الحركة التقدمية الكويتية: بعد مضي نحو اربعة اسابيع على استقالة الحكومة... لم يعد مقبولاً استمرار الاستخفاف بالدستور والإرادة الشعبية

لئن كان الشعب الكويتي قد تفاعل مع التوجهات الايجابية التي وردت ضمن الخطاب الأميري في ٢٢ يونيو ٢٠٢٣، وعبّر بشكل ملموس في الانتخابات النيابية الأخيرة عن رغبته في طيّ صفحة العبث بالدستور والتلاعب بمقدرات البلاد وتحكّم مصالح الفاسدين والمتنفذين، واستهدف حينذاك الدفع باتجاه الانفراج السياسي، والإصلاح الديمقراطي، ومكافحة الفساد، ومعالجة المشكلات الأساسية، إلا أنّ استقالة الحكومة في ٢٣ يناير الماضي قد أعادت البلاد مجدداً نحو ذلك الدوران المرهق للأزمة السياسية الممتدة منذ العام ٢٠١٠، وكان واضحاً أن تلك الاستقالة لا صلة لها بما يسمى توتر العلاقة بين المجلس والحكومة، وإنما هي أقرب ما تكون إلى محاولة سلطوية أخرى لفرض واقع سياسي جديد يعيد السطوة لنهج الانفراد بالقرار، وإدارة الدولة بعقلية المشيخة، وذلك بالترابط مع صراعات مراكز النفوذ داخل مواقع السلطة.

ويأتي دليلاً على هذا الاستنتاج ما نراه من تعطيل متعمّد لأعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية منذ نحو شهر، حيث لم يتم تكليف رئيس جديد للوزراء، بينما توقفت اجتماعات مجلس الأمة رغم توافر النصاب، وبذلك عدنا إلى حالة الانسداد السياسي، وأصبحنا نقف في نفس الخانة التي كانت قائمة خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، وقادت إلى الاعتصام النيابي المشهود في مقر مجلس الأمة والاعتصامات الشعبية الليلية الحاشدة في ديوانيات النواب المعتصمين.
إننا ندرك أنً الأسباب العميقة للأزمة العامة، وليس فقط الأزمة السياسية، لا تكمن فيما يسمى توتر العلاقة بين السلطتين، وإنما تكمن بالأساس في العوامل الثلاثة المتداخلة التالية:

وأولها: سطوة نهج الانفراد بالقرار وعقلية المشيخة.

وثانيها: احتدام الصراعات المعلنة والخفية بين مراكز النفوذ والقوى داخل السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي المسيطر، وإن تغيرت الأسماء وتبدلت المواقع.
وثالثها: تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى المتنفذة المتعارضة مع مصالح الغالبية الساحقة من المواطنين، التي تسعى للاستحواذ أكثر فأكثر على مقدرات الدولة والسيطرة على مفاصل الإدارة السياسية فيها.

فهذه هي مكامن العلّة، وقد حان الوقت لأن يتم تجاوز هذا الوضع البائس والضار عبر حركة شعبية تفرض إرادتها للخروج منه، وذلك بالاستناد إلى مصالح الغالبية الساحقة من الناس، وبالاستناد إلى المبادئ الديمقراطية والأسس الدستورية... إذ لم يعد مقبولاً الاستخفاف بالدستور وبالإرادة الشعبية... ولا يمكن قبول استمرار هذا الدوران المرهق للبلاد والمجتمع والدولة في هذه الحلقة المغلقة... ولا يجوز أن تمتد أكثر مما امتدت حالة الجمود والركود والشلل التي تعيشها الكويت.


الكويت في ١٧ فبراير ٢٠٢٣