شهدت فنزويلا الأحد الفائت انتخابات برلمانية عامة، وبموجب النتائج المعلنة، بعد فرز 98،63 في المائة من الأصوات تمكن تحالف “القطب الوطني الكبير”، الذي يضم 9 أحزاب، ويقوده الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الرئيس نيكولاس مادورو من الفوز بـ 68،43 في المائة من الأصوات، وبهذا ضمن أكثرية الثلثين في البرلمان الجديد الذي يضم 277 مقعدا. وفي أول رد فعل له على النتائج قال الرئيس الفنزويلي: “لقد حققنا فوزا هائلا”. وجاء ثانيا تحالف أحزاب اليمين التقليدي، الذي يضم حزبي “العمل الديمقراطي، و”الديمقراطي المسيحي” بحصوله على 17،52 في المائة، وحل ثالثا تحالف يميني آخر يحمل اسم “فنزويلا المتحدة” على 4،15 وحصل تحالف “بديل الشعب الثوري “، الذي يمثل الحزب الشيوعي الفنزويلي قوته الرئيسة، على 2،7 في المائة، وسيحتل مقعده الوحيد سكرتير الحزب العام اوسكار فيغيرا.
وكان الرئيس مادورو، ولغرض جر قوى المعارضة للمشاركة في الانتخابات، قد وعد في حال خسارة تحالفه في الانتخابات البرلمانية، بالتنحي من منصبه. والمعروف أن قوى اليمين التقليدي قد شاركت في السباق الانتخابي، فيما قاطعه اليمين المتطرف الداعم لزعيم الانقلابيين.
ودُعي أكثر من 20.7 مليون فنزويلي للتصويت، وبلغت نسبة المشاركة 31 في المائة، وهي نسبة منخفضة، مقارنة بانتخابات عام 2015، حيث بلغت حينها 40 في المائة. لقد قاطع رئيس البرلمان وزعيم الانقلابيين غوايدو والقوى المؤيدة له الانتخابات. وسيفقد غوايدو منصبه الرسمي كرئيس للبرلمان في 5 كانون الثاني المقبل، عندما يعقد البرلمان الجديد جلسته الأولى.
لقد رفض الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى إرسال مراقبين أو ممثلين خلال الانتخابات، وهذا ليس بعيدا عن الانسجام مع الموقف الأمريكي. في حين أرسلت 34 دولة مراقبين وممثلين عنها لمتابعة العملية الانتخابية، توزعوا بين قرابة 1500 مراقب و300 ممثل، أكدوا عدم حدوث مخالفات خلال عمليات التصويت. وكان من بينهم رئيس الوزراء الأسباني الأسبق خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، الذي دعا الاتحاد الأوربي إلى إعادة النظر في تعامله مع فنزويلا.
لقد أوضحت السنوات القليلة الماضية أن “العقوبات لا تساعد”. وبدلا من ذلك هناك حاجة إلى “لهجة احترام وعدم تدخل”. وكانت 60 دولة بضمنها بلدان الاتحاد الأوربي اتبعت الاعتراف الأمريكي برئيس البرلمان غوايدو، الذي أعلن نفسه في تظاهرة رئيسا مؤقتا للبلاد في عام 2019.
لقد تحدث غوايدوا والمجاميع اليمينة المتطرفة الداعمة له عن تزوير الانتخابات ودعا، بصفته الرئيس المؤقت، كما يحلو له تسمية نفسه، الناخبين إلى عدم المشاركة في التصويت. وأعلن عن استفتاء حول شرعية الرئيس المنتخب مادورو، يستمر حتى 12 كانون الأول الحالي، في داخل وخارج البلاد. وينوي تنظيم تظاهرة في يوم الأحد المقبل.
رئيس جمهورية الإكوادور السابق روفائيل كوريا، رأى في عودة قوى يسارية وتقدمية الى السلطة في كل من المكسيك والأرجنتين وبوليفيا، صورة للأمل، وتمنى أن يكون الأمر كذلك في الإكوادور التي ستشهد انتخابات عامة في نيسان 2021 وهي الأولى بعد التحول الى سياسة الليبرالية الجديدة الذي قاده خلفه مورينا.
الشيوعيون والانتخابات الأخيرة
دعم الحزب الشيوعي الفنزويلي التجربة اليسارية التي أسسها الزعيم الراحل هوغو تشافيز، وكان الحزب جزءا من التحالف الحاكم حتى الانتخابات الأخيرة. والمعروف أن الحزب كان يدعو وفق رؤيته المنهجية حتى في عهد تشافيز الى تعميق التجربة والشروع في الانتقال الى سلطة الشعب، عبر بناء تجربة اشتراكية تقوم على سلطة العمال في المصانع، وكذلك الأرض للفلاحين.
وعندما تعرضت السلطة اليسارية الى محاولات انقلابية، وتدخل امبريالي مباشر أو غير مباشر، دافع الشيوعيون عن سيادة البلاد، والشرعية الديمقراطية، وساهموا بقسط كبير في حملة التضامن مع شعبهم، لكنهم استمروا أيضا في نقد أخطاء الحكومة، والتي تفاقمت كما يرون نتيجة للحصار والعقوبات الأمريكية، وأخيرا أزمة وباء كورونا.
ويرى الشيوعيون أن سياسات الحكومة الإصلاحية تتجه لتبني سياسات ليبرالية جديدة تتقاطع مع الرؤية والممارسة الثورية التي سادت في عهد الراحل تشافيز. وأن تغيرات حدثت على طابع الحركة التشافيزية، فنهاك تيار أثرى بفعل السلطة وتحول الى “برجوازية ثورية”، كما يزعمون، وأن فرزا واضحا يجري في صفوف الحركة. ويأخذ الشيوعيون وحلفاؤهم على مادورا توظيف الحصار وأزمة الوباء غطاء لتنفيذ عمليات خصخصة وخفض أجور العاملين. وهذا ما عكسه قانون “مكافحة الحصار” الذي منح الرئيس صلاحيات استثنائية. ويأخذون على مادورو كذلك عدم التزامه بالاتفاقات التي وقعها مع الحزب الشيوعي وحليفه حزب “الوطن الأم”، قبيل إعادة انتخابه لدورة رئاسية ثانية في عام 2018، اذ سرعان ما نفذ بعد الانتخاب سياسات تتعارض مع التوجهات التي تم الاتفاق عليها.
وعلى أساس ما تقدم تبنى الحزب تغييرا تكتيكيا بإقامة تحالف انتخابي خارج تحالف الحكومة، والذي كانت حصيلته الانتخابية متواضعة. ويعتمد الحزب وحلفاؤه على الجمع بين النضالات داخل وخارج البرلمان، للحفاظ على المكتسبات السابقة، والعمل على تعميق التوجهات اليسارية والاشتراكية.

عرض مقالات: