"طريق الشعب "
أمسية المقهى الثقافي العراقي في لندن التي قدمت في 27 نيسان2018 كانت الأمسية الرابعة والسبعون بعد سبع سنوات مضت من عمر الأمسيات الثقافية التي تواصلت دون أنقطاع منذ بدأ المقهى في نيسان 2011 وكانت موضوعاتها في كل حقول الثقافة الأبداعية ، أستطاعت فيها تقديم الثقافة العراقية من قبل مبدعين عراقيين ومختصين وأشاعت جوا ثقافيا بين ابناء الجالية العراقية وأصبح المقهى جزءا من أهتمامهم فهم يواصلون حضور فعالياته ويشاركون فيها بحماس تجلى ذلك في حواراتهم ومداخلاتهم وتساؤلاتهم .. اما تنوع المواضيع لتلك الأمسيات هو الآخر كان مثار الأعجاب والمتابعة فقدمت الأمسيات الروائية والشعرية والفلسفية والنقدية والسينمائية والموسيقية والغنائية ..الخ، أمسيات عالجت القصة والمسرح والفنون التشكيلية ،و كل أنواع الثقافة .
وأمسية اليوم قدمها الأعلامي أحمد حسين سلمان قال في مبتدئها :" ندخل العام الثامن لأمسيات المقهى الثقافي العراقي في لندن بالأحتفاء بالاستاذ عمار علو وهو عازف ساكسفون بمناسبة صدور كتابه ( الساكسفون ونغم الربع) ...
بدايات عمار علو تكاد تكون معروفة لجميع الحضور لكن لا بأس من التعريج عليها .
عمار علو وهو صبي عمره 14 سنة تعلق بآلة الساكسفون وأحبها فمنحها الحب ومنحته كل الامكانيات التي تقدمها آلة غربية لطفل ولد في الشرق وهذه القضية هي الأساس بولادة هذا الكتاب ، ولنقل النظرية الجديدة التي دونها مؤلفها ، وحسنا فعل ، والتي زاوجت بين الروح الشرقية والآلة الغربية وبالتالي جاءت تتويجا لدراسة عمار علو الذي بدأت مبكرا ، مع هذه الآلة، فقد تتلمذ لثلاث سنوات في العراق على يد الأستاذ عبد الرزاق ، ووقتذاك لم يتعلم العازف الصبي ، او حتى لم يفكر في ان يعزف الربع تون.. وقصة الربع تون جاءت بعد أن واجه عمار علو نفسه وهو يعزف البوب الغربي على الآلة .. لكن عند مغادرته العراق حين كان في عمر الـ 19 عاما .. فتبدأ الحكاية ليس في الأردن محطته الأولى انما في المانيا والتي فيها وجد فيها العازفين الحقيقيين ..وهناك بدأ المنفي عمار في البحث عن هويته .. وهوية الموسيقي هي العراق الملآن شجن وموسيقى .. هنا أستفزت ذاكرة العازف الروحية والشعورية التي تختزن المقامات الشرقية التي يصعب عزفها على آلة الساكسفون ..وبالطريقة الأكاديمية .. لذلك
بدأت "الناستولجيا" الحنين عند عمار فأتحذ قراره :" لن أتخلى عن الساكسفون مثلما لن أتخلى عن الذاكرة الشرقية النغمية التي في راسي ". فبدأ التفكير بايجاد حل ".. هكذا قدم أحمد حسين وأضاف:
"التقيته بالصدفة في لندن بعد ان ترك المانيا وروى لي كيف أنه يعاني من هذه المشكلة ، وهي كيفية ايجاد السبيل لتحقيق فكرته وتطبيقاتها في عزف الانغام الشرقية على آلة غربية .. وهي تحديدا الساكسفون .. أحببت الفكرة وقلت له حسنا لنعمل على وضع قواعد وندونها لتصبح دليلا للشباب الذي يأتي من بعدنا .. وفي هذا السياق قادنا الى الحديث عن البوب العربي فألهام المدفعي الفنان كان احد المجددين في هذا الموضوع لكنه لم يضع لنا كتابا ".
عمار علو وضع هذا الكتاب وحققه وهو الأن بين ايدينا وأدعو الى مطالعته لأن فيه حكاية هذا الرجل الذي أحب آلته الموسيقية منذ فتوته وانتج لنا قاعدة عزف النغم الشرقي على آلة غربية .
ثم ترك الحديث لعمار علو الذي بدا حديثه بالشكر للمقهى والحضور وأكد ان ما عمله هو في العزف على الآلة لم يكن هو الوحيد انما هناك الكثير الذين عزفوا الربع تون على هذه الآلة ..ويعزفوه بطريقة جيدة وجميلة .. لكنهم لا يعلّمون طريقة عزفهم الا لقلة من المقربين عليهم ومن الذين يختارونهم ليخلفوهم ، اي ان مهنة العزف تقتصر على نخبة مختارة ، تحافظ على (سر المهنة).وهناك من الغربيين الذين يستطيعون عزف الربع تون لكنهم لا يعرفون اين يستخدموه لأن موسيقاهم خالية من هذا النغم وهم اساسا لا يعزفون المقامات الشرقية ..وهناك من يعزف الشرقيات بطريقة الأرتجال وهم بذلك يظهرون مقدرتهم وأمكاناتهم في التحكم بالآلة .. وأكد عمار علو على :
"الذي دفعني الى ما عملته في تدوين تجربتي بهذا الكتاب .. لأني أحببت أشارك النتائج التي توصلت لها بعد سعي ومعاناة طويلة وتقديمها للآخرين ..وحتى انني وضعت تلك الطريقة وعرضتها في البداية على صفحتي بالفيسبوك .. لكنني بالحوار مع الأستاذ أحمد حسين ، تبلورت فكرة طبع الكتاب لتعم الفائدة".
وجاء عمار علو على أمثلة كثيرة عن الأنغام الشرقية التي تحتوي على الربع تون وبعض المقامات وخاصة في الموسيقى العراقية وواصل الحديث عما تضمنه الكتاب، لكنه أشار ان حديثه لا يغني قطعا عن مطالعة الكتاب . ثم أضاف : "وضعت اسس وقواعد العزف من خلال تجاربي الذاتية وتمارين حققتها أضافة الى متابعتي الى عازفين كنت أتابع حركات أصابعهم على أزرار الآلة وكيف يعزفون وكنت أدرسها مع نفسي .. وأعيد تطبيقها ..فهؤلاء الذين كنت أراقب عزفهم لم يشرحوا لي طريقتهم ولم أسمع منهم حديثا نظريا ..أنما سعيت الى مراقبتهم ثم تطبيق ذلك على آلتي وصرت أدون ما أتوصل اليه من نتائج ".
ثم قدم عمار الموسيقيين الذين سيشاركونه في هذه الأمسية وقال ان ما دونه في الكتاب من نظريات سيجري تقديمها عزفا من قبل موسيقيين سيشاركونه في هذه الأمسية وهم الأستاذ علي قيردار عازف أيقاع من العراق والأستاذ مؤيد غلام عازف بيانو من العراق ايضا وجاك بيرغس عازف الساكسفون من بريطانيا والأستاذ فاروق الصافي عازف الايقاع وهو من مصر .
وابتدأت التطبيقات بعزف قدمه عازف الساكسفون بيرغس البريطاني المحترف .. وقال عنه علو :" أنه يعيش من عزفه ولم يعزف سابقا الربع تون ..لأنه لا يحتاجه في عزفه .. والفكرة انه سيقرأ النوتة لما كتبناه لمقام الخانبات البغدادي وهو لاحظ وضعية أصابع عازف هذا المقام كما موضحة في الكتاب" وفعلا عزف جاك لحنا معروفا لدى الحضور لمقام عراقي آثار أعجابهم .
وتواصلت الأمسية لأكثرمن ساعتين أزداد فيها الحضور من معرفتهم لمقامات العجم والنهاوند والخانبات وغيرها أستعادوا فيها ما سمعوه من أغاني الوطن البعيد والذي جاءت به الأمسية لهم فصاروا يرددون مع العازفين جاك وقيردار والصافي ومؤيد والصولو صاحب السكسفون والكتاب والأمسية الدكتور عمار علو الذي عرفنا عنه انه يعمل في أختصاص نقيض لموضوع هوايته وكتابه فهو يعمل متخصصا في مجال بحوث أمراض السرطان في أحد مستشفيات لندن المهمة .
هنأت "طريق الشعب " المقهى الثقافي العراقي في لندن بدخوله عامه الثامن وتمنت له العطاء الدائم والمستمر .