"الشعب يريد" بهذه العبارة وعبارات اخرى لامست روح الشباب المتعطش لمنصة الحرية، وقد فاز برئاسة الجمهورية استاذ القانون الدستوري قيس سعيد بنسبة 72 في المائة مقابل 28 في المائة لمنافسه نبيل القروي للدورة الرئاسية الثانية التي اجريت يوم 13 من الشهر الجاري.

الانتخابات الرئاسية

ودخل رئيس الجمهورية قيس سعيد قصر قرطاج من خلال 3 ملايين ناخبا مدعوما من مختلف الاقطاب السياسية اليمين واليسار مؤكدا على استقلاليته بقوله "ولدت مستقلا وترشحت مستقلا وسأوارى ثرى هذا الوطن وانا مستقل"، نافيا أي دعم من أية جهة.
الا ان ما جاء على لسان الامين العالم لحركة النهضة راشد الغنوشي كان نقيض ذلك اذ قدمت النهضة دعما لوجستيا وماديا كبيرين تمثل في النقل المجاني لطلبة الجامعات بين الولايات وارسال رسائل نصية على الهواتف النقالة تدعم ترشحه رئيسا للبلاد كما شهدت مراكز الاقتراع تواجدا كثيفا لأعضائها ومناصريها وسجلت حالات اعتداء وممارسات بالعنف ضد المواطنين خلال الدورة الثانية للرئاسية.
خطف رئيس الجمهورية قيس سعيد المختلف والمختلف عليه جميع الاضواء قبل وبعد توليه رئاسة الجمهورية لعديد الاسباب اهمها طرح لمشروع وفكر جديدين يقتضيان في صياغة القرار من المحلي نحو الجهوي فالمركزي باعتماد مبدأ التصويت على الاشخاص لا القائمات ونظرية الديمقراطية المباشرة التي تجعل الناخب يراقب من انتخبه ويتابعه، اضافة الى الحيادية التي وقف بها على نفس المسافة لجميع التيارات السياسية والاحزاب، هذه الافكار الجديدة التي ركزت على الحاجة الماسة للجهات المهمشة.
وخاطبت عقول الشباب الذي لم يتلق من السياسات السابقة خروجا من ازمات اقتصادية واجتماعية خانقة هي التي ساهمت في استقطاب العقول التي فجرت ثورة على العرف الرئاسي بتوليه رئاسة الجمهورية.
اما على صعيد السياسة الخارجية فهو لا يقف على نفس عتبة الحياد وانما يشدد على اهمية وحدة دول المغرب العربي ودور جامعة الدول العربية باعتبارها كيانا له "حصانة من الموت ومناعة ضد التقدم" على حد تعبيره ويعتبر قضية فلسطين محورية بالنسبة الى تونس والدول العربية ولعل اهم ما يميز سياسته الخارجية رفض التدخل الاجنبي سواء ماديا او سياسيا في توجيه خيارات الشعب وفي حد فاصل ينتظر جمهور الرئيس ان تتجلى افكاره الثورية على ارض الواقع رغم المناخ المشحون بتحديات وصعوبات اقتصادية جسيمة تعصف بتونس على جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية .


الانتخابات التشريعية

حملت صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية مفاجآت كسرت التقاليد السياسية تقهقر قوى سياسية كانت تمثل ركائز المشهد السياسي في السنوات الماضية وبروز احزاب حيث شكلت فسيفساء تنطوي تحت قبة البرلمان وسطوع نجم حركة النهضة مرة اخرى بعد ان افل وكاد يندثر لولا الاوضاع الراهنة التي عصفت بساحة الانتخابات وتضارب المواقف والاراء بين مؤيد ورافض للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها وتأثيرها السلبي المتمثل في ضعف المشاركة للدورة الاولى وما نتج عنها استولى على المشهد السياسي واصبح الشغل الشاغل والحديث الاوفر حظا بين عامة الشعب والاعلاميين والمتابعين على حد سواء في حين كانت البلاد تمر بمرحلة بعث برلمان وتشكيل حكومة جديدين.
هذا البركان المتقاذف الحمم جر وراءه عزوفا كبيرا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 6 من الشهر الجاري الا ان هذه الحمم خرجت حركة النهضة منها بـ 561088 صوتا أي بنسبة 19.5 متمثلة في 52 مقعدا يليها حزب " قلب تونس " الذي يتزعمه نبيل القروي المترشح الرئاسي الذي نال مرارة الهزيمة اذ تحصل 416033 صوتا أي بنسبة 14.5 في المائة وعلى 38 مقعدا ثم حزب "التيار الديمقراطي " الذي تحصل على 22 مقعدا وحزب " ائتلاف الكرامة " 21 مقعدا اما "الحزب الدستوري الحر" الذي يمثل استمرارا للحزب الذي كان حاكما قبل ثورة 2011 نال 17 مقعدا يليه "حركة الشعب" 16 مقعدا وحزب " تحيا تونس” 14 مقعدا ثم حركة "مشروع تونس" 4 مقاعد بينما شكلت قائمات اخرى 33 مقعدا.
وعموما عكست نتائج الانتخابات التشريعية تقهقر قوى سياسية كانت تمثل ركائز المشهد السياسي للسنوات الماضية وبروز احزاب مثل حزب "الرحمة " الاسلامي الذي حصد 3 مقاعد بينما نال الخسارة الكبرى حزب "نداء تونس" بتحصيله على 3 مقاعد بعد ان حقق فوزا عظيما في انتخابات 2014 مكنته من نيل 89 مقعدا من اصل 217 مقعدا في اول برلمان ينتخب في الجمهورية الثانية كما منيت الجبهة الشعبية التي تضم احزابا من مختلف اطياف اليسار بخسارة كبيرة حيث اكتفت بمقعد وحيد بعد ان حصدت 15 مقعدا لعام 2014.
ومن الجدير بالذكر ان 2 مليون و 946 الفا و 628 ناخبا شارك في الانتخابات التشريعية لهذا العام من اصل 7 ملايين و 65 الفا و 885 مسجلا اذ بلغت نسبة المشاركة 41.7 في المائة مقابل مشاركة 3 ملايين و 579 الفا و 265 ناخبا في انتخابات 2014.