أحلى شي بالدنيا صدفة / نظرة تملي إحساسي لهفة

كلمة حلوة بصوت دافي / من شخص ماجنت أعرفه

حبيبي أنا الآن في متنزه السماوة (العالوتي) مع صاحباتي اللائي يتشوقنَ لرؤيتك، فتذكر المعشوق أغنية قديمة لعبد الجبار الدراجي ( لّمّي صاحباتك / بَشري كل خواتك/ قضينا أيام بالغربة وجينة) ، فتعال إذن وإجلس معنا حيث الناس في حشرٍ وإكتظاظ . هذا صعب للغاية أيتها المدلّلة وسط مجتمعٍ منسحقٍ بالتقاليد الخطيرة، فمن الممكن أن يتعرض المرء للقتل لو رآه أحد أخوانهنّ أو أقاربهنّ لكونه غريبا يجلس وسط نساءٍ خمس، فهذا هو المجتمع المحكوم بالإستبداد الديني. مهما يكن من أمر حقنَ المعشوق نفسه بمصل الشجاعة وفعلها وجلس فوق العشب السماوي البارد تحيطه أربع نساءٍ والخامسة هي الحبيبة المشتهاة، ومن بين هذا الإسترخاء المهفهف همس لنفسه ( تباً للخوف) الذي لم يخلق غير الحرمان والهوان. المتنزه مزدحم بالأطفال فإنه عيدهم أولاً وآخراً حيث دواليب الهوى والعاب أخرى تبهج الروح الطفولية النزقة. من مذياع تلفون الحبيبة الوالهة، كان صوت المغنية الصاعدة ( أصيل هميّم) وأغنيتها الناعمة ( أتمنى أضمّك بالكلب ما عوفك ولاساعة / تدري أنت بأول فركتك عيني بقت دمّاعة ). أصيل هميم لها صوت يسمح للقشعريرة بالسريان في دواخلنا، تغني بصوت التردد المنخفض الذي يعطي السامع السلطنة والإصغاء، كما وأنها جدّدت الذائقة السمعية وأعطتها نكهة الفرح والإنشراح حيث إبتعدت عن الحزن العراقي الشديد المتعارف عليه في الأغنية العراقية، أضف الى ذلك أنها تنتقي الكلمات التي لها وقع دافيء على الروح، فكلمة (دمّاعة) هي جديدة على الشعر العامي فالعراقي في أغلب الأحيان يقول (العين تدمع أو دامعة) وتكاد تكون أول مرة يطرحها الشاعر( ضياء الميّالي) فكانت لها صدىً رائقاً من شاعرٍ إخترع الجديد فكان موفقاً بإمتياز. ثم بعدها جاءت أغنية ( أحلى شي بالدنيا صدفة/ كلمة حلوة بصوت دافي / من شخص ماجنت أعرفه/ كلبي إذا يهواك حقة/ يللي كل قسوتك رقة ). فعلاً هذا الحبيب الجالس بين طيور الجنائن إلتقى بحبيبته في صدفةٍ غريبةٍ خلقت هذه الصدفة الأخرى التي جمعته بصاحباتها الأربع، وما أجمل أن تنتخب لك الطبيعة حبيبة دون تخطيط مسبق بل بالصدفة المحظة التي لاتحتاج الى وقفة في ناصية الشارع وأنت تنتظر كما عاشقِ هندي مرورها بشغفٍ ومشقة. في الجلسة لابد من الحبيب أن يكون كريما، فتعمّر العشب الأخضر بالآيس كريم والعصائر، فكان الآيس كريم يُمضع بخمسة أفواهٍ إنثويةٍ كما هذا الآيس كريم الشهي مما أعطى الروح طيرانها الى سحابِ آيروتيك اللحظة والحب. فياليت شباب السماوة يفعلونها بدلاً من التسكع في المقاهي والشوارع مع نفس جنسهم ( رجل مع رجل) مما شجع على اللواط الغريب العجيب وزواج الغلمان بالغلمان الذي لم نشهده على مر السنين المنصرمة. في نهاية الجلسة قدّم الحبيب أطنان شكره لخمس نساءٍ تجاوزن الأعراف بكل جدارةٍ وثقةٍ عاليتين ليجلسنّ مع رجلٍ غريب أمام الملأ وسط مدينةٍ مرعبةٍ بأعرافها، فهل يأتي يوما نرى به السماوة على شاكلة هذا الجمال والرقي اللذين يُرتجى لهما الإستدامة والمضي لكسر التقليد السائد والمدمر لروح العواطف والحب والألفة بين الرجل والمرأة .

عرض مقالات: