طريق الشعب

قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، أمس الأول، إحاطة الى مجلس الأمن، أشارت فيها الى جملة من التحديات التي تواجه العراق، فيما أكدت أن بقاء المحاصصة والمحاباة والمحسوبية، يمثل عائقا كبيرا أمام إحراز أي تقدم في البلاد.

وذكرت بلاسخارت في احاطتها إن “الحكومة العراقية تعمل في قلب عدة عواصف في آن واحد، ومنذ البداية أود أن أشدد على أن الوضع ما زال كذلك إلى حد كبير. ولا تزال عدة أزمات واضحة، لكنها مترابطة ويعزز بعضها بعضاً - على الجبهات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، وبالطبع الصحية”.
وقالت “نبقى في حاجة لمعرفة المزيد بشأن (خطة اللعبة) السياسية. كما ان هناك شيء واحد جلي: في غياب إجماع سياسي واسع لتحويل الورقة البيضاء إلى حقيقة، هناك مجازفة أن تبقى (كلمات) على ورق فحسب”، وانه “سيتعين على الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وغيرهم أن يرتقوا مجتمعين إلى مستوى مسؤوليتهم”.

اهمية التنمية ومحاربة الفساد

وتابعت الممثلة الدولية ان “الإصلاحات تحتاج إلى تنويع الاقتصاد العراقي وتقليل اعتماده على النفط، وتحتاج إلى تعزيز الفرص الاقتصادية مع الدفع بالتنمية المستدامة قدماً، وتحتاج إلى تحقيق تطلعات العديد من العراقيين ممن خرجوا إلى الشارع متظاهرين. بيد أن القانون (قانون الاقتراض)، كما عدّله وأقره البرلمان في الواقع، يحدد بشكل كبير المجال المتاح أمام الحكومة للمناورة، لذا على المرء أن يتساءل: هل تبرر الغاية الوسيلة؟”.
وأردفت “كما أن علينا دائماً ألّا ننسى الأهمية الجوهرية لمحاربة الفساد، مع الحفاظ على الحقوق الأساسية عند القيام بذلك، وبكلمات أخرى: لا بد أن يترافق أي جهد لإصلاح الاقتصاد العراقي مع تحسين الحوكمة والشفافية”.

المحاصصة تسرق امال العراقيين

إضافة إلى ما تقدم، يبقى شيوع “المحاصصة” والمحاباة والمحسوبية عائقاً أمام إحراز تقدم في العراق. وهذا ما يجب معالجته كذلك على نحو عاجل، وإلّا استمرت سرقة الموارد العامة وكذلك آمال وتطلعات الشعب العراقي”.
وقالت في “نهاية المطاف، تعد القدرة المحلية على مواجهة الأزمات أفضل دفاع ضد أي شكل من أشكال التدخل الخارجي”.
واضافت بلاسخارت: “لا تزال عمليات الاختفاء القسري والاغتيالات تشكل جزءاً من الواقع. وفي هذا السياق، أود أن أؤكد مرة أخرى على الحاجة الملحَّة للعدالة والمساءلة. وتم الآن تفعيل لجنة لتقصي الحقائق. ومع ذلك، فإنه لم ينتج عنها لحد الآن نهاية سريعة للإفلات من العقاب”.
انتخابات ذات مصداقية
وفيما يتعلق بالانتخابات، اكدت بلاسخارت انه “في الواقع، لا تقع مسؤولية إجراء انتخابات ذات مصداقية على عاتق السلطات العراقية فحسب، بل تقع على عاتق جميع الجهات العراقية المعنية بعملية الانتخابات وجميع الجهات السياسية الفاعلة وجميع المواطنين العراقيين المدعوين للعب دور أكبر في المجال العام. وبدافع من الرغبة الوطنية في تحسين بلدهم، يمكن للشعب العراقي، ولا سيما النساء والشباب، اغتنام هذه الفرصة لإسماع أصواتهم، بصفتهم ناخبين أو بصفتهم مرشحين”.

رواتب الموظفين بعيداً عن النزاعات السياسية

وأشارت الى إن “مركزية العراق في بناء الاستقرار الإقليمي حقيقة قائمة. ويجدر بنا ان نكرر بأن العراق يجب أن يكون بمنأى عن منافسات القوى الأجنبية - وأنه يجب إعطاء العراقيين مجالًا للتركيز على قوتهم في الداخل. وفيما يتعلق بالعلاقات بين بغداد وأربيل: نتفق جميعًا على أن العلاقة الإيجابية والبناءة بين العراق الفيدرالي وإقليم كوردستان تشكل عاملاً رئيسياً في استقرار البلد بأكمله. ومع ذلك، فقد أظهر التصويت الأخير في البرلمان بشأن قانون الاقتراض - مرة أخرى - مدى هشاشة هذه العلاقة”.
ومضت تقول “يجب ان تكون رواتب موظفي الخدمة المدنية بمنأى عن النزاعات السياسية، فلا يمكن ولا ينبغي أن يقعوا جميعهم ضحية”.
ودعت إلى “مواصلة التضامن مع الشعب العراقي. وبالطبع، مع استمرار الجائحة العالمية، فإننا نتفهم فهماً جيداً التحديات الكثيرة التي تواجهها الدول، ومن السهل إغفال آمال وأحلام العراقيين في هذا المنعطف المهم في تاريخهم الحديث. ولكن إذا ما علمتنا هذه الجائحة أي شيء، علمتنا بأن المشاكل المحلية نادرا ما تبقى محلية وتتحول بسرعة إلى مشاكل في الخارج. وبعبارة أخرى: إن دعمكم المستمر لا يزال حيويا وموضع تقدير كبير “.

دعوة صينية لمساعدة العراق في الانتخابات

إلى ذلك، أوضحت الحكومة الصينية، أمس، رأيها بالحكومة العراقية الحالية التي تشكلت قبل حوالي 6 أشهر، فيما دعت المجتمع الدولي إلى دعم العراق، من أجل دفع العملية السياسية الداخلية بشكل مستقل، بعد تأكيدها على أن هدف إجراء الانتخابات المبكرة بموعدها، خطوة سياسية مهمة في البلاد.
وقال غنغ شوانغ، نائب المندوب الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي: “أملنا هو أن تجري الانتخابات بسلاسة، وتحقق تطلعات الشعب العراقي”.
وأضاف، أن “المجتمع الدولي، يتعين عليه تهيئة بيئة مواتية لهذا الغرض، والإصغاء التام لوجهات نظر العراق، واحترام استقلاليته عند تقديم المساعدة”.
وتابع قائلاً: “منذ تولي الحكومة العراقية الجديدة، فقد حققت نتائج إيجابية في دفع الانتقال السياسي، والتحضير لانتخابات مبكرة، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير علاقات خارجية سلمية وودية”.
وأشار إلى أن “الاضطرابات الإقليمية المستمرة، والعنف الذي تسببه بقايا الإرهاب، وانتشار كوفيد-19، قد تسببت معا بخلق تحديات خطيرة لاستقرار العراق ونموه”، داعيا “لحماية السلام والاستقرار اللذين تحققا بشق الأنفس”.

ولفت إلى إن “فلول الإرهابيين شنوا هجمات عديدة في العراق، مسبّبين خسائر كبيرة”، مؤكداً أن “المجتمع الدولي عليه أن يواصل دعمه للجانب العراقي في تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب، ومحاربة الإرهاب، ومعالجة قضية المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتقديم الإرهابيين إلى العدالة وفق القوانين المحلية، وتفادي عودة وانتشار قوى الإرهاب وأنشطتها”.
وأوضح، أنه “لا يمكن تحقيق السلام والتنمية في العراق في ظل غياب الاستقرار بجواره”، مبيناً أن “الصين تشيد بجهود العراق لتطوير علاقات ودية ذات منفعة متبادلة مع دول المنطقة”.
وأكمل قائلاً: “نأمل بأن تستجيب جميع الأطراف المعنية لمناشدة الأمين العام (للأمم المتحدة)، وأن تحل خلافاتها بالوسائل السلمية مثل الحوار والتشاور، من أجل التعزيز المتواصل للثقة المتبادلة، وتفادي تصعيد التوتر”.
وبيّن، أن “أي عمل عسكري على الأراضي العراقية يجب أن يخضع لموافقة الحكومة العراقية، وأن سيادة العراق ووحدة أراضيه يجب احترامها بالكامل”.
وأكد شوانغ، أن “مهمة الساعة للعراق هي التعامل مع جائحة كوفيد-19، وتسريع إعادة الإعمار الوطني وتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني”.
وشدد على ضرورة “تشجيع المجتمع الدولي للعراق على استكشاف مسار تنموي يناسب ظروفه الوطنية، ومساعدته على مكافحة الوباء، وإعادة إعمار البنى التحتية الأساسية، وتحقيق التنويع الاقتصادي، وتعزيز بناء القدرات، وحماية الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال، وتعزيز السلام من خلال التنمية”.