تتصاعد حدة القمع والاعتقالات التي تنفذها أجهزة الأمن السوداني تجاه المحتجين الذي لا زالوا في أصرار كبير من أجل اسقاط النظام الدكتاتوري، خلال تظاهراتهم واعتصاماتهم التي تجتاح المدن والأرياف بمشاركة شعبية واسعة، وأعلن تجمع المهنيين وحلفاؤه، أمس الأثنين، الى الخروج بتظاهرات ميدانية كبيرة، وذلك ضمن الأسبوع الاحتجاجي الذي دعا اليه مسبقا، وفي تطور جديد، كشفت المجموعة السودانية لحصر ومتابعة أحوال معتقلين ثورة ديسمبر 2018، عن قيام النظام بتصفية العديد من المعتقلين داخل السجون بعد أن استخدم معهم أسلوب التعذيب حتى الموت، مبينة بأن النظام اعتقال لغاية الان قرابة السبعمائة مواطن لا زالوا في السجون بضمنهم نساء واطفال حياتهم في خطر مستمر ما لم يتم الافراج عنهم.
وأعلنت المجموعات النسوية السياسية والمدنية (منسم)، عن الدعم النسوي الكبير للاحتجاج والاشتراك به، فيما أوضحت الصحفية السودانية شمايل النور، بأن غالبية نساء التظاهرات من أعمار صغيرة ويمتلكن إصرار كبير للمواصلة وتحدي عنف الدولة وقمعها الذي طال الجميع.

تعليمات جديدة

قال التجمع في بيان أطلعت عليه "طريق الشعب"، إن "المواكب الاحتجاجية سوف تنطلق من الاحياء المحددة في اتجاه الطرق الرئيسية وبالتزامن"، مشيرا الى ضرورة "الالتزام بالسلمية مع التأكيد على الاحتجاج السلمي في كافة الخطوات الساعية للتغيير".
ونوه على، إن "الانطلاق سيكون في تمام الساعة الحادية عشر من صباح يوم الأثنين"، داعيا "الجميع لرفع اللافتات واستخدام مكبرات الصوت والهتافات الموحدة ورفع الاعلام تعبيرا عن وحدة الصف الوطني تجاه قضية رحيل النظام"، فيما أكد على "أهمية توثيق الاحتجاجات من خلال الفيديوهات وطباعة وتوزيع اعلان الحرية والتغيير على الجميع".
وبين بأنه سيوفر "غرف طوارئ للمصابين والجرحى الذين يتعرضون للقمع الحكومي الذي أصبح معتادا من قبل الأجهزة الأمنية تجاه المتظاهرين السلميين العزل"، معتبرا بأن "خروج المواطنين للاحتجاج واشتراكهم بتنظيمها في كل المناطق هو دليل وتعبير حقيقي على الرفض للتعذيب والقتل الذي يمارسه نظام البطش الدكتاتوري".

تصفية واغتيالات

وفي الأثناء، أعلنت المجموعة السودانية لحصر ومتابعة أحوال معتقلين ثورة ديسمبر 2018، عن قيام النظام بتصفية العديد من المعتقلين داخل السجون بعد أن استخدم معهم أسلوب التعذيب حتى الموت.
وقالت المجموعة في بيان أطلعت عليه "طريق الشعب"، إن "ما تمارسه الأجهزة القمعية من تعذيب وتنكيل بالشرفاء من بنات وأبناء بلادنا الحبيبة، الذين يمارسون حقهم القانوني والدستوري، المنسجم مع المواثيق والمعاهدات الدولية بالتعبير عن رأيهم بالطرق السلمية، هي وحشية لا يمكن السكوت عنها"، مشيرة الى "لجوء الأجهزة القمعية لاستخدام اسلوب الاغتيالات والتصفية داخل المعتقلات".
وأكدت على أنه "لغاية الأن قامت هذه الاجهزة بالتعذيب حد الموت لمجموعة من المتظاهرين السلميين الذين رفضوا هذه الاوضاع المهينة" حيث "طالت هذه التصفية كل من عبد الرحمن الصادق سمل وهو طالب في جامعة الخرطوم، ومجاهد عبدالله سليمان أبن العشرين عاما، وهو سائق سيارة نقل خاص، في القضارف، والطالب في كلية الطب بجامعة الرازي محجوب التاج محجوب، وحسن طلقه، وفائز عبدالله عمر آدم وهو من أفراد القوات المسلحة بالمعاش جنوبي دارفور، بالإضافة الى تصفية الأستاذ احمد خير الذي يعمل بمدارس خشم القربة في ولاية كسلا شرقي البلاد".

سبعمائة سجين

وأضافت المجموعة بحسب البيان، إن "هذه الانتهاكات السافرة تشير الى وضع المعتقلين البالغ عددهم ما يقارب السبعمائة معتقل بما فيهم نساء واطفال وقاصرين وحياتهم في خطر كبير"، فيما بينت بأن "د. محمد ناجي الاصم الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين يتعرض للتعذيب المريع ووضعه الصحي في غاية الخطورة داخل السجون، مع الأستاذ المحامي بنيالا صلاح آدم النور الليموني"، فيما حذرت "قوات الامن من انتهاك القانون والدستور ومواثيق حقوق الإنسان الموقع والمصادق عليها المتعلقة بالحجز غير المشروع ومعاملة المعتقلين السياسيين والقتل خارج نطاق المحاكمات والقانون والمطالبة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين دون قيد أو شرط".
وناشدت كل "الجهات ذات الصلة بحقوق الإنسان بالتدخل الفوري لحماية حياة المواطنين السودانيين السلميين داخل معتقلات النظام"، مؤكدة على، إن "استخدام الاساليب السلمية كالتظاهرات والاضرابات والاعتصامات هي حقوق مكفولة بالقانون والدستور وهي السبيل للانعتاق ونيل الحرية والكرامة وتغيير النظام".
يُذكر أن البيان قد أرسلت نسخه منه الى كل من "وزارة العدل السودانية، اتحاد المحامين العرب، الامين العام لاتحاد المحامين العرب، مؤسسة الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان في جنيف، والأمم الامم المتحدة - لجنة مناهضة التعذيب".

نشاط نسوي مميز

وفي السياق، أكدت المجموعات النسوية السياسية والمدنية (منسم)، في تصريح لها، على إن "جدات وامهات واخوات وبنات ابطال السودان يقفن امام العالم احتجاجا علي التعذيب الوحشي حتى الموت واحتجاجا علي استعمال الرصاص والعنف في فُض الاحتجاجات والاعتقالات الواسعة وانتهاك حرمات المنازل وترهيب الآمنين الذين يطالبون سلمياً بحقوقهم"، فيما جرى التأكيد على "الوقوف النسوي مع المعلم الرمز الذي استشهد ومع كل شهداء الوطن، والاستمرار بالاحتجاج الى ان يسترد الوطن من عصابة البطش والطغيان".
وقالت الصحفية السودانية شمايل النور، في تصريح صحفي تابعته "طريق الشعب"، إن "نضال المرأة السودانية معروف على مر الزمان، لكن ما شاهدته خلال هذه التظاهرات مبهر ويفوق كل التصورات"، مشيرة الى تصديها لـ"شتى أنواع الانتهاكات من الضرب والاعتقال إلى الإساءات اللفظية"، فيما بينت بأن "القمع تجاوز كل الحدود حيث فقدت احدى الشابات عينها خلال الاحتجاجات في منطقة الأزهري بالخرطوم، وهناك سيدة قتلت في عطبره بعد أن أصابتها طلقة وهي في عقر دارها، وهناك سيدة أخرى توفيت بسبب استنشاقها الدخان في مدني"، موضحة بأن ذلك "لم يثنِ السودانيات عن تقدم الصفوف وأن الفئة العمرية لأغلبهن هي ما بعد عام الفين".