طريق الشعب (خاص)-لندن

فلاح هاشم المسرحي والشاعر والأعلامي ابتدأ الأمسية في لندن مساء الجمعة 23شباط 2018 : "طبتم مساء وشكرا لحضوركم هذا المساء رغم هذا الجو البارد الذي منع الكثير من الأصدقاء من الحضور.. بداية نشكر المقهى الثقافي العراقي على أتاحة هذه الفرصة لنستضيف شاعرا عراقيا جميلا ، جاءنا من السويد ، عبد الكريم هداد ..شاعر جنوبي الجناحين ..يكتب باللغة العربية الفصحى ويكتب أيضا شعرا شعبيا ..يراوح بينهما على أغصان الجمال".

بطاقة الشاعر عبد الكريم هداد

-عبد الكريم هداد من مواليد مدينة السماوة ، جنوب العراق ، في ربيع 1961

-في عمر الـ12 عاما ظهرت عنده بوادر موهبته من خلال مادة (الأنشاء اللغوي).

-كان ناشطا في مسرح المدينة وخاصة المسرح المدرسي .

- نشر أولى قصائده وعمره 16 عاما.

-أثر الجو الثقافي العائلي والسياسي المعارض لنظام البعث الصدامي الفاشي في تكوين ثقافته..وبسبب الملاحقات الأمنية فقد أرشيفه.. وأعتقل وعمره 17عاما.

-غادر العراق سرا مشيا على الأقدام عبر الصحراء الى الكويت ومنها الى سوريا.

-نشر في العديد من الدوريات والصحف العربية والعراقية تحت أسم " رحيل كرم" .

-لجأ الى السويد ويقيم لحد الآن في مدينة يوتوبري منذ أواخر عام 1991.

- كتب قصيدة أعتمدت كسيناريو لفيلم عن اللاجئين أنتجه التلفزيون السويدي –القناة الأولى عام 1991 بعنوان "سفينة نوح".

نتاجات هداد الأبداعية

1-كراس "قصائد لا للحرب نعم للأنتفاضة"-1991 خصص ريعه لأطفال العراق.

2-"طفل لم يرم حجرا- شعر – دار المنفى – السويد1995

3-"طفل لم يرم حجرا"- شعر – طبعة سزيدية –ترجمة مجيد الكعبي – السويد 1999

4- آخر حزن- شعر شعبي – السويد 1999.

5-جنوبا..هي تلك المدينة..تلك الأناشيد-شعر- دار ورد – دمشق2001.

6-طيور العصر-شعر شعبي عراقي –قرص مدمج-السويد 2002.

7- مدخل الى الشعر الشعبي العراقي –قراءة في تاريخ شعب –دراسة موسعة – السويد2003.

8- جنوبا ..هي تلك المدينة..تلك الأناشيد(طبعة سويدية)-ترجمة المستشرق السويدي تاتز رووك-دار باران –السويد 2004.

9-حيث لا ينبت النخيل-شعر دار المدى –دمشق2005.

10-جرح بحجم أله _ديوان شعري مشترك مع الشاعر المغربي عبد الحميد العوني- منشورات عربية –الدار البيضاء –المغرب 2007.

11-حزن منفى-شعر شعبي عراقي –دار ميزوبوتاميا – بغداد 2009.

12- سفر هموم أحلامي –شعر باللغة الكردية –سلوى كولي-تعريب وتقديم عبد الكريم هداد –أربيل 2011.

13- مدخل الى الشعر الشعبي العراقي(طبعة ثانية) دار ميزوبوتاميا –بغداد2012.

وله عدة كتب مخطوطة تنتظر فرصة النشر وأخرى قيد الأنجاز من بينها:

-أنسكب شبيها لروحك/شعر.

-أكبر من البلاد..أصغر من الجنة/ شعر.

ثم يستطرد فلاح وهو يقدم الشاعر لجمهور المقهى فيقول :" العراقي عندما يفرح يغني ، وعندما يحزن يغني ..وبين الحزن والفرح يقول نثرا على حافة الشعر ..والمبدع العراقي كائن رغم الظروف الصعبة التي يمر بها في كل ألوان الأبداع ..لكنه من جانب معين ، هو مبدع محظوظ ، ينطبق عليه المثل( تكون مصائب قوم عند قوم فوائد) ، هو محظوظ لكونه لا يحتاج ان ينتحل تجربة الآخرين .. في الأحزان والهموم ليكتب عنها ..فخلفه وأمامه وعلى جانبيه بحر زاخر من الأحداث التي تضفي عليه هموم كثيرة ، فلديه خزين يمتح منه الى ما لا نهاية ..وعبد الكريم هداد ابن السماوة نشأ في عائلة متواضعة الأمكانيات المادية ، لكنها عائلة عصامية خرّجت ايضا آخرين في مجال الأدب والصحافة والكتابة مثل : يوسف ابو الفوز الذي يكبره بأربع سنوات على ما أظن (يهز كريم رأسه موافقا)..وفي بيته كان الأبن الأصغر والذي يلفت الأنظار وكانت الأم ذات صوت شجي تتغنى شعرا وتقول أشعارا وكان هو اكثر الأطفال التصاقا بها وبقيت شخصية الأم ترافق رحلته الحياتية الأبداعية ..هذا الخزين الذي سيتفجر فيما بعد شعرا لا بد له ان يتموضع في شيء ما ، لابد له ان يتجلى في طريقة ..فالضغط الداخلي يجب ان يتنفس " وأضاف فلاح : "بين السماوة ، ودفء السماوة ونخلها ومياهها وناسها تقتضي الحياة مثلما فعلت بنا جميعا ، ان يذهب الى بلاد باردة وأن يعيش واقعا جديدا في السويد ، هذه الأنتقالة طبعا تشكل مطبا حياتيا حقيقيا لكل منا ..فقدان المكان الأول ..فقدان مواقع الذكريات والاصدقاء والأهل ، والمجيء الى واقع مختلف حتى لا يشبه بلدا عربيا ثقافته قريبة الينا ..كثير من الناس لم يستطيعوا ان يتوازنوا في هذه المغتربات ..أنكسروا أصيبوا بالأحباط وما الى ذلك ..والآخرون ربما نزعم اننا استطعنا أن نكون حياتنا تسير كل في ركابه ..لكن بقيت عينا عبد الكريم هداد وروحه مشدودة الى مدينة السماوة التي سنجد أنها حاضرة في الكثير من قصائده فهو مرة يناديها بصوت عال مستنجدا :

سماوتي

أعبر ليل الردة

بخطى ليست قصيرة

وليست عاجلة

وعلى يدي وشم قيد

يسحب جثتي في دروب المربد

هزيمتي تطاردني

وقبيلتي تحتفل رقصا

في ساحات المنفى

سماوتي

لست واهما أن نخلك

نخل السماوات

حين تسقط الرايات

يعني هذا النداء الذي سنرى له اصداء أخرى في بعض القصائد وهذا خيط الحنين الذي يربط الشاعر الى المشيمة التي خرج منها او رافقته في حياته الأولى ..سنستمع الى قراءات يختارها من شعره ".

 

 وقبل ان يشرع بقراءة قصائده يشكر الضيف المقهى الثقافي على:" هذه الدعوة الكريمة والألتقاء بأساتذة تعلمت منهم الكثير ..أساتذة الآن تلميذهم يقف أمامهم ، ويقرأ ما تعلمه منهم وعلى خطاهم ".ويقرأ:

الحب في بيت أبي

لم أر أبي يوما يترك قبلته

على خد أمي

وكل ذلك العمر السعيد

لكن ، الحب كان أحد أفراد العائلة

يشاركنا كل شيء

كان أرثا  بهيا

أوسع من البيت

حتى فاض

فلاح هاشم مدير الأمسية يطرح مقترحا على الضيف الشاعر ان يحدث الحضور عن أهم المؤثرات التي يعتقدها قد لعبت دورا في تكوينه الشعري سواء تجارب حياتية ام قراءات .لنعرف كيف تكونت شخصية كريم هداد الشعرية .. فأستجاب الضيف ومر على ابرز مراحل حياته ومن هم الذين كان يقرأ لهم وكيف كان يكتب القصيدة سواء بالفصحى او بالمحكية . ثم يواصل قراءاته:

دب قطبي اسمر

لن اذيع سرا ان قلت

انا لا اعرف السباحة

رغم ان الحياة

بحر مالح

نحتاج الكثير من الحيل لعبورها

اجزم اني لم امارس الكذب من قبل

وليس في اصابعي مخالب

لذا بت ، لا أعرف صيد الأسماك

والهرولة في دروب الثلوج

حيث المدن البعيدة شمالا

ما زلت أبحث عن عسل الورود

او شجرة أسند ظهري اليها

لساعة من القيلولة

حين تنكشف حيلة السراب

جلدي خال من الفرو

والبرد لاسع جدا

على مد البصر

من أوصلني عند باب

عتمة الجليد

من دلني

وانا دب من غير فرو ومخالب

انا دب قطبي أسمر

اجلس فوق رف

الهدايا في دكان صغير

اقص حكايتي

انا دب قطبي أسمر

 

شهادة:

من بين شهادات عديدة في نتاج هداد  شهادة د. عبد الأله الصائغ وآخرين  قرأ فلاح ماكتبته للأمسية الكاتبة أريج مدني وهي استاذة الأدب المقارن والأدب الأنكليزي:" تتمثل روعة الشعر عند عبد الكريم هداد في عمق تعبيره عن مشاعر التعلق بالوطن الأم والتي تجسد مشاعر الكثير ممن نفوا عن أوطانهم قسرا أو طواعية". وتواصل فتكتب: " اما مذاق المرأة عند هداد كان طعمه كالتمر ورائحة الحب ، هي رائحة الحناء والهيل وحبيبته العراق، هي سيدة النخيل دوما تأخذ بيده جنوبا ليغتسل في مائها الفراتي ملامسا جسدها الشامخ كغابات القصب حيث المدن الأولى وكتابات طين بلاد النهرين وأساطيرها".

ويقرأ الفنان هاشم قصيدة قصيرة لهداد هي:

مساومة

خذ حصتي من النفط

وأعطني نخلة

خذ ألقاب الملك ، أي ملك تريد

وأعطني دجلة

خذ ما تشاء من الأضواء

وأعطني وطني

أتوسد بقاياه

وظله

ويطلب فلاح من عبد الكريم ان يقرأ شيئا من شعره الشعبي فكانت هذه القصيدة:

أمتانيك

امتانيك من ذاك الوكت

والليل الجزا

نجمات الصبح تشهد عليه

شلون حالي

صفنه تاخذني حنين

وصفنه بسوالف عتاب

هاكثر روحي طرية؟

لا ياغالي

شدهت بالي

وحملتني دنيتي

ألوان ورده

والعمر

توه ابتده

والوكت كت الثلج

منين أجيب الصيف

وغصن دمي بعده متلفلف برد

وشلون احترك

والصخر متلفلف برد

ريتك ترد

ابنفوف عيد

والعيد ويانه يعايد

متانيك

وعمري حيرني الطريق

والطريق اللي بي جدمي

شكثر تيه جم صديق

ردت أرجع وأركض بحيلي الفحط

أشطب الخطوة اللي نستني

وشكثر بيها الغلط؟

وما عارف منين ابتديت

وين ما خذني الزمن

أمشي وحدي

وانتظاري ، جرح ينزف دم حزن

متانيك

وجلمة عتابي حزينه

لو تجينه

أسولفلك ذكرياتي

وعن سنين اللي غندبت

وصارت منافي

ومو بيدينه

بلا بخت تصحى المضايف

ولو جفت دلة حجينه

ولو صفه المرخوص ذمه

وطش دغش ع الناس شينه

ومو بيدينه

من تضيع اسماءنه بآخر مدينه

من تضيع وجوهنه بضي المري اللي باتت حزينه

لهفه روحي

شكثر غربه ، ولا نسينه

جنت متصور تجينه

بآخر ليلة من السنه اللي ضاعت علينه

جنت محتاجك تجينه

نشعل الشمعه ، نتبادل تهانينه

وآمانينه

ونشرب كاسنه

وأقرالك شعر

وتسمعني أغانيك الحنينه

يمته تجينه

امتانيك

وشارك عدد  من الحضور في الحوار فقدم الاستاذ بسام مداخلة حول المثقف العراقي في الغربة .. وطرح تساؤلا كيف ينظر الينا مواطنو البلدان التي تطلع على نتاجنا الثقافي .. وتساءل المخرج السينمائي جعفر مراد فيما لو كان على الشاعر ان يبحث في تجديد أبداعه في أن يقدم شعرا آخر مغايرا لما هو سائد ..في الأسلوب ومضمون القصيدة وشكلها وتكنيكها ..الخ.. وتساءلت السيدة فائزة المشاط هل من الضروري للشاعر ان يمر بتجربة حب ليكتب قصيدة غزل؟

أثارت تلك الطروحات وغيرها حوارا ممتعا وحيويا شارك فيه الحضور مع الشاعر عبد الكريم هداد  ومقدم الأمسية اللذين قدما ارائهما مدعومة بأمثلة .. و مسألة الحوارات هذه ، قد  تجذرت، على ما يبدو، في أماسي المقهى الثقافي العراقي في لندن وياحبذا لو جرى تعميقها لما فيها من فائدة في الحوار المنتج البناء.

عرض مقالات: