في الخامس من شباط الحالي شهدت الشوارع الفرنسية، خلال الاضراب العام والتظاهرات التي رافقته أوسع تعاون تعبوي بين حركة "السترات الصفر" والنقابات العمالية اليسارية، وقوى اليسار السياسية الفرنسية. ونحاول هنا تقديم عرض موجز لمواقف أبرز القوى المشاركة في هذا التقارب الميداني، الذي اعتبر تطورا نوعيا في مسار الحركة الاحتجاجية المستمرة في فرنسا منذ سنوات.

تقييم المجلس الوطني للشيوعي الفرنسي

عقد المجلس الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي آخر اجتماعاته في 28 كانون الثاني الفائت. واقر الاجتماع قرارا تضمن تقييما للتطورات السياسية في البلاد، وبخصوص حركة "السترات الصفر" التي تصدرت مشهد الحركة الاحتجاجية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، شدد القرار بوضوح على عدم رؤية حركة "السترات الصفر" باعتبارها ظاهرة منفردة معزولة، بل ربطها بتنوع قوى المعارضة والأنشطة ضد سياسات الليبرالية الجديدة التي ينفذها الرئيس ماكرون. 

وقد أشار القرار، ضمن أمور أخرى، الى الوصول الى "قطيعة" مع سياسة ماكرون: "منذ اكثر من عام تراكمت  التعبئة والتحركات على بعضها البعض، جراء مشاركة المتقاعدين، الفلاحين والعمال الزراعيين، عمال السكك، العاملين في قطاع الصحة ورعاية المسنين، عمال رياض الأطفال، الطلبة والتلاميذ، المعلمين، عمد البلدات الريفية، وأعضاء المجالس المحلية في الضواحي، ضحايا حوادث مرسيليا، عمال الشركات الكبيرة، العاملين في قطاع الخدمات، العاطلين عن العمل، والعاملين بأجور منخفضة، المدافعين عن البيئة، والعدالة المناخية وغيرهم، كل هؤلاء عبروا عن غضبهم وارادتهم، ورغبتهم بمجتمع جديد، واسمعوا صوتهم  عبر نشاطاتهم. ان حركة "السترات الصفر" التي انطلقت كتمرد شعبي تجذر وانتشر في جميع انحاء البلاد".

وحدد القرار طبيعة الحركة بالشكل التالي: "تمزج الحركة ضرورات العدالة الاجتماعية والضريبية، وغضب مناطق الجمهورية المنسية، ومصادرة السلطة، وليس من دون إرباك،" النظام السياسي" بأكمله. "نحن ندعم الاتهامات التي تحمل عدم المساواة في منطقها. لقد أجبرت الحركة بالفعل سلطة الدولة على أول تراجع لها. ان الأزمة السياسية الحالية غير مسبوقة". ونحن ندعم الاتهام الذي يحمل المنطق الراهن لعدم المساواة.

 وطالب القرار اعضاء الحزب بالمشاركة في النشاطات وتوسيعها، والاستماع بتمعن للمشاركين فيها، وإعطاء اهتمام كبير لآراء السكان وتعزيز رغبة المواطنين بالمشاركة، وتحديد المسؤولية السياسية التي يتحملها اتحاد الشركات، والتعريف بمقترحات الحزب لحل المشاكل الاجتماعية والبيئية.

وفي الختام خلص القرار الى "ان المطلوب تحقيق اتحاد الشعب، وتجديد اليسار وافكاره وتأثيره. وسنكون حاضرين في سبوت "السترات الصفر"، والتجمعات للمطالبة بحماية البيئة، وفعاليات النقابات، والنضالات على اختلاف تنوعها، وذلك لرفع القدرة الشرائية، وتوفير فرص العمل والرعاية الصحية، ولتحقيق العدالة الاجتماعية والضريبية، ومن اجل الخدمات العامة".

اتحاد نقابات العمال CGT: نجاح كبير

واعتبر اتحاد نقابات العمال CGT القريب من الحزب الشيوعي تعبئة ونشاطات الخامس من شباط على انها نجاح لافت. وقد ساهم 300 ألف مواطن من السترات الصفر والحمر في 200 مدينة فرنسية في الاحتجاجات والتجمعات التي توزعت امام مقرات الإدارات العامة، وادارات الشركات والبورصة، وفي جميع هذه الفعاليات أكد المشاركون على مطالبهم المعروفة.

وأكدت سيلين فيرزليتي السكرتيرة الاتحادية لـ"CGT" على: "ان القضية ليست هي ان ننضم او لا ننضم الى حركة "السترات الصفر". ان القضية هي ان نجعل توازن القوى في مركز الاهتمام. ان من الممكن رؤية ان المشاركين ليس بالقوة المطلوبة، وعلينا مضاعفة الاعداد في الشارع. وحيث ما أمكن محاصرة هذا الاقتصاد للوصول الى أجوبة، وتحقيق الانتصار. نحن نريد الوصول الى تقدم حقيقي. وكنا نأمل ذلك لبضعة اشهر، ولا يحق لاحد احتكار الفعل ان كان اضرابا او غضبا، يجب ان نكون جميعا حاضرين، بغض النظر عن لون سترتنا.ان هناك "سترات حمراء" ، "سترات وردية" ، "أقلام حمراء" ..... كنقابيين يجب أن نستمر في النضال الذي نخوضه منذ فترة طويلة. وسنكون اكثر فعالية، بالطبع عندما نكون كلنا سوية".  

الاجتماع العام الأول لـ "السترات الصفر"

وجاء في النداء الصادر عن الاجتماع العام الأول لـ "السترات الصفر":  بعد ان اهاننا وعاملنا كالقاذورات، يصفنا ماكرون الان باننا جمع من المعادين للأجانب المملوئين بالكراهية. ولكننا عكس ذلك بالضبط. نحن لسنا عنصريين أو متحيزين للجنس أو متعصبين، نحن فخورون باتحادنا على الرغم من كل خلافاتنا لبناء مجتمع متضامن. نحن فخورون بتنوع مناقشاتنا. ان مئات الاجتماعات تطرح مقترحاتها وتصوغ مطالبها. اننا مهتمون بالديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والضريبية وظروف العمل والقضايا البيئية والمناخية ووضع حد للتمييز. ومن بين المطالب والاقتراحات الاستراتيجية الأكثر شيوعًا نشير الى: القضاء على الفقر بجميع أشكاله، وتحويل المؤسسات (الدستور، وانهاء امتيازات النواب ....)، والتغير البيئي (التلوث الصناعي ....)، المطالبة بالمساواة والحقوق المتساوية لجميع الناس بغض النظر عن جنسيتهم (الأشخاص الإعاقة، والمساواة بين الجنسين، ونهاية التمييز ضد أحياء العمال، والمناطق الريفية واقاليم ما وراء البحار...)....

عرض مقالات: