يُعد الشاعر الراحل زهير الدجيلي أحد أعمدة الشعر الغنائي العراقي ورائداً في بناء القصيدة الشعبية التي تبنت هموم الانسان الكادح وقضاياه، بيد ان الدجيلي كتب الشعر من اجل الشعر لذاته وبذائقة تواقة للحب والجمال المترع بنفس عراقي شاكٍ ومتظلم، ومتطلع ومتفائل لفرح وفرج الانسان العراقي القادم. لقد تميزت قصائده عن سواه من الشعراء بإنسياقها في عرف وطرق جديدة للقصيدة الشعبية المكدرة بالحزن والمؤطرة بلوعة الغربة. اختار المنفى منذ عام 1972 تماما كالسياب، والبياتي، والجواهري، اختار زهير الدجيلي منفاه ليس عبر المكان،بل عبر الشعر،عبر القصيدة، عبر الاغنية،فكانت (ياطيور الطايرة) تنبئ بهذا النفي الذي سيتحقق فيما بعد، ياطيور الطايرة مري بهلي، الا يعني ذلك انه سيكون بعيدا ويوصي الطيور بان تمر، سلميلي وغني بحجاياتنا، سلميلي ومري بولاياتنا،انه المنفى الداخلي تلك الكلمات التي جذبت اليها كوكب حمزة ليختار منفاه ايضا حيث صاغ انغامها ليمضي هو الآخر الى المنفى بعد سنتين،كتب الدجيلي عشرات الأغاني لفؤاد سالم، سعدون جابر، حسين نعمة، ياس خضر، مائدة نزهت، قحطان العطار، وقد لحنها كبار الملحنين مثل، كوكب حمزة، محسن فرحان، طالب القره غولي وغيرهم. لكننا نقف امام ياطيور الطايرة وقفة ذهول نصفق لها بخوف .. ويتحقق هذا الخوف اليوم في نفس المنفى الذي رحل منه السياب.اذ رحل الدجيلي من على سريرالموت في الكويت. واذا كان المنفى في زمن الدكتاتورية اجباريا فان المنفى هذه السنوات اصبح اختياريا،من هنا نسمع الدجيلي من داخل قلبه يقول: احاه ياديرة هلي..احاه ياريحة هلي.. احاه ياطيبة هلي.. احاه ياجنة هلي ..احاه..احاه ..