أعلنت النيابة العامة في تشيلي أنه سيتم التحقيق مع ما مجموعه 2670 حالة انتهاك لحقوق الإنسان قامت بها قوات الشرطة والجيش ضد المحتجين منذ اندلاع الاحتجاجات في 18 تشرين الأول الفائت وحتى 10 تشرين الثاني الحالي. ونظرًا الى أن المعطيات المعلنة تشمل فقط الحالات التي اقام ضحاياها دعاوي قضائية، فان العدد الحقيقي لجرائم القمع اعلى من ذلك بكثير. والكثير من الضحايا يترددون في عرض إصاباتهم على القضاء خوفا من المزيد من عمليات القمع والانتقام.

والغالبية العظمى من الملفات المقدمة تتعلق بالاستخدام المفرط للقوة (1679 حالة). والمجموعة الثانية تتكون من ضحايا استخدام الرصاص الحي، والتي تبلغ 720 حالة. وهناك أيضًا 44 حالة يشتبه في تعرضهم الى التعذيب، فضلاً عن إجراء تحقيقات في شأن 744 حالة من الاغتصاب او الاعتداء الجنسي.

ويأتي تحرك النيابة العامة تجاوبا مع الانتقادات الدولية المتزايدة وتقارير منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة (هيومن رايتس ووتش)، التي أدانت العنف الجماعي ضد المتظاهرين. ولاحظت منظمة العفو الدولية أن انتهاكات حقوق الإنسان لم تكن حالات فردية منعزلة، بل عمل منهجي ومنظم يماثل ما تقوم به الشرطة العسكرية في جميع أنحاء البلاد. وقد أدى استخدام الجيش لقمع الاحتجاجات الى نتائج كارثية. وعلى الرغم من ذلك، يتمسك الرئيس سيباستيان بينيرا بمشروع القانون، والذي يسمح للقوات المسلحة بتولي مهمات الشرطة حتى من دون اعلان حالة الطوارئ. وتبرر الحكومة قرارها بضرورة حماية المرافق العامة، مثل الكهرباء وشبكة خطوط المترو.

وأعلن المعهد الشيلي لحقوق الإنسان أرقاما جديدة حول الدعاوي المقامة وعموم انتهاكات حقوق الانسان. ووفقا لهذه المعطيات، وضمن حالات أخرى، هناك 6 تهم بالقتل المتعمد، و9 تهم بالشروع في القتل، ويقول المعهد ان الاتهامات بممارسة التعذيب تجاوزت 458 حالة، ويبلغ مجموع الملفات الجنائية المقدمة لمكتب النائب العام 580 قضية.

وفقًا لمعهد حقوق الإنسان، فقد أصيب 241 ناشطا بجروح في الوجه والعينين، منهم اثنان فقدا البصر، وخسر خمسة اشخاص آخرين عينا واحدة. وغالبًا ما تكون الإصابات نتيجة لاستخدام الرصاص المطاطي، ووفق معلومات منظمة العفو الدولية، يتم خلط مادة الرصاص بالقنابل المسيلة للدموع. ويتهم المحتجون والمنظمات غير الحكومية الشرطة بإطلاق النار عمدا من أجل الحاق اذى كبير بالمحتجين.

وفي البرلمان قدمت قضية دستورية ضد وزير الداخلية السابق أندريس تشادويك تمت قراءتها الاولى. وكان على تشادويك، الذي يقف إلى جانب الرئيس بينيرا المسؤول الأول عن العنف المفرط للشرطة، أن يتخلى عن منصبه في اطار التعديل الوزاري الذي اجراه الرئيس. وصوت مجلس النواب يوم الخميس الفائت بأغلبية 79 صوتًا مقابل 71 صوتًا وامتناع صوت واحد عن التصويت على الشكوى الدستورية. وستعرض القضية على مجلس الشيوخ، وإذا تمت ادانته، فسيحرم الوزير السابق من تولي مناصب عامة لمدة خمس سنوات.

ويتعرض رئيس الجمهورية الى ضغط متزايد، ونشر أخيرا استطلاعا للرأي، أشار الى ان 12 في المائة فقط من التشيليين راضون عن أداء الرئيس، وبهذا يستمر انخفاض التأييد، الذي كان في استطلاعات الشهر الفائت 16 في المائة فقط. ويتصاعد الاستياء من أداء الرئيس 6 نقاط ليصل إلى 84 في المائة، في حين يعتقد 4 في المائة فقط أن الرئيس في وضع يمكنه من تهدئة اوضاع البلاد. ومن الواضح ان القمع والقتل العمد المستمر منذ أكثر من شهرين فاق نظيره في تشيلي بمديات كبيرة جدا، الا ان دور القضاء العراقي ومفوضية ولجنة حقوق الانسان البرلمانية لا يكاد يذكر إزاء أكثر من 400 قتيل وقرابة 20 ألف مصاب والقائمة لا تزال مفتوحة.

عرض مقالات: