بعيداً عن التنظير الذي لا أجيده، أتذكر أن وفداً من قيادة الحزب الشيوعي الإيطالي زار مصر، وكان في زيارة الى حي الحسين ظهيرة يوم الجمعة، وفجأة لاحظ ازدحام الشوارع بجمع غفير من الرجال والنساء، فسأل أحد الشيوعيين الايطاليين القياديين " من هؤلاء؟ الى أين هم ذاهبون ومن أين هم آتون؟"، وعندما سمع انهم ذاهبون إلى جامع الحسين للصلاة قال كبيرهم "هنا يجب ان يعمل الحزب الشيوعي."
وملاحظة أخرى هي أن "الرفيق ستالين" لجأ إلى الكنيسة الارثدوكسية وكبار رجالاتها للدفاع عن الوطن في مواجهة الجحافل الألمانية التي اجتاحت الاتحاد السوفيتي، للدفاع عن الوطن".... وكان تحالف تحرير قبرص بزعامة المطران مكاريوس، ضمنه الحزب الشيوعي القبرصي. والتحالف في العديد من دول أمريكا اللاتينية مع "كنائس الكادحين" مما أحدث تغييراً نوعياً لمصلحة الكادحين... بالمناسبة الإسلام في جوهره يتعارض مع ما نعيشه من الإسلام السياسي، وهو في الأصل ثورة عظيمة غيرت الكثير في الشرق قبل أن يستحوذ باسمه على مصائر الناس الأمويون والعباسيون ومن جاء بعدهم من متحكمين بمصائر الناس...
لذلك التحالف مع الصدريين خطوة مهمة في كسر طوق التكفير وكل ما صدر ضد الشيوعيين من فتاوى ظالمة...ولعل السيد رائد فهمي في كل طروحاته، ومن قبله السيد حميد مجيد موسى، يعون مع المكتب السياسي طبيعة البيئة التي تركها النظام الشمولي حيث "اجتثت" الثقافة وسادت الأمية، بالتالي الطائفية وقبلها العشائرية...والسر في توقف عملية الانتاج وتسيد الاقتصاد الريعي حيث يبحث الفرد والمجموعات عن حصة في الكعكة وليس البحث عن مجالات الخدمة العامة...التحالف مع سائرون خطوة في طريق غير ممهد لكنها خطوة إيجابية جريئة في كسر تابو قوى عديدة من الإسلام السياسي المستحوذ على الامتيازات.
ينبغي التمييز بين الإسلام السياسي للمستحوذين وبين حراك الإسلام الجماهيري للكادحين، الذي يمثل احد تياراته الرئيسة "الصدريون"...ومع هذا فإن مثل هذا التحالف وتسطير برنامجه العملي والخطوات التطبيقية له ليس بالعملية السهلة، فهي مهمة نضالية لتوحيد الرؤى وتشخيص الأسبقيات في علم الاقتصاد والمجتمع والسياسة بعيداً عن الشعارات المنفعلة من اجل إعادة البناء والتقدم واستعادة قيم الإسلام الأساسية في الانتصار للمظلومين وخدمتهم وهم غالبية الشعب العراقي من الكادحين وذوي الدخل المحدود، بل حتى البرجوازية الوطنية الصناعية والزراعية والخدمية التي تعاني من استحواذ وهيمنة وكلاء الرأسمال الأجنبي في دول الجوار وغيرها، مما سلبها فرص العمل والربح، التي تعني في الوقت نفسه تشغيل المعامل والعمال والفلاحين والمزارعين.

عرض مقالات: