في حوار أجرته معه جريدة نويس دويجلاند ونشر في 21 نيسان 2023 يتحدث الدكتور انغو شتوتسله من دار نشر كارل دبتس في برلين عن الجهود المبذولة والمعرفة المكتسبة في مراجعة وتهيئة الطبعات لأعمال ماركس انجلس. ورغم ظهور المجلدات “الزرقاء” الشهيرة في عام منذ 1956، إلا أن العمل على اصدارها لم ينته بعد. وشتوتسله يحمل دكتوراه في العلوم السياسية، ومسؤولا منذ عام 2019 عن اصداراعمال ماركس انجلس (MEW). منحته المؤسسة الداعمة لا صدارها، عام 2008 جائزة دافيد ريازانوف لأفضل الباحثين الشباب في مجال بحث وتحرير اعمال ماركس انجلس. فيما يلي اهم المستجدات والموضوعات التي تضمنها الحوار.

المجلد الـ 21

في نهاية اذار 2023 صدرت المسخة الجديدة المنقحة من المجلد 21 من اعمال ماركس انجلس. يتضمن المجلد النصوص التي كُتبت بعد وفاة ماركس في اذار 1883. خلال هذا الوقت، عُهد إلى انجلس بملكية ارث ماركس ونتناجهما السياسي والصحافي المشترك. يمكن في المجلد تتبع كيفية قبوله لهذا الإرث وتعامله معه.  المجلد.  يحتوي، على سبيل المثال، على “أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة” لانجلس و”لودفيج فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية “. هذان نصان اصبحا، بسبب الظروف السياسية القائمة إلى حد كبير حتى اليوم: المصادر المرجعية للمادية التاريخية كما تطورت بعد وفاة ماركس.

المراجعة والتنقيح

في عام 2006 احتفلت دار النشر بالذكرى الخمسين لإصدار الاعمال. وبهذه المناسبة، كتب محررا اعمال ماركس انجلس حينها، رولف هيكر وريتشارد شبيرل، مقدمة للطبعة الجديدة، وقاموا أيضًا بمراجعة المجلدات تدريجيًا. منذ عام 2006، تصدر الطبعات عن مؤسسة روزا لوكسمبورغ. وبفضل المؤسسة، صار من الممكن استمرار توزيع المجلدات ومراجعتها. تم تحرير ثمانية مجلدات لحد الآن. وينصب التركيز الرئيسي على المقدمة وطريقة إخراج المجلدات، وتظل النصوص واختيارها وترتيبها كما هي. حتى عام 1990، كانت مقدمات المجلدات الصادرة يحددها دوما معهد الماركسية- اللينينية التابع للجنة المركزية للحزب الاشتراكي الالماني الموحد. وكان يعتمد التفسير الأيديولوجي السياسي الرسمي لهذه الاعمال. لهذا تم استبدال المقدمات في الإصدارات الجديدة. في التعليقات التوضيحية، غالبًا ما تتحول المعلومات الواقعية ذات القيمة لفهم النص إلى تقييمات وفق الماركسية -اللينينية. على سبيل المثال، يجري حذف المعلومات الكاملة عن تاريخ النص، استنادا الى عملية نزع تاريخية النصوص المطلوبة من اللجنة المركزية، اذ يجب أن تكون النصوص عصرية وعمومية وكلاسيكية تضفي الشرعية على السلطة. وعلى الرغم مع ذلك، فإن النصوص الاصلية تبقى كما هي، دون حذف او إضافة، ولا يجري التلاعب بها، بل يتم تحريرها على أساس النسخ الأصلية.  وعلى أساس هذه الخلفية، ومع كل طبعة جديدة، يُطرح السؤال حول كيف يمكن للناشر والمحرر أن يفي بشكل منطقي بمتطلبات تحمل المسؤولية السياسية، المرتبطة بتغيير خصائص نصوص المجلدات. ان التحدي في التعامل مع الملاحظات التوضيحية يكمن، في عدم تغيير النصوص، وتصنيفها تاريخيا ونقديا دون دمج روح الراهن فيها. لأن الملاحظات التوضيحية لا ينبغي أن تكون تعليقات على النص، بل تفسيرات له. لذلك فإن التحدي لا يكمن في الملاحظات، رغم أن المحرر لديه بالطبع لدي رأي في هذا النص او ذاك.

معارف مكتسبة.

عادة ما تكون إعادة قراءة النصوص مفاجئة. لأنك تقرأ التفسيرات بعيون جديدة، وتدور بذهنك أسئلة جديدة، وتجلب معك معارف جديدة من قراءة نصوص أخرى، حتى تعرف المزيد بنفسك. لذلك يقرأ المرء بشكل مختلف ويتفاجأ، فقط عندما يعتقد المرء أنه يعرف النص مسبقا. هذا ما قصده الماركسي الفرنسي لويس ألتوسير بقوله، أنه لا يوجد شيء اسمه قراءة “بريئة” للنصوص. بالإضافة الى طبعة اعمال ماركس و انجلس هناك طبعات أخرى، منذ عام 1975 أصدرت دار نشر ديتس الاعمال الكاملة لماركس-انجلس، او ما يعرف بـ(MEGA2). وقد ارتبط ذلك بقفزة نوعية في اصدار اعمال ماركس -انجلس، وهذا كان وراء استمرارها.  ما عدا ذلك، تمت معالجة كل ما جاء من جمهورية ألمانيا الديمقراطية تقريبًا - لكن ليس الطبعة الكاملة لماركس - انجلس!  لقد تم بالفعل مراجعة مجلدات اعمال ماركس- انجلس وإعادة تحريرها على هذا الأساس في الثمانينيات.  وتشير صيغة (اس2) في المختصر (MEGA2) الى وجود طبعة كاملة سابقة. لقد بُذلت جهود في الاتحاد السوفيتي في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لنشر طبعة تاريخية نقدية، بالتعاون مع معهد البحوث الاجتماعية في مدينة فرانكفورت، الذي يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسه هذا العام. لكن العمل توقف في الطبعة الأولى في عهد ستالين، وتم فصل أهم الموظفين في معهد ماركس - انجلس وقتل العديد منهم.: لم يكن ستالين يريد قراءة ماركس وانجلس في النص الأصلي.

العلاقة بين طبعات الاعمال والاعمال الكاملة

صدرت طبعة الاعمال الكاملة حتى عام 1993، وعلى الرغم من اصدار الطبعتين، اعمال ماركس انجلس MEW والطبعة الكاملة لأعمال ماركس انجلس MEGA² من قبل نفس دار النشر، فليس هناك أي تبادل بين الطبعتين. طبعة الاعمال الكاملة ذو أهمية كبيرة وأساسية للبحث في نتاج ماركس وانجلس، ولإصدار النصوص الدراسية والترجمات، وكذلك للنقاش السياسي والعلمي، لأنه يفتح أسس النص التي يقوم عليها كل ما يتبع. وتختلف مبادئ اصدار الاعمال الكاملة عن تلك المتعلقة بإصدار اعمال ماركس انجلس: تسعى طبعة الاعمال الكاملة اساسا الى الوصول الى نسخة تاريخية نقدية مطابقة للأصل. يتضمن هذا أيضًا عرض تطور النص من المخطوطة إلى النسخة المطبوعة وبين النسخ المطبوعة المختلفة. بينما تحتوي اعمال ماركس انجلس، كطبعة للدراسة على أحدث نسخة من النصوص وكل شيء مترجم إلى اللغة الألمانية. في طبعة الاعمال الكاملة، هناك مجلدات قيد الاعداد، ستوسع بشكل كبير تصورنا عن ماركس وانجلس. وهي متاحة الآن على الإنترنت أيضا. لذلك فمن المرغوب جدا، استمرار تمويل المشروع حتى إنجازه كما مخطط له.  منذ فترة طويلة، تواجه الإصدارات واسعة النطاق التي تستغرق وقتًا طويلاً معارضة قوية من السياسة العلمية، على اساس تحفظات بشأن التمويل في كل مكان. وعلى الرغم من ذلك، فإن إصدار الاعمال الكاملة يمثل علًما اساسيا مهمًا للغاية.

بحوث مهمة في الماركسية

بالإضافة إلى الاعمال الكاملة، هناك في الواقع “مساهمات بحثية في نتاج ماركس انجلس” و “الكتب السنوية حول نتاج ماركس انجلس”، وهي قريبة جدًا من النصوص الاصلية. تتعامل هذه المساهمات مع أعمال ماركس انجلس مباشرة، بمعزل عن المسائل النظرية أو السياسية. وهناك امتنان خاص لإصدار طبعة الاعمال الكاملة للمخطوطات والمقتطفات غير المكتملة لماركس وانجلس، وللذين كتبوا اطارح دكتوراه كجزء من عملهم في اصدر الطبعة، مثل أولريش باغل عن “الأيديولوجيا الألمانية”، تيم غراسمان عن فهم ماركس للأزمة،  كوهي سايتو على المقتطفات العلمية. وهناك حماس كبير لعمل إيمانويلا كونفيرسانو، التي تعمل حاليًا على دراسات ماركس الأنثروبولوجية، والتي غالبًا ما تستخدم للتأكيد على أن ماركس تخلى تدريجياً عن مواقف الأوروبية المركزية.

المطبوعات الأكثر مبيعا

المطبوعات الأكثر مبيعا هي „الغندروسة” في المجلد 42 من اعمال ماركس وانجلس، المخطوطات الاقتصادية التي كتبت لاحقا في المجلدين 43 و44، و “الأيديولوجية الألمانية” في المجلد الثالث من الاعمال والمجلد الرابع، الذي يضم من بين نتاجات أخرى، “البيان الشيوعي” والكتابات المبكرة، التي يمكن العثور عليها في المجلدين رقم 1 و40. ولكن الطلب ضعيف على   الرسائل ومجلدات الخمسينيات والستينيات من القرن التاسع عشر، والتي يمكن العثور فيها على العديد من الكتابات الصحفية والتنظيمية والسياسية. وهناك جهود مبذولة من مؤسسة روزا لوكسمبورغ بالتنسيق مع مؤسسات أخرى على توقير اعمال ماركس وانجلس رقميا.

مجلدات قديمة وأخرى جديدة

في عام 2018 صدر مجلد اعمال ماركس انجلس رقم 44، وهو اول مجلد يصدر بعد عام 1990، قام بتحريره رولف هكر وانغو شتوتسله، ويعمل الباحثان على أصدر المجلد 45. وما يعرفه الكثيرون، وأن النسخ الإنجليزية والروسية من اعمال ماركس وانجلس تضم مجلدات أكثر بكثير من النسخة الألمانية. بعد عام 1990، اذ لم تتوقف عملية الاصدر كما هو الحال في المانيا. يسعى المحرران لتضمين المجلد 45، كل ما يعتقداه ضروري في نسخة دراسية، وليس اصدار لكتاب منفصل، على غرار اصدار كتاب انجلس “ضد دوهرينغ” في عام 2020. في المجلد 45 ستتاح قرابة 200 رسالة لماركس وانجلس تم الكشف عنها خلال الخمسين عامًا الماضية، مثل الرسائل الموجهة إلى لا شارت، ناشر الترجمة الفرنسية لكتاب رأس المال. وسيتضمن المجلد بعض النصوص من المرحلة المبكرة التي لم يجري الاهتمام بها حتى الآن، وكذلك المساهمات الخاصة ببولندا وروسيا، وبعضها، التي وفقا لرأي معهد موسكو للماركسية - اللينينية في عام 1952: “لا تنشر في ألمانيا”. ويعود السبب، بين أمور أخرى، الى التوصيف الماركسي غير الإيجابي لروسيا. ويعتزم الناشران مراجعة هذه المسألة تحديدا بشكل نقدي.a

عرض مقالات: