارسات نظام بشار الأسد  الطائفية الاستبدادية القمعية، وسياساته  الاقتصادية - الاجتماعية النيوليبرالية وتفشي الفساد في الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة ،واقصاؤه وقمعه  المستمر للمعارضة والقوي الوطنية وشل أي فاعلية لها ، هي التي ادت إلى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، ومعاناة الشعب السوري الشديدة من سوء أحوال المعيشة وتدهور كل الخدمات، وهي التي عزلته عن الشعب السوري وبالتالي خلقت مناخاً مؤاتيا لنمو منظمات الإرهاب والنزاعات الطائفية وسهلت نجاح المخطط التركي الصهيوني الامريكي في تحقيق اهداف كل منهم سواء  من خلال العدوان العسكري المباشر او بواسطة استخدام منظمات الإرهاب المسلحة .

 وفي الوقت نفسه لابد من فضح دور الحلف الذي تشكل عام ٢٠١٢بعد اندلاه الانتفاضة السورية وضم الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وحلف الناتو ودول الخليج الذين يتحملون المسئولية الاساسية عن تمويل وتسليح جماعات الإرهاب الدموية داعش والقاعدة وغيرهما التي تسببت في قتل وتشريد ملايين المواطنين الامنين وتدمير سوريا.

 وتلك القوي هي نفسها التي تستهدف منذ عقود تفتيت الدول العربية تباعا، وتدمير بنيتها التحتية والعلمية واستنزاف وتمزيق جيوشها لتحقيق أطماع دولة الخلافة العثمانية من جهة، وتوسع دولة الكيان الصهيوني واستعادة مكانة وهيبة الولايات المتحدة، واستمرار هيمنتها على المنطقة وثرواتها البترولية.

لقد ادي تهاوي وسقوط النظام السوري بهذا الشكل السريع وهروب رأس الحكم مصحوبا بانهيار الدولة والجيش الي هجوم العدو الصهيوني لاستباحة الجغرافيا السورية بحرا وبرا وجوا، والعمل الممنهج المدروس على تدمير مجمل المقومات العسكرية والعلمية للدولة والجيش السوري. وهو ما يمثل عدوانا صارخا وتدميرا كاملا لبلد عربي شقيق، وسط صمت عربي مخزي ودولي مشين.

ويرى حزبنا أن هذا الانهيار يعمق الخلل في الميزان الاستراتيجي في المنطقة لصالح دولة الكيان الصهيوني. ويفتح الباب للشروع في تحقيق الأحلام التوسعية الصهيونية، وهو ما يؤكده التصريحات العلنية لأركان الحكم في هذا الكيان، وتلك الممارسات الفعلية التي تتم في الجنوب السوري، حيث تسعى إلى تحقيق دولة "إسرائيل الكبرى" على حساب دول المنطقة، ومصر في القلب منها.

ويؤكد الحزب الشيوعي المصري أن استيلاء الجماعات الإرهابية المتطرفة وسيطرتهم على السلطة فعليا في سوريا كفيل بتشجيع نظرائهم ممن يتربصون بالدولة المصرية. وهو ما ينذر بمخاطر جمة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وتعميق معاناة الطبقات الكادحة وزيادة الفقر، وفرض حصار وإغلاق المجال العام ضد الأحزاب والقوى الوطنية والمنظمات الجماهيرية والنقابات العمالية والمهنية.

 ان الوضع الكارثي المضطرب نتيجة انهيار مؤسسات الدولة السورية والتحكم الكامل الآن من قبل الدول المعادية للشعوب العربية يبعث القلق والخوف أولاً لدى الشعب السوري والكثير من قطاعاته التي فرحت بسقوط نظام استبدادي لكنها تتخوف من القادم الأجنبي والإرهابي. كما يثير هذا الوضع القلق لدينا باعتباره تهديدا خطيرا لمصر، ويشكل عبئا إضافيا عليها، يضاف الى الأعباء التي تخلقها الأوضاع المتردية في كل من ليبيا والسودان وأزمة سد النهضة والقرن الأفريقي.

لقد أصبحت مصر الآن، أكثر من أي وقت مضى، في أشد الحاجة إلى رفع درجة الاستعداد والجاهزية لدى كافة القطاعات في المجتمع والدولة، وإلى تمتين ودعم مناعة جبهتها الداخلية.  مما يستوجب الشروع في الإجراءات العاجلة التالية:

أولا: الافراج عن كل معتقلي الرأي وإحلال المحاسبة القانونية محل التدخلات الأمنية.

ثانيا: فتح المجال العام وتحرير النشاط الحزبي والنقابي من كل القيود التشريعية والممارسات الأمنية والبيروقراطية، وحرية الرأي والتعبير وحرية التنظيم الحزبي والنقابي لكل القوى الوطنية.

ثالثا: تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية واستخدام كافة السبل لتخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية من على كاهل الطبقات الكادحة والطبقة الوسطى.

إن حزبنا يؤكد ثقته في قدرة الشعب السوري وقواه الوطنية على اجتياز محنته الحالية، وتحرير وطنه من كافة قوى الاحتلال الصهيوني والتركي والامريكي، ومن منظمات الإرهاب والمرتزقة، وبناء سوريا ديمقراطية مدنية، ودولة مواطنة وقانون لكل أطيافها وطوائفها، على طريق التنمية الوطنية والعدالة الاجتماعية.

كما يؤكد ثقته في قدرة مصر، بوحدة قواها الوطنية والجماهيرية، وبجيشها الوطني، على تجاوز كل التحديات، والوقوف بصلابة إزاء كل تلك التحولات الكبرى.

 القاهرة في 14 / 12 / 2024   ......   المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري