تعد انتفاضة تشرين في ذكراها الأولى، فاتحة مسار شعبي يدرك حقوقه التي سلبت منه.
فما هو دور الثقافة والمثقفين في إغناء هذه الانتفاضة الباسلة.. رأيكم يهمنا وصوتكم يعنينا.
توجهنا بهذا السؤال الى عدد من الكتاب والاكاديميين والمثقفين العراقيين والعرب في الداخل والخارج، وتسلمنا اجاباتهم التي ننشرها تباعاً.
المحرر الثقافي
دور الثقافة والمثقفين
في إغناء الانتفاضة

صبيحة شبر*

في الذكرى الأولى لاندلاع الثورة العراقية الباسلة التي اثارت اعجاب العالم بشجاعة الثوار وإقدامهم، وجعلت الناس كلهم الأصدقاء والأعداء ايضا يدركون ان العراق فيه شعب لا يمكن ان يموت، ولا تستطيع قوى التسلط والعدوان القضاء على نضاله الدائب من اجل تحقيق ارادنه في تغيير الحياة الى افضل، اصبح التمتع بالنعم التي حباها الله لهذه الأرض الطيبة، ولطالما ردد المهاجمون ان الشعب العراقي ليس بوسعه استعادة حقوقه التي سلبت منه، وانه خانع وجبان، ولكن الثورة الشجاعة أثبتت خطل هؤلاء وسذاجتهم، ولم تكن ثورة تشرين الأولى التي قام بها العراقيون لجعل الحياة تبتسم أمامهم وتزيل وجهها العابس باستمرار، لقد سبقت هذه الانتفاضة انتفاضات عديدة منذ الاحتلال عام2003 وقبله ابان النظام الدكتاتوري الذي كان من نتائج جبروته وحروبه العبثية ما نعانيه اليوم ومهما بلفت القسوة التي استخدمت أمام إصرار الشعب قوية وعنيفة، الا ان الشعب بقي صامدا مصرا على الانتصارليحقق ما يصبو اليه من حياة كريمة.
لقد اندلعت مشاعل الثورة لتبين انها قادرة على دك عروش الطغاة وعنجهيتهم، ان بامكانها تحقيق طموحات الشعب بالوحدة وتناسي الاختلافات الثانوية، وادراك ان وحدة شعبنا وارادته بتحقق مطالبه العادلة كفيلة بالانتصار على قوى الظلام،ان كانت هناك قيادة موحدة للثورة،تقوم بتوزيع المهام بمسؤولية وحسب القدرة والكفاءة، لقد استطاعت الثورة التشرينية ان تعيد الشعور بالمواطنة الى الآف العراقيين الذين جعلهم الحرمان الطويل ينسون انهم مواطنون في بلاد غنية وعليهم ان يناضلوا من اجل استرجاع ما سلبه الطغاة منهم ... لقد ساهم المثقفون العراقيون في ثورة تشرين كثيرا سواء كان ذلك في ساحات التظاهر او بأقلامهم التي تدافع عن حقوق شعبنا بالحياة المبتسمة الكريمة،او رسوماتهم او مسرحياتهم الداعية الى ان يلبي جمهورها نداء الوطن الغالي في التخلص من التردد والخوف، كما ان عليهم أيضا ان يناضلوا بأدبهم وفنهم لجعل القرار عراقيا، لا يأتمر بأية دولة من الدول، بل يسعى ان يكون العراق مستقلا صديقا للجميع، وله علاقات دبلوماسية تتناسب مع مصالحه وسعادة شعبه،وعلى المثقفين ان يتحلوا بالتفاؤل، الذي يستطيع ان يصنع الحياة ويبدد أساليب الإرهاب واللامبالاة التي كثيرا ما تغرس اليأس في النفوس، فالمتشائم لايمكنه ان يرى ضوء الشمس ولا جمال الفجر ولا يتمتع بعطر الورود وتوقها للحياة، فلا يستطيع ان يناضل من اجل ان تتغير الحياة، فهو يرى ان كل شيء لا جدوى منه وان الحياة عبث وموت.
ـــــــــــــــــــ
*
كاتبة وروائية
*****************************************

الانتفاضة .. مدونة تاريخية / عصام كاظم جري*


محاولة تغيّيب العراق كدولة لها سيادة في محيطها الجغرافي ، وجر الوطن ليكون منحرفا عن بوصلة سيادتة واستقراره الأمني فعل مخطط له ، بغية تبعيته لدولة أخرى ، هذا ما يحلم به الفاسدون، العملاء اللصوص الخونة الذين تربعوا على عرش السلطة، ونخروا خريطة الوطن بفسادهم وسرقاتهم ، نعم.. السلطة ولا أقول الحكومة فثمة فرق كبير بين أبوية الحكومة وقمعية السلطة، من هنا ولدت انتفاضة تشرين ، انتفاضة القيم الاخلاقية، انتفاضة (التكتك) . والشاعر والحارس ، ثورة تشرين ٢٠١٩ لم تكن ثورة ضد انقطاع تيار الكهرباء المزمن أو مطالبة بماء صالح للشرب، لم تكن ثورة خريجين لاستحصال التعيين وغلق ملف البطالة المعدية، لم تكن للمطالبة بمنافع شخصية محدودة وضيّقة، لم تخرج الملايين من أجل منحة أو قطعة أرض أو زيادة براتب ما ، بل كانت ثورة مغايرة تماما في مطالبها وأهدافها وتوجهها ، خرج العراق كله ليريد : (وطن ) .ونزل الجميع تحت عنوان : (نازل أخذ حقي). خرج الفلاح والعامل ، الطالب والمعلم، الطبيّب والمهندس ، خرجت الأم والأخت والزوجة والبنت ، خرج الغني والفقير للمطالبة : ( بوطن ). خرج المثقف العراقي بكل أطيافه: الشاعر والناقد والسارد والفنان والممثل والمسرحي والمخرج والإعلامي والنحات ليعبّروا عن الخلاص المنشود من شلة لصوص سرقوا الوطن ، وكان المثقف جزء لا يتجزأ من مصير هؤلاء الناس ، فهو ليس بمعزل عن همومهم وتطلعاتهم ، وقد لعب دورا مهما في انتفاضة تشرين الخالدة ، فلم يكتف بالهتاف والصرخة ، لم يكتف بقراءة قصيدة حماسية ، لم يكتف بالحضور ، بل أسهم مساهمة فعلية عن طريق نصب خيمة مع بقية خيام الكرامة والشرف والعز ، وصار جداراً لصدّ حكومة القناصين وقدّم الأغلى من هذا حتى طالت يد الغدر والقمع والقتل القنص، الكثير من الأدباء والشعراء والساردين والرسامين لتهبط بعد حين ، عبر منبر الصفحة الثقافية لصحيفة الشعب (طريق الشعب). أدعو الادباء والفنانين والاكاديميين لممارسة فعلهم ودورهم في تدّوين انتفاضة تشرين ، وتناولها ثقافيا لنجعل منها مدّونة تأريخية تمرّ عليها الأجيال القادمة وتؤسس لثقافة جديدة...
ـــــــــ
*
شاعر