رشيد غويلب
في 19 ايلول الفائت وجهت السكرتيرة العامة لاتحاد نقابات العمال في جنوب افريقيا نقدا لاذعا للاداء الحكومي لحزب المؤتمر الوطني الافريقي، الذي يشكل في الوقت نفسه تحالف "المؤتمر الوطني الافريقي"، والذي يضم الى جانب الحزب الحاكم الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا واتحاد نقابات العمال. وقالت بيكي نتشاليشالي المنتخبة حديثا لموقع السكرتير العام لاتحاد نقابات العمال، خلال مؤتمر الاتحاد المنعقد في مدينة ميدراند بالقرب من جوهانسبورغ: "نحن لا نستطيع البقاء في تحالف يتخذ فيه القرارات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي منفردا".
واضافت "نحن شركاء متساوون، ولا مكان هنا لاخ أكبر، او لطعام مجاني، او التوقيع على صكوك بيضاء". ومن الناحية العملية، غالبا ما يشعر ممثلو النقابات بالتهميش عند اتخاذ القرارات المهمة، لذا طالبت الزعيمة النقابية بوجوب "انهاء هذا الاسلوب السيئ، والاخبار ليلا عمن سيكون وزيرا".
وتعيد نتشاليشالي الى الذاكرة قرارات الرئيس السابق جاكوب زوما في نيسان 2017، عند تسمية وزراء، بأمر دبر في ليل، ودون الرجوع لشركائه في التحالف الحاكم. وعلى الرغم من ان الرئيس زوما اصبح جزءا من التاريخ بعد اجباره من قبل الحزب الشيوعي واتحاد النقابات، وفي نهاية المطاف من حزبه ايضاً على الاستقالة، الا ان القائدة النقابية ارادت العودة الى تشديد رفضها لهذه الممارسة.
لقد جرت مراجعة وتحقق بعض تقدم، ولكن "التحسن الحاصل في التعامل مع الشركاء" لايزال "سطحيا كما في السابق". واشار التقرير السياسي المقدم الى مؤتمر اتحاد النقابات الذي استمر اربعة ايام، وانهى اعماله في 22 ايلول الفائت، الى ان حزب المؤتمر الفريقي لايزال ينظر الى نفسه باعتباره "شريكاً متفوقاً".
وفي المحصلة توصل غالبية المندوبين الى انه من الخطأ استنتاج وجود ازمة في التحالف الحاكم، وطالبوا اعضاء النقابات بالانتماء الجماعي الى حزب المؤتمر الوطني الافريقي لتغييره من الداخل. كما قرر المندوبون، على الرغم من الامكانيات المالية المحدودة، دعم الحملة الانتخابية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في العام المقبل.
وجاءت تركيبة قيادة اتحاد نقابات العمال التي انتخبها المؤتمر لتدعم التوجه للحفاظ على وحدة التحالف الحاكم وتجديده. فالرئيسة الجديدة للاتحاد، زينغيسوا لوسي وهي اول امرأة تنتخب لهذا الموقع، كما انها عضو في اللجنة التنفذية لتحالف المؤتمر الوطني الافريقي، وعضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في جنوب افريقيا. وفي اول خطاب لها بعد انتخابها اكدت لوسي، "العمل المتأني والأكيد لانعاش التحالف". وقالت ان اتحاد النقابات "مستعد لمواجهة التحديات التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدولية المقبلة".
وكان الحزب الشيوعي الجنوب افريقي قد اكد في وقت سابق الالتزام ببرنامجه، والعمل على تعزيز دوره، وطالب بإعادة بناء التحالف على اساس وضعه الحالي كمؤسسة في المركز وليس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وشدد الحزب على وضع آليات جديدة لاتخاذ القرارات داخل التحالف.
يذكر ان مناقشات مندوبي المؤتمر 14 للحزب الشيوعي، الذي عقد في خريف 2017 عبرت عن القلق جراء التطورات التي يصعب تجاوزها، نتيجة لنشاط كتلة الفساد في قمة قيادة الدولة، والتي اساءت الى سمعة المؤتمر الوطني الأفريقي، بما يؤدي الى فقدان دوره الريادي السياسي في الانتخابات القادمة. وهناك خطر صعود تحالف معارض انتهازي غير متوافق الى قمة السلطة في البلاد.
وتشير تجربة استلام المؤتمر الوطني الأفريقي للسلطة الى تمركز كتلة من البرجوازية الوطنية التقليدية في التحالف. وكان التحالف قد قام حينها على اساس رفض هذا التوجه، والمطالبة بوطنية ثورية كشرط لقبول قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي للتحالف.
ومنذ تولي الرئيس المقال جاكوب زوما ومناصريه قيادة البلاد، بدأت هذه الكتلة بطرح نفسها بشكل مكشوف ومتغطرس. وتتشكل تركيبة البرجوازية المحلية من البرجوازية الوطنية الساعية للسيطرة على رأس المال الصناعي، والبرجوازية الكومبرادورية المنحدرة من اجراء من الفئات الوسطى السوداء، التي تعمل مع رأس المال الكبير الأمريكي و الاوروبي، والآسيوي، لتقاسم الكعكة، كذلك البرجوازية الطفيلية الساعية للثراء من الأموال العامة.
هذه التشكيلات الثلاث تتنافس مع بعضها، دون تناقض في ما بينها. وهم يسعون سويا الى الهيمنة على المؤتمر الوطني الافريقي، وقد اخذوا يحددون هيكليته. وبالتأكيد سيؤدي ذلك الى صراع مع مصالح الطبقة العاملة والفقراء المهمشين في المدينة والريف.