قبل أسابيع قليلة من الانتخابات البرلمانية الاسرائلية المبكرة في 9 نيسان المقبل، أكدت لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في تقريرها الصادر في 28 شباط الفائت، أن الجيش الإسرائيلي ينتهك بشكل خطير القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان نتيجة لقمعه المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة، وان بعض الانتهاكات تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال الحقوقي الارجنتيني ورئيس اللجنة، السيد سانتياغو، عند نشر التقرير، إن “اللجنة ترى أن هناك أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان خلال مظاهرات مسيرة العودة الكبرى. ومن الممكن أن تشكل بعض هذه الانتهاكات جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وعلى إسرائيل أن تباشر التحقيق فيها على الفور".

استشهاد 189 فلسطينيا بنيران القناصة

وجاء في عرض للتقرير نشر في موقع المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة حمل عنوان "ما من شيء يبرر إطلاق إسرائيل الرصاص الحيّ على المتظاهرين". وحسب التقرير، ومنذ بدء التظاهرات الفلسطينية في المناطق الحدودية بين القطاع واسرائيل في 30 آذار وحتى 31 كانون الأول 2018، تم إطلاق النار على أكثر من 6000 مشارك من قبل القناصة الإسرائيليين، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين 189. قتل 183 منهم بالرصاص الحي، من بينهم خمسة وثلاثون طفلا، وثلاثة مسعفين وصحفيان يرتدي خمستهم زيا واضح الدلالة. ووفق للبيانات، التي درستها اللجنة، فإن قوات الأمن الإسرائيلية أصابت بالرصاص الحي 6106 فلسطينيين بجروح خلال تواجدهم في مواقع الاحتجاجات. وجُرح 3098 فلسطينيا بشظايا أعيرة نارية وبرصاص معدني مغلف بالمطاط أو أصيبوا مباشرة بقنابل الغاز المسيل للدموع. وأصيب أربعة جنود إسرائيليين بجروح خلال هذه المظاهرات. وقُتل جندي إسرائيلي واحد في يوم الاحتجاجات ولكن خارج نطاق المواقع المخصصة للتظاهر.
وقالت عضو اللجنة المحامية البنغلاديشية سارة حسين اثناء عرض التقرير: “لا شيء يبرر قتل أو جرح الصحفيين والمسعفين والأشخاص الذين لا يشكلون أي تهديد مباشر بالموت أو بإصابة الأشخاص الذين يحيطيون بهم بجروح خطيرة. والأخطر من ذلك هو استهداف الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة.” وأضافت أن “حياة العديد من الشبان قد تغيرت إلى الأبد. فمنذ الثلاثين من آذار الفائت، تعرض 122 شخصا من بينهم عشرون طفلا إلى بتر أطرافهم".
وذكر التقرير أن الجانب الإسرائيلي يستند الى "حق الدفاع عن النفس" لتبرير تعامله مع الاحتجاجات. لكن إطلاق النار على المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في أعمال عدوانية يشكل جريمة حرب. إن الجنود الإسرائيليين قتلوا وجرحوا مدنيين، أثناء قمعهم للتظاهرات، " لم يكونوا متورطين بشكل مباشر في أعمال عدائية ولم يشكلوا خطراً مباشرا".
ورد التقرير الأممي على الزعم الإسرائيلي بأن احتجاجات كانت "أنشطة إرهابية مخفية" لمجموعات مسلحة تنتمي لحركة حماس الإسلامية، التي تمارس السلطة في قطاع غزة، الا ان تحقيقات اللجنة توصلت الى أن المظاهرات كانت "ذات طبيعة مدنية وذات أهداف سياسية محددة بوضوح". ولا يغير من واقع الحال بعض الاعمال التي مارسها بعض المحتجين، فالتظاهرات لم تكن" معارك أو حملات عسكرية". لقد شارك في التظاهرة اعضاء في منظمات مسلحة، وآخرون ينتمون لاحزاب سياسية، ومواطنين مستقلين، مع ذلك، فان القانون الدولي يحظر استخدام القوة ضد اي شخص على اساس النوايا، بدلا من السلوك الفعلي.
لقد أجرت اللجنة 325 مقابلة مع ضحايا وشهود وغيرهم من المصادر وجمعت أكثر من 8000 وثيقة. وأجرت أيضا تحليلا شاملا لوسائل التواصل الاجتماعي ولكميات كبيرة من المواد السمعية البصرية التي تناولت الأحداث بما فيها التصوير بطائرات مسيّرة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التحقيق.
ودعت اللجنة إسرائيل إلى إنهاء الحصار. ويستمر الحصار الجوي والبرّي والبحري لأكثر من عشر سنوات وتدعمه مصر. كلتا الدولتين تبرران استمراره بمصالح أمنية. ومعروف ان إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يعتبرون حركة حماس الاسلامية منظمة إرهابية.
ولم تستجب السلطات الإسرائيلية إلى الطلبات المتكررة من اللجنة للحصول على المعلومات والدخول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. هذا وسيُنشر تقرير مفصّل يحتوي معلومات وقائعية وتحليل قانوني. وسيُرفع التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف في 18 آذار 2019.

عرض مقالات: