نرفض مشروع تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى ومقدماته فى التطبيع المتسارع مع إسرائيل

تتسارع الأحداث فى منطقتنا، حيث يحاول الطرف الإمبريالى الأمريكى الصهيونى فرض خطته المعروفة بصفقة القرن، والقائمة على تحالف عربى سنى فى مواجهة إيران، مع تحقيق المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية. برزت خطوة هامة فى هذا السياق أثناء القمة الإسلامية الأمريكية فى الرياض فى مايو من العام الماضى فى السعودية بمشاركة ترامب بدعوته لتحالف ضد إيران ولحماية الخليج وبمشاركة مصر والأردن، وهو ما أعلن عنه بعد ذلك وسمى بمشروع ميسا (اختصار العبارة الإنجليزية التى تعنى التحالف الاستراتيجى للشرق الأوسط-Middle East Strategic Alliance ) الذى يضم دول الخليج الست (وكانت قطر حاضرة الاجتماع) حيث مصر، لم تعلن مباشرة لا قبولها ولا رفضها لهذا المشروع، لكى يكون الحلف الجديد كما تم وصفه غربيا بحق (فرع إسلامى سنى لحلف الناتو فى مواجهة إيران)!!

ثم تأتى التطورات الأخيرة المتسارعة لارتماء الخليج العربى بأكمله فى أحضان إسرائيل، وتحويل العلاقة معها إلى العلنية الكاملة (بعد مدة طويلة من تصريحات نتنياهو بأن العلاقات العربية الإسرائيلية ممتازة بغير إعلان!) لكى نرى زيارة نتنياهو لسلطنة عمان بدعوة من السلطان قابوس، ثم اشتراك وفد رياضى إسرائيلى فى أبو ظبى فى دورة رياضية يعزف فيها السلام الإسرائيلى! رغم احتلال فلسطين والشهداء الذين تقدمهم كل يوم يقفز الخليج على دمائهم، ودماء كل شهداء المعارك العربية ضد إسرائيل، لكى يشيطن إيران ويجعلها عدوا، ويجعل من إسرائيل صديقا وحليفا!

هذا هو المضمون الحقيقى لصفقة القرن، حلف عربى صهيونى إمبريالى ضد إيران، والتطبيع مع إسرائيل ومصادقتها ضد إيران! وفى سياق التطبيع الاقتصادى يأتى مشروع نيوم وصفقات المشروع الغربى الإسرائيلى العربى الاقتصادى لما يسمى تنمية المنطقة (تماما كما قال بيجن منذ عام 1978 عن تحالف رأس المال العربى والعبقرية اليهودية والعمالة العربية لتنمية المنطقة!). كما يشتمل أيضا على تسويةـ بل قل تصفية القضية الفلسطينية على أسس إسرائيلية تشمل تنفيذ الأمر الواقع باعتراف أمريكا بنقل السفارة الأمريكية للقدس اعترافا بها، والترحيب بقرار يهودية الدولة فى إعلان عنصرى فج ضد كل القوانين الدولية فى دولة الاحتلال، وفى صدام مع الحس الديمقراطى العلمانى فى العالم أجمع.

ولكن لا مستقبل لتلك المشاريع غير فضح الأنظمة وإفلاس دول الرجعية العربية ومن فى كنفها، وهو ما سيقود الجماهير العربية إلى بناء قواها الذاتية، وإسقاطها لخيانتها ليس فقط لكل الدماء المسكوبة سابقا فى الحروب، ولكن أيضا خيانة لمستقبلها فى التحرر من الاستعمار الضرورى لصنع التنمية الضرورية لشعوبها! هناك فارق بالطبع بين انتقاد سلوكيات سياسية لإيران فى محاولة فرض توسع إقليمى، وبين إدانة تناقضها مع الاستعمار العالمى، والسعى لإعلان الحرب عليها بمشاركة أمريكا وإسرائيل!

مصر مطالبة بإعلان موقفها الواضح من رفض سياسة الأحلاف، وإن كنا نثق مائة فى المائة أن كل الشعب المصرى وكل الجماهير العربية لا تنسى الدم المصرى العربى الفلسطينى الذى بذل فى المعارك ضد الاستعمار والعدو الصهيونى، ومن أجل تنمية بلادنا، ولن تنسى كيف أدى الاستسلام التدريجى لمخطط عودة التبعية للغرب ومؤسسات التمويل الدولية إلى تزايد الفقر واستقطاب الفقر والغنى فى الداخل والتدهور السياسى فى الخارج الذى يبشر بانتهاء عهد تلك الأنظمة، وبناء مجتمعات عربية ديمقراطية ومستقلة عن النفوذ الغربى وتنتهج طريق التنمية لمصلحة أغلبية شعوبها!

 القاهرة فى: 2 نوفمبر 2018