
المجابهة ُ لابد منها، بين الواحد المتعدد في المغلوبين
والكثرة التي لا تحدد نسل المظالم والحروب. الواحد
دائما يخبرني: نهاية المجابهة أنني من الخاسرين، لكن
المجابهة هي الطريق إلى ضرورة الحرية. اعترضتُ
كلامه وخاطبته بحنو: أليس الرهان على الخسارة انتحاراً يزيد الكثرة تعسفاً؟ ردني متسائلا : أليس السكوت تضامنا خانعا مع العري المسلّح للكثرة ؟ فجأة ً غمرنا صمت ُ عميق
وفجأة رأيته واقفا على خشبة مسرح بِلا جمهور، لم يقل أي شيء، عيناه قالت جملة ً واحدة: الحق معي و.
(*)
لك َ المتخفي من كنوز الأرض، ولك شبه المعلن في مصارف الهناك. لك كنوز في سراديب البحار، اعتصمت بكرسي مخطوف، امتلكت المطارات والعقارات والملاعب والملاهي والصالات الخضر، يقال لك أطيان ٌ في السماء الدنيا، وأنفاق تستعملها للضرورة القصوى، تسعة أقنعة تستر عاهات وجهك المتوارث. طوع مزاجك الثقفي نفرٌ من الجن
مكتبتك العظمى ماتزال بِكراً منذ امتلكتها، هل تخاف تصفح كتبها؟ أليس الكتب مرايا نرى وجوهنا فيها، وطرقنا التي ترحب بنا، ومستقبل قاماتنا؟ ما الذي ورطتك بهذه المكتبة؟ أي داهية ٍ يريدك أن تتصفح ولو كتابا واحداً، لترى وجهك،
ومصير قامتك.. أما أنا فغنيٌ بفقري الذي زودني بجناحين، لأرى جمال ثياب الأرض وموسيقاها التي تلامس الينابيع
وفي حيزٍ بالكاد أراك، فكيف أرى كرسيك!!
(*)
كن ليناً بالرحمةِ، لا بالهدايا، مهما نأيت، فأنت على هذه الأرض، السلالم تورط قدميك، الحيات تلتهم السلالم
هذه اللعبةُ حلقةٌ لا بابَ لها، ولا هناك نقطة في وسطها
حتى ترسو أنت عليها. الأرض لا تكترث، وهي واسعةٌ سعةُ الرحمةِ، لا تشغل نفسها بك أو بسواك، نحن نتكرر في رحمها، أنت لم ترَ، أنا رأيتُ تراباً يصارع تراباً فوق التراب. تحت التراب هناك بنايات ترابية تسع النائمين والنائمات، وتحت هذه الغابات الترابية، مناجم ومصانع وزوارق تسير بلا ماء، زوارق تنبع من هناك وتقصد هناك آخر لا تتضح ملامحه لنا، إلاّ بالقين، أو بالمخيلة.
(*)
هو انسحب لم يهرب، هو انهزم فهربَ، هو لم يهرب ولم ينسحب، ولم ينهزم. لم تضرم معركة ً حتى يهرب.
هو.. مَن هو؟
(*)
عليك أن تعرف: الشجاعة ُ التي لا تستعين بالفطنة، لا تنجب غير المتهورين.
(*)
كلامي كمن يتمم كلاما انقطع، يومها السماءُ ترذ رذاذها الذي زاد الهدوء تأملاً وزادي بهجة في تأملاتي، الرذاذ طفلُ خجولٌ، ينقر الزجاج بمنقار عصفور، يمر على الوجوه بجناح فراشة ٍ، وعلى الملابس بأصابع أم، الرذاذ
تحبه الأشجار، تراقصه الغصون، تتأرجح قطراته في راحات الأوراق ولا تصل الأرض، فهو يلامسها ملامسة الحرير للحرير، الأشجار الأمهات مخابئ، تخفي ما وراءها، مازالت السماء ترذ، رذاذها على شط العرب، وهو يروح ويجيء، تاركةً بثوراً بيض على وجهه الأسيل.
(*)
الغبشُ ملتبسُ الملامح، بعد سورتين من القصار، وكل الأشياء تطفو في ذهب الشمس، واجهات المباني، حدائق الشوارع، نوافذ البيوت، الأشجار المؤدية للجسور، والمآذن
التي توصلك لسوق المغايز، إلا تلك الوجوه التي نادمت التقنيات، ها هي كالماشية في نومها. نسوة ٌ بعباءات ٍ تهرول نحو دار القضاء، نسوةٌ يقصدن موقف السيارات إلى (حمدان) لمواجهة من تعفنت أحلامهم في الطامورات
لا يملكون نقوداً، تصير مفاتيح لحرياتهم.
(*)
صياد يصيد ويرمي الأسماك الأطفال إلى النهر، يرنو إلى الراسيات العتيقات الغاطسات للنصف في الشط، ويكلم نفسه
كم قطة ً تحتاج هذه السفن، لتتخلص من الفئران؟ وكم فأراً تحتاج لتتخلص السفن من العقارب؟ كم مكنسةً يحتاج الشعب
ليخلص الهواء من الفاسدين والفاسدات؟







