من بين أكثر الشعارات الانتخابية التي رددتها الكيانات والتحالفات الانتخابية ضمن الحراك الذي يسبق الدورة الانتخابية الرابعة للبرلمان هو تشكيل تحالفات وكيانات عابرة للطائفية ومتصدية للفساد, الا ان واقع الحال يشير الى ان ما تم رفعه هو شعارات فقط بعد ان اصبح جلياً ان القدر الأكبر من تلك الكتل والتحالفات يندرج تحت مضمون الاستقطاب الطائفي مع بقاء العديد من رموز الفساد ضمن هذه الكتل.
وكان الاختراق الرئيسي الذي تحقق ضمن هذا الإطار هو تحالف سائرون الذي ضم كلاً من الحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقامة الوطني والتجمع الجمهوري ونداء الرافدين وحزب الدولة العادلة وحزب الشباب والتغيير وحزب الترقي والإصلاح وحزب الامة. وقد طرح العديد من التقييمات والآراء على هذا التحالف، وبشكل خاص التقاء كل من الحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقامة الوطني الذي يمثل التيار الصدري، فمنها من دعم وثمّن هذا التحالف وهم الأكثرية، ومنهم من وجه الانتقاد اليه ولأسباب ومبررات مختلفة منها ما هو بدافع الحرص والشعور بالمسؤولية، ومنها ما هو معادٍ امتداداً لمواقف القوى والأفراد ممن لا يحرصون على بناء عراق ديمقراطي.
ونحن نقول ان التحالفات تشكل علامات بارزة في التاريخ السياسي للعراق وكان من ابرزها جبهة الاتحاد الوطني التي تم تشكيلها عام 1957 والتي قادت العراق الى الحكم الوطني بعد تفجير ثورة الرابع عشر من تموز،1958 مروراً بالجبهة الوطنية التي تشكلت في تموز 1973 والتي لفظت أنفاسها الأخيرة في اذار 1978 بعد وصول التحالف مع حزب البعث الى طريق مسدود، وبالرجوع الى المشتركات بين طرفي تحالف سائرون الرئيسين المتمثلين بالحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقامة الوطني الذي يمثل التيار الصدري، إضافة الى بقية الأحزاب المؤتلفة ضمن التحالف نجدها تتبنى ابرز القضايا التي تشغل المواطن العراقي في حياته اليومية وبناء مستقبله بدءاً باعتماد المواطنة مرتكزاً أساسياً ومروراً بمكافحة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، وصولاً الى تهيئة متطلبات عملية الإصلاح الشاملة التي تؤسس الحياة الكريمة للمواطن وبناء دولة القانون والمؤسسات، حيث تشكل القضايا مشتركات يؤمن بها التحالف بجميع قواه، وقد تم الوصول الى هذا التطور من خلال لقاءات وحوارات مستمرة بين اطراف التحالف وأصبحت تمثل برنامجه الانتخابي والمشروع الذي ستسعى الى تحقيقه من خلال تغيير الواقع الحالي, ومن أولى المؤشرات التي يمكن تلمسها لنكران الذات والحرص على عملية التغيير استبعاد جميع الرموز التي شاركت في العملية السياسية في مرحلتها السابقة ضمن المواقع التنفيذية والتشريعية وخاصة ضمن التيار الصدري الذي يتمثل بحزب الاستقامة الوطني في التحالف الجديد. علماً ان التقارب الحاصل وصولاً الى انعقاد هذا التحالف لم يأت من فراغ او من خلال قرار فوقي، حيث كانت ساحات التظاهر التي شهدت الحراك الجماهيري الكبير والمتواصل على امتداد العراق ولسنوات عديدة الميدان الذي تبلورت من خلاله التصورات المشتركة التي اشرنا اليها آنفاً بحيث أصبح من الممكن تحقيق الاصطفافات الجديدة، وصولاً الى تشكيل كتلة انتخابية مؤثرة تمتلك برنامجاً متكاملاً تستطيع من خلاله لعب دور أساسي في عملية التغيير المنشود. وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع التحالفات والكتل الوطنية الأخرى التي تقترب الى حد بعيد من تحالف سائرون، ومن أبرزها تحالف التيار الديمقراطي الذي ضم بين صفوفه كلاً من حزب التيار الاجتماعي الديمقراطي والتجمع من اجل الديمقراطية العراقي والمبادرة الوطنية .. موطني والبصمة الوطنية والذي قد يتطابق برنامجه مع تحالف سائرون، إضافة الى الكتل الأخرى التي ستنبثق بديلاً عن الكيانات التي كانت متصدية للسلطة والتي اثقلها الفساد وأصبحت مرفوضة بشكل كبير من المواطن العراقي الذي عانى الويلات من طريقة ادارتها للسلطة، والتي من المؤمل ان يساهم المواطن العراقي بتجسيد عملية الرفض لها من خلال الاقبال الواسع وبكثافة عالية للمساهمة بعملية التغيير عبر صناديق الاقتراع، وعدم الاكتفاء بالتذمر والنقد، لذا امامنا فرصة تاريخية لتحقيق عملية التغيير وتفويت الفرصة على القوى والعناصر الفاسدة من الوصول مجدداً الى مواقع القرار والذي قد يتحقق في حالة عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات .

عرض مقالات: