وحده ُ مَن يتكئ على نفسه ِ وأحلامهِ، هو الذي درَس َ فأوعبَ، وهو الذي جمع فأوعى. رأيتُه في بخارى، ثم سار عنها، سمعتُ أنه يقيم في بلخ، يبلسم ُ أحلام المعوزين، وحين وصلتُها، أستوقفني طفلٌ بدمعتين كبيرتين : سيدي أصابك الفوات. فجأة ًصارت شاشةً بيضاء ذاكرتي، ثم ظهر في الشاشة، قوسُ قفا رجل ٍ، تصورتهُ يبحثُ عن ما ضاع منه ُ في هذا المكان.
مكثتُ أعاينهُ، ثم استدار صوب زقاق ٍ. فسطع َ سيداً مكتسياً المهابة، خطواته القصيرة تشي أنه يتنزه ُ. أما الآن فهو يمشي وقد تقوس أعلى عمودهِ الفقري، قدماه هادئتان في خطوهما، كأن يتحاشى أن يدوس كائناتٍ لا يراها سواه. رأيته ُ يسبّح، ولم أرَ مسبحته الزرقاء، ولا أرتمى ظله على جدار ٍ أو على أسفلت الزقاق. نفد صمتي، ناديته وأنا واقفٌ حيث كان يبحث: يا عم.. هل ضاع منك شيءٌ؟
توقف وعيناه ليست نحوي: مسبحتي، تتدلى من مقبض سيفي، وسيفي تدثر بمصلاتي ومصلاتي في مشكاتي. سألته : مولاي : ماذا .. هنا؟ بعينين مغمضتين أجابني
: هنا فقدتُ صحبتي.
هنا..؟ كيف..؟
فقدتهم أثناء سقوط عافيتي من علوها.