يحتفل الشيوعيون العراقيون واصدقاؤهم في 14 شباط من كل عام بيوم الشهيد الشيوعي، وهو يوم استشهاد قادة الحزب الخالدين الذين أعدمهم النظام الملكي عام 1949، لتصبح ذكراهم رمزا خالدا للشهادة من اجل المبادئ الإنسانية العظيمة ومن اجل بناء الوطن الحر والشعب السعيد.
ففي مثل هذا اليوم من عام 1949، ارتكب النظام الملكي الرجعي عدو الشعب العراقي جريمة كبرى باعدام فهد (يوسف سلمان يوسف) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، ورفيقيه حازم (محمد زكي بسيم)، وصارم ( محمد حسين الشبيبي). وكان يوسف سلمان يوسف الذي عرف باسمه الحركي (فهد)، من أكبر وأول الناشطين السياسيين الثوريين في العراق وأول سياسي يعدم في العراق.
كان اعدامه وصمة عار في جبين النظام الملكي وحكومة نوري سعيد العميلة. وعندما سأل الجلادون (فهد) عن رغبته في من يريد رؤيته قبل الموت، طلب رفيقيه زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وأخاه المعتقل داود وإحدى قريباته، وارسل الى امه رسالة شفوية مع أخيه قائلا: (انك ستذهب اليها فبلغها: ان يوسف قد عذبك كثيرا واتعبك، الا انه لم يكن هناك طريق آخر سوى هذا الطريق، طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الاستعمار). وقبل اعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة: الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق. الا ان ثورة 14 تموز المجيدة ردت الاعتبار لفهد ورفاقه . ففي 24 / 2 / 1959 اصدرت حكومة الثورة قرارا باعتبار الاعمال التي حُكم ورفيقاه حازم وصارم بسببها، من اعمال الكفاح الوطني التي تستوجب التقدير واعتبارهم " شهداء الشعب ".
إن المواقف الملحمية التي سطرها شهداء الحزب والشعب قد اكملت شواغل إيقاعها كي تنتظم في نسيج الموروث الشعبي التاريخي الذي لا يكف الناس عن تداوله في أمكنة حياتهم. لكن هذه المرة اختلفت الحكايات الشعبية، فهي ليست خيالية كالسير البطولية التي يتناولها الرواة لأغراض التسلية، بل هي غنية في حقائقها الواقعية ودروسها المؤثرة على سلوك الناس ومواقفهم . لذلك تلتحم روح الشعب بقصص الشهداء الشيوعيين وحوادثهم . وليس صدفة ان ياتي اعدام ابطال الحزب والشعب كنتيجة مباشرة لوثبة الشعب الكبرى في كانون الثاني 1948 المجيدة ضد الإسترقاق الإستعماري . وايضا كانت الجولة الدموية في شباط الاسود 1963رداً مباشراً على موقف الحزب المساند لثورة الرابع عشر من تموز الوطنية. وقد تمخضت تلك الجولة عن تصفية قيادة شيوعية اخرى مع كوكبة نادرة من الكوادر المجربة في مجرى النضال والمواجهة السياسية. فكان سلام عادل والحيدري والعبلي وابو العيس وجورج تلو وعبد الجبار وهبي وعبد الرحيم شريف والعشرات من رفاقهم قرابين جديدة من اجل قضية الشعب والوطن. وفي السنين والعقود التالية تواصلت المسيرة الشيوعية المعمدة بالتضحيات الغالية، وصولا الى الانتفاضة المجيدة الحالية المستمرة منذ شهور، والتي سقى الحزب الشيوعي مسيرتها الظافرة بدماء العديد من اعضائه واصدقائه.