رشيد غويلب

تصاعدت امس السبت حدة  احتجاجات "السترات الصفر" الفرنسية  واتسع نطاق المشاركة فيها، بعد دخول النقابات العمالية اليسارية، وقوى اليسار الفرنسي على خط الاحتجاجات، مما عزز مضامينها الاجتماعية، ووضع الحركة على بوابة نقلة نوعية في مسارها. وبالمقابل صعدت  الشرطة الفرنسية من وسائل قمعها، مطلقة قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في وسط العاصمة باريس، وفي منطقة الشانزيليزيه.وحتى ساعة اعداد هذا التقرير ، اعلنت  الشرطة عن اعتقال 127 متظاهر. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قسوة التعامل مع طلاب المدارس المتظاهرين، أمام مدرسة "مانت لا جولي" الثانوية، شمال غربي العاصمة باريس. ويذكر ان 360 ثانوية اغلقت ابوابها بسبب الحركة الطلابية. وهذا الأمر دفع الحكومة للاستعانة بأولياء امور الطلبة لثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات، لكن هذه المحاولة لم تؤت اكلها.

 وكان رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، قد أعلن الخميس الفائت، أنه سيتم نشر نحو 89 ألفا من رجال الأمن في أنحاء البلاد، استعدادا لاحتجاجات يوم السبت، منهم ثمانية آلاف في باريس، فضلا عن نشر عربات مدرعة في الشوارع.

. وأضاف فيليب أنه سيتم استخدام نحو عشر عربات مدرعة تابعة لقوات الدرك وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها تلك العربات منذ عام 2005 عندما اندلعت أعمال شغب في ضواحي باريس. وبدأ طلاب المدارس الثانوية في فرنسا احتجاجات منذ ثلاثة أيام اعتراضا على غلاء الأسعار وغلاء الإيجارات و"تجاهل الحكومة" لمطالبهم.

النقابات العمالية والحركة الاحتجاجية

للمرة الأولى منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية، دعت نقابة السكك الحديد اعضاءها للمشاركة في الاحتجاجات والتعبئة لها، ودعت الى نقل المحتجين امس السبت بالقطارات مجانا. وكانت النقابات قد شاركت في الاحتجاجات المحلية في العديد من المدن،  منذ الاول من الشهر الحالي. ومثل ذلك خطوة اساسية في اغناء محتوى الاحتجاجات الاجتماعي.

وكان اتحاد نقابات CGT اليساري والقريب من الحزب الشيوعي الفرنسي قد بدأ سلسلة نشاطات نقابية منذ 14 تشرين الثاني الفائت بالتزامن مع اجتماع اللجنة الحكومية لرفع الحد الأدنى للاجور. وقد جاء، ضمن امور اخرى، في النداء الذي اصدرته النقابة: "إن التحدي الذي تواجهه منظمتنا هو تحويل هذا الغضب إلى توازن جديد في القوى يمكّننا من المطالبة وتحقيق تقدم اجتماعي حقيقي ، مجتمع عادل يتمتع فيه الجميع بالعيش الكريم".

يذكر ان ماكرون وطاقمه الليبرالي الجديد كان يعمل على اهمال الحركة النقابية، ولكنه اجبر الآن على البحث عن قنوات حوار معها.

 احزاب اليسار و حركة "السترات الصفر"

شهدت باريس امس السبت الى جانب احتجاجات "السترات الصفر"، مسيرة التعبئة العالمية من اجل العدالة المناخية. وقد دعا الحزب الشيوعي الفرنسي الى المشاركة في جميع الفعاليات: "يجب ان يلتقي السبت المواطنون بالنقابات والحركات السياسية" و"يطالب الحزب الشيوعي بتوسيع الحركة، ويطالب الحكومة ورئيس الجمهورية بتغيير نهجها".و دعا الحزب الشيوعي "في هذا السياق الى التظاهر السلمي. وسيقوم نواب الحزب الشيوعي وناشطوه بالتعبئة في جميع انحاء فرنسا، للمطالبة باجراءات حقيقية، تدعم القوة الشرائية".

ودعت حركة فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلنشون منذ البداية الى دعم الحركة الاحتجاجية ، وطالبت الحكومة بسحب قراراتها المجحفة. ودعا برلمانيو الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي وحركة ميلنشون الى دعم المطالبة بسحب الثقة من الحكومة.

 من جانبها اعترفت حركة "اوربا الديمقراطية 2025 " بزعامة وزير المالية الاسبق في حكومة اليسار اليونانية الى حالة الخلط والارتباك التي عانت منها الحركة تجاه الاحتجاجات، والتي شاركتها اياها قوى اليسار الفرنسية الاخرى، داعية الى اوسع مشاركة لتجذير الحركة، والعمل على ابعاد الفاشيين الجدد والعنصريين. واكدت في بيان فرعها الفرنسي على ان للحركة جانبا وطنيا عاما يتعدى المطالب الاجتماعية والاقتصادية، وتعني بذلك المطالبة بالمساواة الاقليمية التي على اليسار ان لا يتجاهلها.

وركزت الحركة المضادة للعولمة (اتاك) على تجاهل حكومة الرئيس الفرنسي ماكرون للمطالبات سواء تلك المتعلقة بيوم العدالة المناخية، او المرتبطة بالاجراءات غير العادلة التي اضطرت الحكومة الى سحبها مؤخرا. ودعت انصارها الى التعبئة لمسيرة المناخ وكذلك الى دعم الحركة الاحتجاجية.