منذ 18 عاما يدفع شعبنا العراقي ثمنا باهظا للسياسات الدولية والإقليمية التي تتصارع على حساب حاضر ومستقبل العراق . لقد سهلت طريقة اسقاط الدكتاتورية ، وسياسات بريمر عملية نشوء دولة موازية او عميقة، تجسيدا لمبدأ "الفوضى الخلاقة". وعمق اعتماد نموذج دولة المحاصصة الطائفية – الاثنية المتحالفة والحامية لمنظومة النهب والفساد ، مأساة العراقيين . وبدلا من توظيف ثراء التنوع الاجتماعي والثقافي والديني في البلاد كأرضية لبناء دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،انخرط ابطال المحاصصة والفساد، بعد عام من الغزو في حرب طائفية قذرة، سبقها وتزامن معها تحالف بقايا القاعدة الاجتماعية للنظام المنهار مع الارهاب ، تحت غطاء مقاومة الاحتلال المزعومة. وفي سياق هذه التطورات الكارثية، جاء ظهور داعش واحتلالها لثلث مساحة العراق.

لقد وجدت المنظمات المسلحة الطائفية الموروثة من سنوات المعارضة ، في مواجهة الإرهاب فرصة تاريخية لكي تتسع وتتنوع وتفرخ عشرات المنظمات المسلحة التي حولت حياة العراقيين الى هلع دائم ، وعمقت تهميش واضعاف مؤسسات الدولة التي يلعب حماتها دورا محوريا فيها.

وإذا ما تابعنا سلوك هذه المنظمات المسلحة، التي تلعب دورا مزدوج: الأول كجزء من مؤسسات الدولة، والثاني خارجها تحت عنوان "المقاومة الإسلامية"، تجاه الحركة الاحتجاجية في محطاتها الرئيسة منذ 25 شباط 2011 والى يومنا هذا، نرى ان القتل والاختطاف والإرهاب الجسدي والنفسي لكل المناضلين من اجل التغيير، أصبح سلوكها واداتها لحماية سلطتها ومصالحها وتقديم الخدمات لأسيادها.

لقد كشفت انتفاضة تشرين الأول 2019 جملة حقائق، لعل أهمها انكشاف حقيقة هذه القوى وانفصال الجماهير الشعبية عنها . ولهذا ما عادت الاتهامات بالانتماء للبعث او المنظمات الإرهابية والعمالة للسفارات الاجنبية ، ولا توظيف معتقدات الناس الدينية لترسيخ الوعي الزائف، الذي تعتبره هذه الجماعات، الى جانب السلاح الموازي ضرورة قصوى لاستمرارها.

ومع استمرار الانتفاضة ، وتحقق وضوح كامل في المواجهة بين معسكرين لا ثالث بينهما اتسعت واستمرت عمليات القتل لوجوه بارزة في الحراك الاحتجاجي، لم يكن آخرها اغتيال الشهيد إيهاب الوزني في كربلاء ، وقمع ثوار الحركة الاحتجاجية  في يوم 25 آيار وسقوط شهيدين وعشرات الجرحى في ساحة التحرير ، وجميع المؤشرات تقول ان هؤلاء المجرمون عازمون على الاستمرار في ممارسة القتل بحق العراقيين.

ان ما عاشته بغداد في 26 أيار 2021، بعد اعتقال قاسم مصلح، اثبت بشكل واضح للعيان ان هذه الجماعات، تعمل على منع قيام دولة مؤسسات وطنية تفرض القانون، وتضمن كرامة مواطنيها، لان الشروع في بناء مثل هذه الدولة يعني نهاية عصابات الدولة العميقة والسلاح الموازي. ومن الضروري الإشارة الى ان هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء إلى القوة والعنف لإملاء مواقف سياسية على هذه الشاكلة.

 نحن على ثقة تامة بان الاعيب واكاذيب المتسلطين سوف لن تنطلي على أكثرية أبناء الشعب. ومن الضروري التأكيد هنا ان فاقد الشيء لا يعطيه ، فهذه القوى العابثة بحياة الناس سوف لن توفر يوما الإمكانيات الحقيقة لبناء مستقبلا أمن .  وبالتالي فليس امام قوى التغيير مجتمعة سوى لملمة صفوفها وتصعيد نضالها الجماهيري والتعبوي في سبيل فرض التغيير، بعيدا عن بعثرة الصفوف ونشر الأوهام ، والمراهنة على انتخابات ديمقراطية عادلة غير قابلة للتحقيق في ظل استمرار سلطة المحاصصة والفساد.

ان تجارب العديد من بلدان العالم، وتجربة التاريخ المعاصر للدولة العراقية يثبت بأن المليشيات الخارجة عن القانون، لا تملك مقومات الصمود والاستمرار، ولعل المصير الاسود لقطعان الحرس القومي وجيش صدام الشعبي وما يسمى بجيش القدس خير دليل على ذلك.

اننا في لجنة تنسيق تجمع دعم الانتفاضة والتغيير في العراق / المانيا ... ندين وبشدة أعمال القتل والملاحقة والترويع التي تمارسها مليشيات الاحزاب الحاكمة ضد المناضلين من أجل التغيير، ونطالب بكشف القتلة ومن يقف ورائهم من قادة أحزاب المحاصصة والفساد وتقديمهم للعدالة ، وحل جميع الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون والمتسترة بغطاء الحشد الشعبي وحصر السلاح بيد الدولة ، وندعو الراي العام الألماني وكل القوى الإنسانية لرفع صوت التضامن عاليا من نضال قوى شعبنا الخيرة ومنتفضيه الابطال في سبيل تحقيق حرية الوطن وسيادته ورفاهية شعبه.

كما ونهيب ببنات وأبناء الجالية العراقية في المانيا وبقية بلدان المهجر المساهمة النشطة في رفض كل أنواع مصادرة حياة الانسان العراقي وارادته ، ومغادرة حالة السلبية والاابالية وضرورة التنسيق أفرادا وجماعات لتفعيل التضامن مع ثوار تشرين والقوى التي تناضل من أجل التغيير الجذري والشامل للمنظمومة السياسية الحاكمة .

لجنة تنسيق تجمع دعم الانتفاضة والتغيير في العراق / المانيا

الاثنين 31 أيار 2021