يقدم الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي في مقاله «دور الصحافة والعمال» تحليلاً نقدياً لدور الصحافة في المجتمع الرأسمالي، مركّزاً على علاقتها بالطبقة العاملة. ينطلق غرامشي من فكرة أن محتوى الصحافة يتأثر بفكرة واحدة: خدمة الطبقة الحاكمة، والتي تترجم حتماً إلى شيء واحد: محاربة الطبقة العاملة. وقد عرّف غرامشي الصحافة بأنها أداة سياسية تستخدم لنشر الأفكار والمعتقدات التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة. تُستخدم الصحافة للترويج للأيديولوجية الرأسمالية، وخلق وهم التوافق الاجتماعي، والتغطية على الصراعات الطبقية.

وأشار غرامشي إلى أن تأثير الصحافة على الطبقة العاملة سلبي بشكل كبير (ومن الواضح أنّه يقصد تلك الصحافة التي تهيمن عليها البرجوازية) حيث تعمل على:

  • التضليل: نشر معلومات مضللة وتشويه الحقائق لصالح الطبقة الحاكمة.
  • التخدير: بث الأفكار التي تثبط الوعي الطبقي وتشجع على السلبية.
  • التقسيم: خلق انقسامات بين صفوف الطبقة العاملة وإضعاف قدرتها على التنظيم.

كما أكد غرامشي على دور المثقفين في تحرير الطبقة العاملة من سيطرة الصحافة الرأسمالية. وحدد مهمات المثقفين الاشتراكيين في:

  • كشف حقيقة دور الصحافة ووظيفتها في خدمة الطبقة الحاكمة.
  • نشر الوعي بين صفوف الطبقة العاملة حول حقوقها ومصالحها.
  • خلق ثقافة بديلة تعزز الوعي الطبقي وتشجع على التحرر.

وأشار غرامشي إلى أن تحرير الطبقة العاملة من سيطرة الصحافة الرأسمالية يتطلب استراتيجية شاملة تشمل التوعية وذلك بنشر المعرفة والوعي بين صفوف الطبقة العاملة حول وظيفة الصحافة. والتنظيم ببناء تنظيمات قوية للطبقة العاملة قادرة على الدفاع عن حقوقها. وكذلك العمل على التغيير وذلك بالعمل على تغيير النظام الرأسمالي بأكمله.

يعد تحليل غرامشي للصحافة ذا صلة كبيرة بالواقع الحالي، حيث تستخدم وسائل الإعلام بشكل كبير لنشر المعلومات المضللة والترويج للأيديولوجيات الرأسمالية إذ يؤكد على أهمية دور المثقفين في تحرير الطبقة العاملة، وهو دور ما زال ضرورياً في ظل هيمنة وسائل الإعلام الرأسمالية. كما يدعو للعمل من أجل تغيير النظام الرأسمالي، وهو هدف ما زال بعيد المنال، لكنه ضروري لتحقيق العدالة الاجتماعية.

في مقاله «دور الصحافة والعمال»، يقدم الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891–1937) تحليلاً ثاقباً للعلاقة بين الطبقة الحاكمة والطبقة العاملة، ودور الصحافة في إدامة هذه العلاقة. يجادل غرامشي بأن الصحافة تستخدَم كأداة من قبل الطبقة الحاكمة لخدمة مصالحها ونشر أيديولوجيتها، بينما تحاصَر الطبقة العاملة وتمنَع من التعبير عن صوتها.

يشير غرامشي إلى أن محتوى الصحافة يتأثر بفكرة واحدة: خدمة الطبقة الحاكمة. هذا يعني أن الصحافة تستخدم لنشر المعلومات والأفكار التي تعزز مصالح الطبقة الحاكمة، بينما تُهمّش أو تُقمع المعلومات والأفكار التي تهدد هذه المصالح.

يوضح غرامشي كيف تمارس الطبقة الحاكمة تأثيرها على الصحافة من خلال عدة طرق، منها:

  • السيطرة على وسائل الإعلام: تمتلك الطبقة الحاكمة أو تسيطر على غالبية وسائل الإعلام، مما يسمح لها بتحديد محتوى الأخبار والمعلومات التي يتم نشرها.
  • التأثير على الرأي العام: تستخدم الصحافة لنشر الدعاية وتشكيل الرأي العام لصالح الطبقة الحاكمة.
  • إقصاء الطبقة العاملة: تحرم الطبقة العاملة من الوصول إلى وسائل الإعلام وتمنع من التعبير عن صوتها.

محاربة الطبقة العاملة

يؤكد غرامشي على أن محتوى الصحافة يترجم حتماً إلى شيء واحد: محاربة الطبقة العاملة. هذا يعني أن الصحافة تستخدم لتشويه سمعة الطبقة العاملة، ونشر الأفكار التي تبرر استغلالها، وتقويض نضالها من أجل التحرر.

السيطرة الأيديولوجية

يعتقد غرامشي أن الطبقة الحاكمة تسعى إلى الهيمنة على المجتمع من خلال نشر أيديولوجيتها الخاصة. وتعتبر الصحافة أداة أساسية في هذا الصدد، حيث تستخدم لنشر المعلومات المضللة وتشويه سمعة الطبقة العاملة.

يشير غرامشي إلى أن الصحافة تستخدم لخلق «الوعي الزائف» لدى الطبقة العاملة. ويشمل ذلك نشر أفكار مثل:

  • التسليم بالوضع الراهن: تقنع الصحافة الطبقة العاملة بأن النظام الحالي هو أفضل ما يمكن تحقيقه، وأن أي محاولة للتغيير ستؤدي إلى الفوضى.
  • الفردية: تعزز الصحافة الأفكار الفردية، مثل «كل شخص مسؤول عن نفسه» و «لا يمكن لأحد أن ينجح دون العمل الجاد». تهدف هذه الأفكار إلى إضعاف التضامن بين أفراد الطبقة العاملة.
  • النزعة الاستهلاكية: تشجع الصحافة الطبقة العاملة على التركيز على الاستهلاك، بدلاً من التفكير في القضايا الاجتماعية والسياسية.

دور المثقفين

يشير غرامشي إلى أن المثقفين الاشتراكيين يلعبون دوراً هاماً في مقاومة سيطرة الطبقة الحاكمة. ويمكن للمثقفين استخدام مهاراتهم في الكتابة والتواصل لنشر أفكار تقدمية وتحررية.

يؤكد غرامشي على ضرورة أن ينخرط المثقفون في نضال الطبقة العاملة. ويمكنهم القيام بذلك من خلال:

  • كتابة مقالات ونشرها في الصحف العمالية: تساعد هذه المقالات على نشر الوعي بين أفراد الطبقة العاملة وتنظيمهم.
  • المشاركة في فعاليات الطبقة العاملة: تساعد هذه المشاركة على بناء التضامن بين أفراد الطبقة العاملة.
  • التعليم: يمكن للمثقفين استخدام مهاراتهم التعليمية لنشر المعرفة بين أفراد الطبقة العاملة.

التأثير على طريقة التفكير

تهدف الصحف البرجوازية، من خلال محتواها، إلى التأثير على طريقة إدراك القارئ للأحداث السياسية الجارية، بما يتوافق مع اهتمامات أصحابها.

يشكل اختيار صحيفة برجوازية مخاطر على وعي العمال، من أهمها:

  • التعرض للدعاية والأيديولوجية: قد تروج بعض الصحف لأفكار مضللة أو تخفي الحقائق، مما يؤثر على قدرة القارئ على تحليل الأحداث بشكل موضوعي.
  • التأثير على سلوكيات العمال: قد تؤدي بعض الصحف إلى تعزيز أفكار الاستسلام أو التسليم بالواقع، مما يعيق نضال العمال لتحسين أوضاعهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

“قاسيون” – 8 نيسان 2024

عرض مقالات: