رشيد غويلب
تواجه ايطاليا، في ضوء النتائج التي افرزتها، الاحد الفائت، الانتخابات البرلمانية، صعوبات جدية في تشكيل الحكومة الجديدة، فليس هناك تحالف انتخابي، او حزب منفرد حقق أغلبية واضحة في جناحي السلطة التشريعية (مجلس النواب ومجلس الشيوخ).
وبموجب النتائج التي اعلنت امس الاثنين، حصل تحالف اليمين المحافظ، بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكونى، واليمين العنصري المتطرف(الرابطة) على نسبة قد تصل إلى 41 في المائة، فيما حصلت حركة "خمس نجوم"، كأفضل حزب منفرد، على 32 في المائة. وعلى اساس توزيع عدد المقاعد في البرلمان حصل تحالف اليمين بشقيه على 236 وحركة "خمس نجوم" على 226 ، في حين إن الأكثرية المطلوبة هي 360 مقعدا، وفي مجلس الشيوخ حصل تحالف اليمين على قرابة 132 ، والحركة على112 ، والأكثرية المطلوبة هي 158 مقعد.
وحسب وسائل اعلام محلية فان الحزب الديمقراطي (يمين وسط) بزعامة ماتيو رينزى، الذي رأس الحكومة في السنوات الخمسة الماضية، حصل على قرابة 24 في المائة فقط. وحصل تحالف "احرار ومتكافئين" اليساري على 3 في المائة. فيما حصل تحالف "سلطة الشعب" الذي يضم شيوعيي ايطاليا على اختلاف تسمياتهم وقوى اليسار الجذري على اكثر من 1 في المائة. وبلغت نسبة الناخبين 73 فى المائة،
واعترف الحزب الديمقراطي بهزيمته على لسان نائبه أندريا ماركوتشي: "لقد قال الناخبون كلمتهم بوضوح، لقد فاز الشعبويون، وخسر الحزب الديمقراطي، وسنبدأ من جديد من مواقع المعارضة". من جانبهم اعتبر ممثلو تحالف "سلطة الشعب" اليساري ، إن النتيجة التي حققوها اقل من الطموح بكثير، ولكنها تشكل بالنسبة لهم الخطوة الأولى في بداية جديدة، بعد التشظي الذي عانت منه التنظيمات الشيوعية، واليسارية الجذرية.
وتقدمت "رابطة الشمال" اليمينية المتطرفة، في النتائج الجزئية على حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكونى "إيطاليا إلى الأمام" اليميني المحافظ. وهيمنت على الحملة الانتخابية ملفات اللاجئين والأمن الداخلي والاقتصاد.وشهدت الحملة صراعات وصدامات بين اليمين المتطرف، والقوى المناهضة للفاشية.
وكانت "رابطة الشمال"، وهي تنظيم محلي قد رفعت كلمة "الشمال" من تسميتها، للحصول على اصوات الناخبين على الصعيد الوطني. ويضم تحالف اليمين واليمين المتطرف 3 أحزاب، هي حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني "إيطاليا إلى الأمام"، و"رابطة الشمال" العنصري بزعامة ماتيو سالفيني وهو أكبر أحزاب هذا التحالف من حيث عدد المقاعد التي حصدها، و"إخوة إيطاليا" الفاشي بقيادة الصحافية والوزيرة السابقة في حكومة برلسكوني جورجيا ميلوني.
واذا ما اسفرت النتائج النهائية عن تصدر "الرابطة" لقوى تحالف اليمين واليمين المتطرف، وفي حالة تشكيل التحالف للحكومة، فان زعيم "الرابطة" ماتيو سالفيني سيطالب بمنصب رئيس الحكومة لحزبه،ولكن وفقا لخبراء فان تشكيل الحكومة يتطلب الحصول على 40 الى 45 فى المائة من الاصوات لإشغال غالبية المقاعد. والتحالف لايزال بعيد عنها.
ويبدو أن برلسكونى اصبح منتهي الصلاحية حقا، حيث أن اليميني المخضرم، والبالغ من العمر 81 عاما، وبطل الفضائح المدوية، قد يستطيع التدخل في تحديد سياسات حكومة اليمين، صعبة التحقق، لكنه ومرشحه لمنصب رئيس الوزراء عضو البرلمان الاوربي أنطونيو تاجاني سيظلان بعيدا عن قيادة قطار الحكومة.
ونتیجة لذلك، تتجسد صعوبة تشكيل الحكومة بوضوح. ويشعر الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء الشلل السياسي في إيطاليا. ويساور القلق ايضا العديد من المستثمرين والعواصم الأوربية من احتمال تسلم يميني متطرف رئاسة الحكومة الايطالية المقبلة.
وقد جرت الانتخابات للمرة الاولى بعد اقرار قواعد الانتخاب الجديدة في تشرين الأول الفائت، والتي اصبح التنبؤ بالنتيجة بموجبها أكثر صعوبة، والتي قللت من فرصة تحقيق الاحزاب المنفردة للأغلبية المطلقة في جناحي السلطة التشريعية، ولذلك لجأت الاحزاب إلى تشكيل تحالفات لخوض الانتخابات.