سنتان مرتا على صدور قرار البنك المركزي المصري بشأن تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، لكن نتائج هذا القرار -حسب مراقبين- جاءت مخالفة للوعود التي أطلقها المسؤولون. حيث زادت الواردات وتراجع المردود السياحي، وانخفضت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، الى جانب تآكل رواتب المواطنين.

وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي: "كي تعرف مدى تأثير قرار تعويم الجنيه على الاقتصاد المصري يجب أن نعود لما وعدت به الحكومة حينها ومعرفة كم من تلك الوعود تحقق وبأي نسبة".

  رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الأسبق أشار في تصريح  إلى وسائل اعلام عربية الى أن وعود المسؤولين آنذاك "تمثلت في أن تخفيض قيمة الجنيه ستنعكس على الواردات وتؤدي لزيادة حركة التصدير والسياحة والاستثمار الأجنبي، وأن (هذا التخفيض) هو الحل الوحيد لإنقاذ هذه الملفات الاقتصادية الأربعة"، لكن "أيا من تلك الملفات لم يشهد تحسنا".

  وقال إن "الأرقام الرسمية أكدت أن الاستيراد زاد ولم ينخفض، رغم أن الحكومة اتبعت قرار التعويم بقرارات أخرى مكملة للبنك المركزي، ووزارتي المالية، والتجارة الخارجية، مثل وضع أسعار استكشافية وزيادة الرسوم الجمركية أكثر من مرة، وإنشاء هيئة للرقابة على الصادرات وتحديد سعر الدولار"، وأضاف "رغم ذلك لم يتحقق الوعد".

وأشار الولي إلى حديث وزيرة التخطيط هالة السعيد عن أن 60 في المائة من مكونات إنتاج الصادرات مستوردة وبسعر الدولار الجديد، وأوضح أن "هذا يعني زيادة فاتورة الاستيراد وتقليل مكسب الصادرات وضعف المنافسة في الأسواق العالمية".

وأضاف "حتى الزيادة الضعيفة في الصادرات جاءت (نتيجة) تصدير سلع بترولية ارتفع سعرها عالميا"، وقال "بالمقارنة بين واردات وصادرات المواد البترولية فإن الميزان البترولي سلبي".

وأكد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن قيمة واردات مصر في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بلغت نحو 44,7 مليار دولار، بزيادة تصل الى 6,8 مليارات دولار مقارنة بنفس الفترة من عام 2017 .

وأوضح الولي أن الصادرات ارتفعت إلى 17,8 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام بزيادة 2,3 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، ليرتفع بذلك العجز التجاري إلى نحو أربعة مليارات دولار. وتوقع أن يصل هذا العجز إلى خمسة مليارات دولار بنهاية هذا العام.

تراجع المردود السياحي

وبشأن الوعود الخاصة بزيادة الاستثمار والسياحة ذكر الولي أن الاستثمار الأجنبي المباشر  المتدفق الى مصر في 2017 بلغ نحو 7,4 مليارات دولار بانخفاض 8 في المائة عن العام 2016.

كما أشار الولي إلى تراجع المردود السياحي -على خلاف الوعود- ذلك أن المنشآت الفندقية والخدمية تستورد مستلزماتها بالدولار، بجانب زيادة تذاكر السفر وأعباء شركات الطيران.

وتحدث الولي عن معاناة المصريين "بين القهر السياسي والأمني من جهة وذل الأسعار وتآكل الرواتب بسبب التضخم الناتج عن تعويم الجنيه"، واعتبر أن أرقام التضخم التي يعلنها البنك المركزي خادعة ولا تشمل أسعار الخُضَر والفاكهة التي وصلت إلى مستويات قياسية.

من جانبه تساءل الخبير الاقتصادي رضا عيسى عما إذا كانت "الصادرات قد حققت المطلوب منها خلال العامين؟"، داعيا إلى محاسبة كل من أطلق وعدا ولم يتحقق.

وقال في حديث ان "ما يدّعون انه بشأن زيادة الاحتياطي النقدي هو مجرد قروض. وتحويلات المصريين في الخارج لا نعلم أين توجه، كما أن السياحة تشهد مزيدا من التراجع".

وأضاف أن "قرار التعويم لم يقدم للمصريين سوى السقوط أكثر في وحل الديون، وان كل ما حذرنا منه حدث".

رأس المال المحلي والدولة في خندق واحد

من جهته اعتبر رجل الأعمال حسين صبور قرار التعويم "قرارا شجاعا"، وقال لصحيفة "الوطن" المصرية إنه كان ضروريا، حتى وإن تأثر كثير من المواطنين وعانوا متاعب كثيرة.

وأضاف صبور "المواطن سيعانى قليلا، لكن بدأ القرار ينعكس على الاقتصاد بالإيجاب".

كما قال عضو مجلس النواب محمد وهب الله للصحيفة نفسها إن الدولة تدخلت لحماية محدودي الدخل من قرار التعويم، عن طريق زيادة المعاشات ورفع مرتبات الموظفين في الدولة وبرامج التضامن الاجتماعي.

هذا وأثارت ذكرى التعويم جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المحاسب سلامة الوكيل "اليوم الذكرى الحزينة لتعويم الجنيه..قالوا إنه سيأتي بالاستثمار لكن لم نر شيئا".