رشيد غويلب
الرئيس الفرنسي ماكرون يدعو في شتراسبورغ وبرلين إلى تسريع اعادة بناء الاتحاد الأوربي، على اساس نهج ليبرالي جديد اكثر تطرفا، وتتصاعد في الوقت نفسه في عموم فرنسا حركة احتجاجية ضد خططه للإصلاح المعادية لمصالح الأكثرية العظمى من الفرنسيين تحت عنوان "عصرنة فرنسا".
لقد وصف فليب مارتينز رئيس اتحاد نقابات
CGT، القريب من الحزب الشيوعي الفرنسي، الاحتجاجات العمالية في 19 نيسان، بانها تعبير عن "مرحلة جديدة" من التعبئة. وعلى الرغم من انفراد الاتحاد اليساري بالدعوة، الى التظاهرات، او بمشاركة نقابات صغيرة من خارجه، ومع تزامن ذلك مع العطلة الربيعية، كان هناك 190 تجمعا في عموم فرنسا، شارك فيها 300 الف متظاهر، في حين تحدثت الشرطة كالعادة عن 120 الف مشارك فقط.
وشارك في الاحتجاجات موظفو الخدمات العامة، عمال النظافة، شركات النقل وشركات الكهرباء والطاقة، عمال سكك الحديد ومجموعات من عمال الموانئ، والعاملون في المستشفىات والمعلمون، والعاملون في القطاع الخاص والمتقاعدون والطلبة. وكل مجموعة لها مطالبها الخاصة، ولكن الجميع يشتركون في رفض خطط "الاصلاح" وسياسة قضم المكتسبات الاجتماعية.

استمرار إضراب العاملين في السكك الحديد

انتهت الخميس الجولة الرابعة من اضراب العاملين في السكك الحديد، الذي بدا في 4 نيسان، وتستمر جولة الاضراب يومين متتاليين، والاجتماع العام قرر تنفيذ الجولة الخامسة في 24 / 25 نيسان. وتستمر جولات الاضراب التي تشارك فيها جميع التنظيمات النقابية الرسمية للعاملين في القطاع إلى 30 حزيران المقبل.
وعلى الرغم من تحمل العاملين المشاركين في الاضراب اضرارا مالية، وخسارة في الاجازات ، لان يوم الاضراب غير مدفوع الاجر، والنقابات لا تقدم تعويضا يذكر، لم تنجح الحكومة وادارات الشركات في كسر الاضراب. ولم يؤد اقرار "اتفاقية السكك الحديد" في البرلمان في 17 نيسان، وفي القراءة الأولى بأصوات حزب الرئيس مع جزء من الجمهوريين اليمينيين، الى خلق حالة من التردد والتراجع في صفوف المضربين. في حين صوت النواب الشيوعيون، ونواب حركة "فرنسا الأبية" بزعامة ميلنتشون"، ونواب الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي ضد الاتفاقية.
وتحاول مؤسسات الاعلام التقليدية وشركات النقل في السكك الحديد تحريض الجمهور، وخصوصا المسافرين اليوميين ضد المضربين، مستغلين الصعوبات الناجمة عن الاضراب. ويعتبر فشل هذه المساعي، لحد الآن، نجاحا للمضربين، ولكن الصراع على تغيير قناعات الجمهور لا يزال مفتوحا.

احتجاجات طلابية جديدة

وكانت مشاركة الشبيبة والطلبة والتلاميذ في احتجاجات 19 نيسان كبيرة وبشكل ملحوظ. خصوصا بعد اقرار الحكومة قانونا شدد شروط القبول في الجامعات والمعاهد العالية. والهدف المعلن لحكومة ماكرون هو تقليل العدد الإجمالي للطلاب وإبعاد المزيد من الشباب عن إكمال التعليم العالي و عن مسار التدريب المهني التجاري، وتحويلهم الى عمال غير مهرة يتقاضون أجورا منخفضة. ولذلك تصاعد الاحتجاج ضد الشروط المجحفة الجديدة، وشهدت الجامعات 15 حالة حصار، واحتل الطلبة العديد من المباني وقاعات المحاضرات. وتتحدث بعض وسائل الاعلام عن امكانية تحول هذه الاحتجاجات إلى اضرابات طلابية شبيهة بتلك التي قادتها الحركة الطلابية في عام 1968، ونجحت في احداث تغييرات جوهرية في الحياة السياسية والاجتماعية في عموم القارة الأوربية.
وتفاقم الوضع عندما غزت وحدات مكافحة الشغب مبنى في جامعة باريس نانتير (باريس 8) في 11 نيسان، بناء على طلب من رئيس الجامعة، لإنهاء الحصار بالقوة. وحدث تصعيد آخر في 20 نيسان، عندما احتل حوالي 100 من شرطة مكافحة الشغب مبنى احدى الجامعات يحتله الطلبة منذ 26 اذار. وجاء الهجوم الأخير على مبنى جامعي آخر مكون من 22 طابقا في المنطقة 13 من باريس في الساعة الخامسة صباحا، وتم اخلاء المبنى بالقوة، ومن الواضح أن الاخلاء نفذ لأسباب تكتيكية، اذ تم بعد يوم واحد من يوم الاحتجاج العمالي الوطني الذي نفذ في 19 نيسان.
تشبيك النشاطات الاحتجاجية

إن تعنت الحكومة والرئيس واصرارهما على تمرير حزم القوانين بالضد من رغبة القطاعات الاجتماعية الرافضة، ونعت المحتجين بمختلف الالقاب المسيئة، اعطى العمال والطلبة والاوساط التي تدعمهما زخما اضافيا، وتصاعدت الدعوات الى تشبيك الحركة الاحتجاجية. ومن جانبه دعا اتحاد نقابات CGT إلى تظاهرات واحتفالات مشتركة بين مختلف الاتحادات النقابية في عيد العمال العالمي في ألأول من ايار المقبل، لإعطاء رسالة قوية في الاصرار على المقاومة والاحتجاج. وعلى العكس من ذلك قرر اكبر الاتحادات النقابية العمالية ذو القيادة الاصلاحية تنظيم مسيرته في الأول من ايار منفردا.
ومع ذلك ، يتوقع أن تكون فعاليات الأول من ايار محطات للمقاومة ضد سياسة ماكرون، وستكون مقدمة لعمل إضافي في الأسابيع المقبلة.