طريق الشعب (خاص ) :لندن
المقهى الثقافي العراقي في لندن يتابع، منذ بداياته، الشؤون الثقافية العراقية ويحرث في حقولها المتنوعة ويطرح ثمارها لجمهور الجالية العراقية والعربية اللندنية واستضاف في أمسيته لأيلول ٢٠١٩ يوم الجمعة ٢٧ صحفيا عراقيا قادما من العاصمة البلغارية صوفيا حيث يقيم هو الأستاذ علي طالب .
أدار الأمسية الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم الذي استهلها قائلا: " هذا اليوم ضيفنا وفيلمنا تجمعهما كلمة الحب ،ونستعجل فنقول ان الفيلم الذي سنعرضه وعنوانه (امرأة في حياتي) سيقدم تحقيقا شاعريا رقيقا رومانسيا وعاطفيا صميما وعميق الأثر في مجرى الحياة التي إنتهت اليها هذه التجربة ".
ثم تحدث الأعسم عن أحداث الفيلم بالإيجاز التالي : " محور الفيلم شخصيتان هما شاب كوردي من العراق ، شاءت الحياة أن يقترن منذ طفولته بشابة ومن ثم تبدأ الأقدار تلعب بهذا الإقتران ، والأقدار كانت قاسية لأن تقاسمها نظام الجبروت الذي كان يلاحق الكورد والعراقيين بشكل عام وقد أخذ الشابان نصيبهما من هذه القسوة التي خيمت على العراق في فترة كالحة ".
ثم اعطى الكاتب عبد المنعم توصيفا للفيلم وشخصه بأنه أقرب الى التحقيق الصحفي المصور المحتشد بالعواطف والانسانيات وهو بإعتقاده ينتسب الى الأفلام الواقعية وقال انه ينتمي الى :" المدرسة الواقعية في عرض مشكلة من المشاكل هي تنتسب الى مجتمع زاخر بالمشكلات من هذا النوع ".
وتحدث مدير الأمسية عن ضيفه الأستاذ علي طالب موضحا انه وضع فكرة الفيلم وأكد على تقديره انه عاش جزءا كبيرا من هذه التجربة وأضاف إن الضيف طالب قد " وضع فكرة هذا الفيلم على طاولة مخرج خبير ومجموعة من صناع السينما في بلغاريا، ويجب أن تتعجبوا مثلي كيف إستطاع علي طالب أن يقنع هذه الصفوة من السينمائيين والمخرجين بجدوى تحويل هذه القصة الى فيلم روائي على مدى اكثر من ساعة ".
وأشار الأعسم الى ان خطة الأمسية ان تجري حديثا مع ضيفنا حول الخلفيات التي كانت وراء انتاج هذا الفيلم الذي خرج من العراق وتعلّم في بلغاريا ونال في البداية شهادة أكاديمية زراعية ثم حصل على شهادة أخرى في الصحافة وعندما إنتقل الى السويد واصل هناك ايضا الكتابة والدراسة وعمل مراسلا صحفيا لعدد من الصحف وقال انه :" كان يشار له بالبنان عندما يدور الحديث عن صدقية ما ينقله من أحداث " وأضاف انه راسل صحفا في العراق وفي لندن وعدد من الدول وكتب عمودا صحفيا في صحيفة سويدية تعني بشؤون اللاجئين .
وقد حصلت "طريق الشعب " على معلومات عن الفيلم نوردها فيما يلي:
اسم الفيلم:"امرأة حياتي"
من انتاج بلغاري، وبمشاركة عراقية (اقليم كوردستان) – قبرصية- رومانية ومقدونية، وبدعم مالي من الاتحاد الاوربي.
المخرج : آنتوني دونتشيف (بلغاريا)
المصور والمنتج : ايفان تونيف
البطولة الرئيسية: فيوليتا ماركوفسكا (بلغاريا) وسوران ابراهيم (العراق- السليمانية)
فكرة الفيلم مقتبسة من قصة كتبها الصحفي العراقي: علي طالب الذي شارك مع المخرج والمنتج في كتابة السيناريو والحوار.
وتحدث الضيف علي طالب في التمهيد لعرض الفيلم فقال :" لم يكن في توقعي ان أكون كاتبا للسينما ، لكن الصدف تلعب دورها ، و إجابتي على سؤال الأستاذ عبد المنعم : كيف استطعت أن أقنع دولة فقيرة مثل بلغاريا ان تنتج فيلما عن قصة بعيدة احداثها عن الواقع البلغاري..أقول لقد تمكنت من تحقيق ذلك عن طريق صداقتي مع المخرج والمنتج ولثقتهما بي .. وانا على ثقة بأن كتابتي تنبع من نقل الواقع بمصداقية .. فكنت واقعيا وصادقا في كتاباتي الصحفية وبكل الأعمال التي مارستها ، وبالمناسبة اني عملت ردحا من الزمن مهندسا زراعيا في وزارة الزراعة في ستوكهولم حيث سلموني هناك مسؤوليات مهمة نتيجة لثقتهم بي وبمصداقيتي ، فالصداقة والثقة هما اللتان شجعتا صانعي السينما في بلغاريا على اختيار قصتي .. لكني أقول ان انتاج الفيلم في بلغاريا كلفني جهودا مضافة ".
وتحدث الضيف عن تلك الجهود نلخصها بقوله ان قوانين الأنتاج في ذلك البلد تفرض ان تكون لغة الفيلم بلغارية او ٧٠٪ من الحوار بتلك اللغة هذا إضافة الى مشاهد لإحداث ألحقت بالفيلم تجري على الأرض البلغارية لم تكن في سياق القصة الأصلية التي كتبها وقال انه استطاع ان ينسجم مع تلك القوانين لكنه دعا الحضور الى الحكم على مدى نجاحه في ذلك بعد مشاهدتهم للفيلم وأشار أيضا الى أهمية الإنتباه الى آلية صناعة الفيلم وإختلافها عن الكتابة التي يمكن التعبير عن العواطف بالكلمات اما في السينما فتتم معالجتها بالحلول البصرية وأكد السيد علي طالب ان هذه المسألة هي ليست من وظيفته انما مهمة يقوم بها مخرج الفيلم ..
وختم حديثه ان هناك إضافات :" أدخلت على الفيلم لم أكن موافقا عليها ، بل جاءت لحظات اثناء فترة الإنتاج ، قررت فيها الانسحاب من العمل وترك المشروع برمته ، لكنني توصلت عبر النقاش مع كل من مخرج الفيلم ومنتجه ، واللذين ساهما معي في كتابة السيناريو ، ان نتفق على ان تتحدد مسؤليتي بكتابة القصة والمشاركة معهما في السيناريو ، واردت تثبيت هذه المسألة ، بأن بعض تلك الإضافات لم أكن موافقا عليها ولم أرد أن أتحمل مسؤوليتها ".
ثم جرى عرض الفيلم وكان طوله زهاء المائة دقيقة نوجز احداثه في السطور التالية:
الفيلم يروي قصة الشاب آزاد (سوران ابراهيم) والشابة فيان (فيوليتا ماركوفسكا) اللذين كان والداهما قد عقدا خطبتهما على بعض منذ صغرهما الا ان تطورات الاحداث السياسية والعسكرية في كردستان العراق ابان سبعينات القرن الماضي ادت الى افتراقهما لمدة 13 سنة بحيث ان احدهما لم يعد يتمكن من التعرف على الآخر. وفي رحلة اضطرارية لهما الى اوربا على متن سفينة انطلقت من بيروت الى قبرص التقيا لكن دون ان يعرف احدهما الآخر واشتعل الحب من جديد بين قلبيهما. وهنا تتدخل السياسة والمؤامرات التي كانت مخابرات النظام السابق تحيكها ضد المعارضين لها. وحاول احد عناصر تلك المخابرات (رشيد) الذي كان مدسوسا في صفوف اللاجئين العراقيين من اقناع فيان بان آزاد هو الذي قتل اباها وان عليها الانتقام منه والاتيان بعمل ارهابي يسيىء الى نضال الشعب الكردي والى المعارضة العراقية عموما. الا ان الامور لم تكن كذلك فقد انتصر الحب..
وبعد مشاهدة الفيلم دعا الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم الحضور الى تقديم مداخلاتهم او استفساراتهم او آرائهم في فيلم "امرأة في حياتي " لكنه قبل هذا قال:" أود ان أنقل لكم إحتجاج المقهى الثقافي العراقي في لندن على الأسلوب الذي أتخذ في الخامس والعشرين من هذا الشهر ضد الخريجين المتظاهرين امام مجلس الوزراء في منطقة العلاوي في بغداد وإستخدام خراطيم المياه الحارة على هذه الكوكبة من العلماء والذين نراهن على دورهم في بناء الوطن وتحديث المجتمع".
ثم نوه ان الفيلم واضح ويقدم رسالته الينا ويقترح علينا ان نوافق على فكرته الأساسية وهي ان الحب في النهاية ينتصر على العنف وعلى الأعمال القبيحة .. واعطى الحديث للحضور فكانت المداخلة الأولى من الشاعر العراقي عدنان الصائغ الذي أثنى على الجهد المبذول في انتاج هذا العمل السينمائي لكنه توجه الى السيد علي طالب كاتب قصة الفيلم بالشكر لأنه جسد لحظات مهمة في تاريخ العراق قائلا: " لقد أحسست ان الفيلم ينطوي على عناصر ومعالجات جميلة ، ولم أر ما يستدعي الحذف ، وماهي المشاهد التي لم يرغب الكاتب وجودها في السياق الفيلمي ؟ وانا من مشاهدتي للفيلم الان لم أجد ما ينبغي استبعاده ". وقالت الكاتبة والموسيقية ساهرة سعيد :" شكرا للأمسية الجميلة وعلى الرغم من تمتعنا بالفيلم لكنني شعرت انه طويل جدا واحداثه مقتبسة من أحداث عشناها جميعا وهي كانت دامية وكانت سبب وجودنا هنا في الغربة على مدى أربعين سنة وقدمها الكاتب بشكل رائع لكن لدي ملاحظة على ان الحوار كان الأجدر ان يكون اكثر عمقا والأبتعاد عن المباشرة إضافة الى ان هناك بعض الغموض في مسار الشخصيات ". وتحدث بعدها د.رضوان الوكيل وهو طبيب إستشاري خريج بلغاريا وعاش فيها في نفس الفترة التي يتناولها الفيلم فتساءل :" هل ينطوي الفيلم على حوادث جرت في الواقع أم ان هناك تدخل فيها من خيال القاص ؟". ثم سأل الأستاذ المربي جبار أبو بغدادي عن تاريخ انجاز الفيلم ؟.
أجاب الضيف علي طالب عن تلك التساؤلات التي طرحها الحضور بأن المشاهد التي كان يحبذ عدم أقحامها من صناع السينما على قصته هي تلك التي تتنافى وطبيعة احداث وشخصيات قصته كالقبل ومشاهد الإغراء والتي تبتعد عن المسار الذي إختطه في كتابته ، ونوه ان الفيلم انجز قبل سنوات وسبب تأخر الإنجاز هو البحث عن مصادر لتمويله اما عن واقعية الأحداث كلها جرت في الحقيقة سواء تلك التي وقعت في كوردستان العراق او في بلغاريا وخاصة اختطاف الطائرة التركية من شيوعيين أتراك التي حدثت في ١٩٧٢ ما عدا مشاهد مطار صوفيا قبل نهاية الفيلم.. وأكد انه كان يعارض تطويل المخرج لمدة الفيلم وكان يتمنى تخليصه من تلك الإضافات التي ابطأت من إيقاع الفيلم .. وأعرب ضيف الأمسية على شكر المقهى والحضور وسروره بهذه الأمسية المفيدة .