تجاوزت الاحتجاجات السودانية الخمسين يوما وهي مستمرة في التصعيد وتنويع تحركاتها وانشطتها وخطابها المعارض لوجود السلطة منتهية الشرعية، حيث شهدت خلال اسابيعها الماضية سقوط الكثير من الشهداء على يد أجهزة الأمن، في الوقت الذي زجت فيه بالمئات من ابناء وبنات السودان في السجون، بضمنهم قيادات سياسية وطنية ومهنيين وصحفيين ومعارضين من مختلف القطاعات، مؤكدة خلال ذلك، على أسلوبها ونهجها المتبع في معالجة تراكمات أزمتها البنيوية التي ترهق البلاد، فيما لوحظ مؤخرا تراجع خطاب البشير أمام الاصرار والتحدي الكبير الذي تمسك به المحتجون السلميون، إلا انه لم يبتعد عن المماطلة ومحاولة تسويف المطالب الشعبية من خلال تصريحات ومبادرات يقوم بها حتى ساعة اعداد هذا التقرير، وفي كلمة جريدة الميدان التابعة للحزب الشيوعي السوداني، اكدت على توحيد صفوف قوى المعارضة وحل التناقضات الثانوية بينها لأجل اسقاط النظام، وحيت نساء الانتفاضة، وفيما دعا عدد من المجاميع الطبية الى تنظيم وقفات احتجاجية بالمستشفيات معلنا عن مجموعة من التعليمات التي تتواكب مع نشاط تجمع المهنيين السودانيين، انطلقت احتجاجات أمس الاول امام سجن النساء بأم درمان من خلال موكب نسوي بدعم شبابي للمطالبة بالإفراج عن المعتقلات في سجون النظام.

كلمة الميدان

اصدرت جريدة الميدان الناطقة بلسان الحزب الشيوعي السوداني، كلمة تلقت "طريق الشعب"، نسخة منها، أكدت على "مساعي القوى السياسية المدنية ومنظمات المجتمع المدني والحركات حاملة السلاح لتقوية وحدة صفها وحل التناقضات الثانوية بينها، ووضع اسقاط نظام البطش والافقار كأولوية في عملها اليومي"، مشيرة الى، ان "وحدة وتنظيم عمل قيادة الانتفاضة المتمثلة في قوى الاجماع، ونداء السودان، وتجمع المهنيين السودانيين، ومنظمات المجتمع المدني، وتيار الانتفاضة بكل مكوناته، والحزب الجمهوري، وتيار الوسط، ولجان القيادة في الميادين، وغيرها من المنسقين في النشاط الجماهيري الذى ملك الشارع العريض واصبح سيده، هو العامل الذاتي الذى يشكل ركنا هاما للإطاحة بالدكتاتورية".

تحية للنساء

وحيت الكلمة "النساء السودانيات اللائي يقفن الآن في قلب حراك الانتفاضة، لمواجهة الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والاعتقال حتى بلغ عددهن الان 157 معتقلة، تعرضن لشتى انواع الانتهاكات بوضعهن في معتقلات لا تتوفر فيها ابسط مقومات الصحة والمعايير الانسانية، ودون ان يراعي النظام تأثير الاعتقال على الاسر خاصة الاطفال ومن هم في سن الدراسة، لقد انتزعت المرأة السودانية حق التنظيم والتعبير، وستنتزع كل حقوقها المهضومة بنضالها وليس منحة ولا هبة من جهة".
وناشدت "اسر المعتقلين والمعتقلات ان تنظم نفسها، والمطالبة بإطلاق سراحهم او تقديمهم لمحاكمات عادلة، ليرتفع صوت المعتقلين والمعتقلات ضد القهر والظلم في الاسر، ويتجاوب معهم صوت الجماهير الهادر في قلب الخرطوم وكل بقاع السودان".

وقفة الكوادر الطبية

من جانب آخر، اعلنت مجموعة من الكوادر والتجمعات الطبية، عن تنظيم وقفة احتجاجية، اليوم، بالتزامن مع البرنامج الاحتجاجي المجدول من قبل تجمع المهنيين السودانيين.
وقالت المجموعة في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، "نلتقيكم اليوم في فصل جديد من فصول معركة استعادة الوطن التي تتقدم بخطى ثابتة نحو النصر الأكيد، ونتقدم وفي أذهاننا ما عانى منه هذا الشعب الكريم من قتل وظلم وإذلال وتشريد وتمزيق لوحدته، ولا نتصور سوى تنحية هذا النظام وبناء وطن المحبة والسلام، والحرية والعدالة، فكان لزاماً أن نتلاقى جميعاً ونتفق من أجل الوطن في هذا الموقف التاريخي الذي ضم الكوادر الطبية"، مشيرة الى أن "الوقفة الاحتجاجية جاءت بالتوافق مع جدولة تجمع المهنيين السودانيين اليوم الثلاثاء ١٢ شباط كنقطة انطلاق لهذا الإجماع التاريخي داخل المستشفيات تعبيراً عن هذا الرفض لبقاء هذا النظام وبشعارات متسقة مع هذا الهدف المنشود وهو تنحي النظام".

موجهات عامة

وأكدت على توجهات لوقفات الكوادر الطبية المنضوية تحت لواء الأجسام الموقعة على البيان، حيث نصت على "إقامة الوقفات داخل المستشفيات في الميادين التي تتيح التنظيم الجيد لها، والالتزام الكامل بلبس اللابكوت كزي موحد"، مشيرة الى "عمل بوسترات وكتابة شعارات تتسق مع أهداف هذه الوقفة والحراك ككل، مع ترديد الهتافات الثورية والعمل على التوثيق الجيد للفعالية بصورة واضحة وفيديوهات للهتاف والتنظيم الجيد لصفوف الوقفات التي ستقام في تمام الساعة الحادية عشر من صباح اليوم الثلاثاء، بجميع المستشفيات السودانية"، علما ان البيان ذُيل، بأسماء، كل من "المكتب الموحد للأطباء، ولجنة صيادلة السودان المركزية، وتجمع اختصاصيي طب الأسنان السودانيين، بالإضافة الى اللجنة المركزية للمختبرات الطبية".

موكب نسائي لتحرير المعتقلات

الى ذلك، أطلقت الشرطة السودانية أمس الأول، الغاز المسيل للدموع، لتفريق عشرات المتظاهرين وهم في طريقهم إلى سجن النساء بأم درمان غربي العاصمة الخرطوم، وسط أنباء عن اعتقال العشرات من النساء.
ونقلت وكالة سبوتنيك، عن شهود عيان، قولهم إن "عشرات المتظاهرين تجمعوا في منطقتي السوق والشهداء وسط أم درمان، استجابة لدعوة تجمع المهنيين وثلاثة تحالفات معارضة، من أجل تنظيم موكب لمساندة النساء المعتقلات"، وأن المتظاهرين اقتربوا نحو مئة متر من السجن حيث تحتجز عشرات المعتقلات، لكن الشرطة أطلقت الغاز بكثافة وفرقت المتظاهرين.
وعلى صعيد متصل، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى موكب نسائي يتجه إلى سجن النساء في مدينة أم درمان، للمطالبة بإطلاق سراح عدد من اللاتي اعتقلن خلال مظاهرات خرجت في الخرطوم في مواكب سابقة.
وتجمهرت المئات من النساء من فئات عمرية مختلفة وعدد من الشباب عند الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي في قلب مدينة أم درمان على مقربة من سجن النساء، وتوجهوا إلى مقر السجن وهم يرددون هتافات تندد بالوضع الاقتصادي وتطالب بإسقاط النظام.