في الاول من ايار من كل عام  نحتفي بعيد العمال العالمي، العيد الاممي للتضامن الكفاحي وللنضال  في سبيل عالم خال من استغلال الانسان للانسان، ومن التمييز والاضطهاد. وفي الوقت نفسه نحيي عيد ايار كمناسبة وطنية، لا لاستذكار بطولات عمال العراق البواسل وتضحياتهم فقط، بل ولتعزيز نضالهم سوية مع شغيلة العالم بأسره، من اجل  حقوقهم في العمل والاجور المجزية، وفي الضمانات الاجتماعية، وتوفير مستلزمات العيش الكريم، وصولا الى اقامة مجتمع انساني تنتهي فيه الى الابد كل اشكال الاستغلال والتمييز والاستبداد والقهر.

ومعلوم للجميع ان هذا العيد الاممي لعمال العالم  بات اليوم عيدا رسميا معترفا به في اغلب بلدان العالم، على اختلاف انظمتها السياسية والاجتماعية. وهو ما لم يتحقق لولا النضال المتفاني والتضحيات الكبرى للطبقة العاملة وحلفائها ونقاباتها المكافحة واحزابها السياسية في مختلف البلدان.

واليوم ونحن نحتفي بهذه المناسبة، نتوجه بالتهنئة الحارة الى كادحي العراق، ونستذكرمعهم بفخر التاريخ المنير لطبقتنا العاملة العراقية، بمآثرها وتضحياتها في إضرابات أصحاب الصنايع، والموانئ، والسكك، والسكائر، والنفط، و“كي ثري” وكاورباغي، والنسيج، والزيوت، وملحمة العمال في ساحة السباع ببغداد وغيرها. كذلك إسهاماتها البارزة في ثورة الرابع عشر من تموز 1958، لا سيما بعد الإقرار الرسمي لشرعية العمل النقابي، وإجازة الاتحاد العام لنقاباتها، واعلان الأول من أيار عيداً للطبقة العاملة العراقية.  

وفي سياق احيائنا لهذه المناسبة نشير الى مصادقة البرلمان العراقي في20  تشرين الثاني 2017 على قانون انضمام بلادنا الى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي رقم (87) لسنة 1948، هذا الاجراء الذي يعد خطوة مهمة نحواعادة النظر بالعديد من التشريعات والقوانين النافذة، بما يجعلها منسجمة مع المعايير الدولية التي نصت عليها الاتفاقية الضامنة والداعمة لحرية العمل والتنظيم النقابيين والوقوف ضد أي انتهاك لهما.

كذلك نستذكر باعتزاز النضالات المديدة لطبقتنا العاملة مع عامة جماهير الشعب، وقواه الوطنية والديمقراطية، في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة، وفي مواجهة القمع الدموي، لاسيما في حقبة النظام الديكتاتوري المقبور ونهجه التعسفي والمدمر.

ولا ننسى ان نحيي في هذه المناسبة تفاني طبقتنا العاملة وجماهير شعبنا الى جانب قواتنا الامنية والمتطوعين على اختلاف التشكيلات، في تحقيق الانتصار العسكري على الارهاب، والذي لا بد ان تتبعه معالجات  متكاملة: سياسية وفكرية واقتصادية وثقافية واعلامية وغيرها، لضمان القضاء عليه وتجفيف منابعه.

واليوم يتواصل عطاء الطبقة العاملة في ميادين السعي نحو التغييروالاصلاح، ولابعاد الفاشلين والفاسدين عن مراكز القرار، وفي سبيل الاستخدام الامثل لموارد البلد بما يحقق تنمية مستدامة متوازنة، تؤمّن مستلزمات حياة كريمة لائقة للطبقة العاملة ولمختلف فئات وطبقات شعبنا. وفي هذا السياق يتوجب التأكيد ان  دور الطبقة العاملة المهم في الظرف الراهن المعقد، ينبغي ان يتركز على الاسهام في  اعادة بناء الدولة على أساس المواطنة، وتخليصها من نهج المحاصصة والفساد، وضمان مغادرة سياسة دولة المكونات ، ووضع تصور واضح  بشأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمان تلاحم النسيج الوطني العراقي الذي خربته السياسات الطائفية،  والتناحر والتدافع على السلطة والكراسي والمصالح الشخصية.

 اننا، في هذه المناسبة الاممية الكبيرة، نرى ان الحاجة ماسة  الى:

*التطبيق الفعلي لقانون العمل الجديد رقم 37 لسنة ٢٠١٥، واصدار تشريعات خاصة بالتنظيم النقابي والمهني، لحماية حقوق العمال ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، والحيلولة دون تعرضهم الى الفصل الكيفي، ولرفع مستوى معيشتهم، وضمان حياة لائقة للمتقاعدين منهم وكبار السن.

*إصدار التشريعات الكفيلة بضمان تمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية، خاصة منها الحكومية، بما يؤمّن مشاركة التنظيمات النقابية العمالية في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

*ضمان الحريات النقابية للطبقة العاملة والشغيلة، وحفظ حقهم في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية، بضمنها مشاريع الدولة، والسعي الى تحقيق وحدة نضال الطبقة العاملة، واحترام استقلال الحركة النقابية وحق العمال في الاضراب والتظاهر والاعتصام، وفي الوقوف بوجه أي تجاوزات على حقوقهم من أية جهة جاءت، بما فيها الجهات الحكومية.

*دعم إنشاء وتطوير المشاريع الإنتاجية والخدمية الصغيرة والمتوسطة، التي تستثمر مزيداً من الأيدي العاملة ولا تحتاج إلى كثير من رؤوس الأموال أو العملة الصعبة.

*رفع الحد الأدنى لأجور جميع العاملين، وحماية قدرتهم الشرائية بما يتناسب وتكاليف المعيشة المتنامية باستمرار.

*إقامة منظومة شاملة للضمان الاجتماعي ضد البطالة والعوز، ولتعويض الأضرار الناجمة عن العمل.

وفي الوقت ذاته نرى اهمية وضرورة  ضمان مساواة المرأة مع الرجل في الأجور قانونا وواقعا، وفي جميع القطاعات الاقتصادية، وتوفير بيئة وظروف عمل مناسبة لها، وضمان حق النساء العاملات في حماية الأمومة والطفولة المنصوص عليها في القوانين، وضمان تكافؤ الفرص أمام النساء في ميادين العمل كافة، إضافة إلى تذليل المعوقات القانونية التي تعرقل مشاركة المرأة في العمل.

ان عيد الاول من ايار يحل هذه السنة ونحن نتهيأ لخوض الانتخابات البرلمانية الجديدة، عاقدين العزم مع حلفائنا من المدنيين الديمقراطيين والاسلاميين المتنورين في تحالف "سائرون نحو الاصلاح" على تغيير ميزان القوى، وكسر الاحتكار القائم للحكم، وإلحاق الهزيمة بالطائفية السياسية، وبناء  دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.. عازمون على تحويل المعركة الانتخابية الى خط شروع وبداية انعطاف  في مسيرة شعبنا، نحو التنمية والتطور والتقدم والرخاء.

ومن هنا ندعو ابناء شعبنا، عمالا وكادحين آخرين ومن جماهيره كافة، ان: كونوا مع النزيهين والكفوئين، امنحوهم ثقتكم واعطوهم اصواتكم، وبضمنهم مرشحونا الشيوعيون واخوتهم من بقية اطراف "سائرون".

عاش الأول من أيار مناراً هادياً لكل السائرين على طريق بناء مستقبل أفضل لشعبنا و للبشرية جمعاء.

 عاشت الطبقة العاملة العراقية والخلود لشهدائها وشهداء شعبنا البررة.

 

اللجنة المركزية

 للحزب الشيوعي العراقي

ايار 2018