((يا لذلك التوق الى أماكن لم تنل استحقاقها في الساعة الغابرة)). ريلكه.. عبارة اولى وضعها جاسم عاصي لكتابه ( بيت الحمام ).
والمكان من الناحية اللغوية على اختلاف المعاجم بمعنى الموضع إذ أورده ابن منظور في معجم لسان العرب بصفته (المكانة المنزلة.. والمكانة الموضع) المكان مبحث من اهم مباحث الطبيعة التي اشتغل عليها الفكر الفلسفي الاغريقي وكان لزينون الالي قد نفى وجود المكان!
يقول أرسطو : (ان شك زينون يتطلب حجة ما فاذا كان كل موجود يوجد في مكان فمن الواضح ان يكون للمكان مكان وهكذا يمر بلا نهاية.
فهرس الكتاب ضم قسمين:
الأول/ التخريج الثقافي والمعرفي
الثاني / قراءة نصوص المكان
يتناول الأستاذ جاسم عاصي قبل الدخول في التفاصيل الى عنوانين:
• إشارة
وفيها يطرح سؤالا يتعلق بالعنوان لماذا بيت الحمام؟
يجيب عليه بالتفصيل وانا أرى انه قريب جدا من العش والتقوقع وأشياء أخرى تناولها غاستون باشلار وهو يضيف لنا في كتابة الثري صفائح الزيت التي حولها الى عش الطائر

• مقدمة
ذكر ابن عربي ان المكان تستمد رؤاه الصوفية منها في تحالفها وتحولاتها تلك الأمكنة المتباعدة جغرافيا عبر هذا السفر الطويل ثم يبدأ بمحاورة ياسين النصير يلتقي هنا ويبتعد هناك او يلتقي معهما في عتبة ما أبرزتلك..
من الانسان إذا افتقد المكانية ويقصد الحس المكاني فانه كالأدبينتبذ له مجالا لا معنى له في الحياة.
المكان ينتج وعيا يتدرج ضمن طبيعة المواقف في الأزمنة وتحولها الى بنية سياسية واجتماعية متخفيه.
في هذا الحقل تناول الناقد عناوين بارزة :
1.انسان المدينة وساكن المدينة
2.الفن واستحالة النص
3.المكان والمفهوم
4. التحولات والرؤى
5. العمارة.. البيت الشعري
6. البحث عن سيرة المكان
7. انتاج المكان
تبدأ الرحلة عبر تقصي عملية ( نقد النقد) وتأخذ حيزا كبيرا لما أنتجته دراسات ياسين النصير المسيرة الممتدة من سبعينات القرن الماضي ليومنا هذا في موضوعة (رؤية المكان) حيث تتداخل في وحدات وحاضنات كما هي أجناس لها محمولات أساسية في التاريخ في جملة مفاهيم وهي تجسيد لطريقة الحياة تلك نجدها في اعمال غائب طعمة فرمان (النخلة والجيران) و(الرجع البعيد) للتكرلي و(منزل السرور) لناطق خلوصي وبالتالي فان النصير يؤسس لمنهج قراءة المكان مرتكزا على خلاصة مفادها ان المكان ارتبط بوشيجة الفكر.
في الجانب المقابل نجد دراسة للدكتور لؤي حمزة عباس يبحث في رؤى مشيدة على نصوص ذاتية أسسها مجموع القراءات الباحثة عن سر المكان ألاكثر قربا من التنظير. فالإنسان الأول أسس لهويته عبر تأثيث مكانه (الكهف).
نجد في منحى اخر مقاربة مهمة للدكتور اسعد غالب الأسدي يداخل بين مراقبة المكان تارة وأخرى يغمر في أجزائه وكلياته في حين يعمل د. محمد الأسدي صاحب كتاب أنتاج المكان من خلق صيرورة جديدة ترقى به وتسجله ضمن الرموز التي يتداولها الشعر
كجيكور وبويب في اشعار السياب الذي أرخ المكان (المعبد، بابل، العالم السفلي، رموز الآلهة القديمة) تنوع المكان.
• القسم الثاني
اختص بقراءة نصوص يرتبط المكان بأحداث سياسية وثقافية كبيرة وذات بصمه في ذاكرة الانسان العراقي درسها المؤلف بعناية أمثال شارع الرشيد (المكان والحوار المفتوح )ووقفة لياسين النصير امام ( خان مرجان، الشورجة، سوق الصفارين..) والقيام بجولة مع عدد من الطروحات في نصوص المكان (الطارد والجاذب) لجواد الحطاب وذاكرة الكتابة للدكتور مالك المطلبي (حفريات في اللاوعي المهمل) وتجليات المؤثر والاثر في أطروحة الشاعر عبد الزهرة زكي وصراع الأضداد عند الكاتب حيدر سعيد.
في الجنوب يفتتحيحيى الشيخ( في مدينة العمارة ) الباب على مسطحات المياه الأزلية وارتباطها بالحضارات القديمة.
هذا الفنان ملازم لعناصر الطبيعة بفطرتها البكر، يؤكد على معنى ان تتعامل مع كتل الطين تماما بموازاة الخلق الأول للكون.
عنوان المكان والرؤية يأخذ حيزا كبيرا يشغل فكر القاص محمد خضير في (بصرياثا) والبحث عن علامة !
كما هي في ترويض المكان لزهير الجزائري المتجسد في رواية( المغارةوالسهل).
الباحث لم يغفل مكاتبه كتاب مدينة النجف عن مدينتهم التي حملته عنوان (ذاكرة المدينة) والتي توقف عندها الأستاذ جاسم عاصي ودرس المكان في عدد من النصوص السردية والتي راى فيها بيئة سحرية تستمد صيرورتها من الغامض خصوصا دراسة زيدالشهيد في كتابه (الرؤى والأمكنة) التي تعد مدخلا في زمن كانت الأسطورة قد حققت وجودها الملموس.
او تغير النمط لفليح خضير الزيدي وكتابه (أمكنة تدعي نحن) الذي يحاول فيه تسجيل متغيرات الحيوات عبر العديد من مستويات الوجود.
غير ان عبد الهادي الفرطوسي يعمل على تأكيد هوية المكان (المدينة بانيقا/ النجف) من خلال الوقوف اما حقائق التاريخ.
الجزء الأخير خصص للمكان غير الموطوءمرائي الصحراءالمسفوحة /حامد فاضل/ ثقافة الأمكنة، او غابات وطيور ومياه للشاعر المغترب باسم فرات.
مجلة هلا انفردت بنشر عدد من المقالات واحدة لعامر حمزة عن حي الاثوريين وأخرى لفؤاد مطلب ( الرمادي ذاكرة الطين الصاوي والجوع المكابرة)، وثالثة لعلي شبيب ورد حملته عنوان( بغداد ذاكرة الخطى).
اختتم الكتاب ( بالمنزل وخارجه) المعادل الموضوعي الذي حققته كتابة الشاعر هاشم شفيق وعلاقته بالمكان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* اصدار دار الشؤون الثقافية – بغداد

عرض مقالات: