الرفيقات العزيزات

الرفاق الاعزاء

مرحباً بكم ونحن نتوج جهد رفاقنا ومنظمات حزبنا المثابر في التحضير النهائي والإعداد الجاد لهذه الفعالية السياسية – التنظيمية - الفكرية الهامة والأساسية في حياة حزبنا. 

سنوات طويلة مضت على اختتام مؤتمرنا الوطني السابع، وقد مرّت بلادنا بأحداثٍ جسيمة، وتطوراتٍ خطيرة، هزّت أركان الوطن، ولا زالت تلقي بظلالها على حياة شعبنا، وترهق مسيرته، وتعرقل تحقيق طموحاته، وهو التواق للحرية والمصمم على الحياة الكريمة. 

إننا، أيها الأحبة، نجتمع اليوم لنقيم هذه المسيرة بحلوها ومرّها، بجذورها وتعقيداتها وآفاقها، لنقدم لشعبنا خلاصة تفكيرنا وتجربتنا، ونحن الذين لم نغب للحظة عن الوطن وهمومه، وعما عاشه من ظروف عصيبة ومن آمال نبيلة، متفاعلين وفاعلين فيما شهده من منعطفات، وعاقدين العزم، مع بقية فصائل شعبنا الخيرة، على إنارة الطريق، وحث الخطى، ووضع البرامج الصادقة، لخلاصه من الأزمة التي تأخذ بخناقه، ولتجاوز محنه، ومعالجة آلامه، ليلتحق بركب الديمقراطية والتقدم وليبني العراق الجديد.

أيها الأعزة 

ونحن نعقد مؤتمرنا في هذه الظروف الاستثنائية الانتقالية، وفي أجواء من العلنية، والصراع المحتدم حول مستقبل العراق وآفاق تطوره، وكلنا ثقة بانتصار إرادة شعبنا، جدير بنا أن نستذكر بالطيب وبالعرفان، بالجميل وبالتقدير والحب كل من ساهم بإنضاج تجربتنا، وبناء حزبنا وعزز من صموده بوجه الرياح الصفراء العاتية، رياح الدكتاتورية والاستبداد وعملائها وبقاياها، أولئك الذين منوا أنفسهم الرذيلة بإطفاء نور الحزب ومُثله وقيمه وكيانه، فكان مصيرهم مزبلة التاريخ، وبئس المصير. 

لنستذكر دائما أبطالنا الميامين، شهداء حزبنا الاماجد، القائد سعدون ورفاقه، وأبو فرات، وأبو حازم، وأبو محمد، وأبو حارث، وأبو زينب والعشرات من كوادر وأعضاء الحزب وأخرهم عضو مؤتمرنا وسكرتير اللجنة المحلية لمحافظة نينوى الخالد الرفيق أبو ثابت. ضحايا الإرهاب، بواسل الشعب من اجل الحرية والديمقراطية والاستقلال الناجز وبناء الوطن، لينضموا الى قافلة شهداء الحزب والوطن الخالدين قافلة فهد وسلام عادل وغيرهم من البواسل. جدير بنا، في هذه المحطة التاريخية من عمل حزبنا، أن نتذكر بالاحترام والتقدير كل رفاقنا وأصدقائنا رجالا ونساء الذين رفدوا الحزب بالطاقة وبالجهد والمثابرة في مقاومة الأيام السود، أيام الدكتاتورية البغيضة، وواجهوا الاعتقال والتعذيب، والسجن والإعدام والاغتيالات بكل بسالة ورجولة، لنحيي أبطال العمل السري، ومن عانوا من التشرد والغربة، وأن نحيي فرسان الحزب (الأنصار/البيشمركَة) الذين امتشقوا السلاح دفاعا عن قيم الحزب ومصائر الشعب. 

تحية في يومنا الأغر هذا وفي مناسبتنا العزيزة هذه الى كل من ساهم في بناء هذا الحزب وفي تعزيز كيانه ورفع رايته لتحقيق " الوطن الحر والشعب السعيد ". 

أيتها العزيزات

أيها الأعزاء 

نعقد مؤتمرنا في ظروف قل نظيرها، وهي في غاية التعقيد والتشابك والصعوبة. 

وقد تشكلت هذه الأوضاع حصيلة تفاعل مجموعة من العوامل والتناقضات، لتثمر هذه اللوحة الشائكة، والتي تفرض علينا نحن الشيوعيين، فك عقدها، وتحليل مسيرتها، وبالتالي وضع التصور الصحيح للحلول والمعالجات السليمة على أساس معرفتنا التفصيلية بمسار الأحداث وتشعبات الواقع وعلى ضوء منهجيتنا العلمية المختبرة.  

فالذي حصل ويحصل يرتبط بـ : 

1- طريقة التغيير: لم يكن في قناعتنا وموقفنا بأن طريق الحرب والغزو الخارجي هو الأسلوب السليم والأنجع لإزاحة الدكتاتورية، لما للحرب وتداعياتها من نتائج وخيمة على أوضاع البلد وحياة الشعب ومستقبله وعلى بناء الديمقراطية وإعمار البلد. ولذلك كنا دائما صادقين، ونحن نرفض الدكتاتورية، ونعمل على إسقاطها، بالوقوف ضد الحرب، وهكذا لخص شعارنا " لا للحرب .... لا للدكتاتورية " بعمق موقفنا. كنا ولا زلنا نؤمن بأن الطريق السليم المفضي الى بناء العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد بسلاسة وبآفاق متصاعدة وخطوات واثقة، هو طريق إسقاط الدكتاتورية عبر وحدة القوى الوطنية في تحالف واسع ووفق برنامج واضح يعبئ الشعب، ويحظى بدعم دولي مشروع ووفقا لميثاق الأمم المتحدة. 

لقد عملنا منذ اليوم الأول لسقوط الطاغية ونظامه الدموي، على توحيد قوى شعبنا وطاقاته الوطنية، لاستعادة سيادتنا واستقلال بلدنا، عبر مجموعة متكاملة من التدابير والوسائل النضالية، وكانت في مقدمتها الدعوة لعقد مؤتمر وطني عام تنبثق عنه حكومة وحدة وطنية تؤمن قيادته الى رحاب إزالة آثار الماضي والحروب وتعيد بناءه وفق مصالح شعبه، ولتشكيل البديل الديمقراطي المنشود. لكن الاحتلال المستند الى قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483(آبار 2003) وتشكيل الإدارة المدنية قد قطع الطريق على العراقيين في إدارة شؤونهم بأنفسهم وتدبير أمورهم وفقا لمصالحهم الوطنية، وكان ذلك هو المدخل – رغم كل التغييرات السياسية والقانونية – لآلاف من الأخطاء والخطايا والجرائم، التي ندفع ثمنها دما وخرابا ماديا، لم ينضب سيله حتى اليوم. 

2- لقد جاءت التحولات والتغيرات الدراماتيكية، وما رافقها من ظروف عسيرة، فرصة مناسبة لانفلات غول الإرهاب والتخريب. فقد تنامى بشكل تصاعدي نشاط تحالف التكفيريين مع بقايا عتاة المجرمين البعثيين الصداميين من فلول النظام المباد، ليعيث في الأرض فسادا بالمفخخات وبالاغتيالات، بالحرائق وتخريب البنى التحتية وإشاعة الفوضى وبكل الطرائق والأساليب الوحشية دون وازع من ضمير ودون تمييز بين بني البشر. وألحق كل ذلك دمارا رهيبا بالشعب وبالكيان الوطني. ولم تكن إجراءات التصدي له، ولفترة غير قصيرة، فعالة وناجعة، حتى اشتد عوده، ليشكل خطرا رئيسيا ليس فقط على أمن واستقرار وطننا، بل وبالاً وتهديداً لأمن عموم المنطقة وسلام العالم. 

3- تركة الماضي الثقيلة من الخراب والدمار المادي والروحي الذي أنتجته عقود من حكم الاستبداد والدكتاتورية، وما سببته حروبها الإجرامية وما ترتب عليها من حصار دولي امتد لأكثر من عشر سنوات، من ضحايا وخسائر في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما خلقته سياسات الطغاة الحمقاء من فئات طفيلية ومجرمين مرتزقة ومن تشوهات في النسيج الاجتماعي وفي العلاقات القومية والوطنية، وفي القيم الأخلاقية. 

إن بلدنا في واقعه الراهن ولسنوات طويلة قادمة سيبقى يدفع غاليا ثمن تلك السنوات العجاف. وستبقى آثارها المأساوية عامل عرقلة، وعقبات في طريق تقدم البلد واستقراره.                  

4- الصراع التنافسي غير المشروع بين القوى السياسية. لقد فتح التغيير بما جلبه من فراغ في السلطة ومن تداعيات، الطريق واسعا لصراع غير منضبط وبأساليب غير سليمة للهيمنة على مراكز الحكم الأساسية وعلى مواقع صنع القرار في الدولة العراقية. والعيب هنا ليس في التنافس الحر المنضبط الطبيعي، وبالأساليب الديمقراطية، وإنما العيب والخطير على استقرار البلد وأمنه هو توظيف الدين، وتسعير الطائفية والتعصب الأثني كأدوات في هذا الصراع، واعتماد الميليشيات والمجاميع المسلحة كأدوات لحسم الخلافات عبر وسائل العنف، وتكريس المحاصصة كأسلوب لبناء مؤسسات الدولة. 

ويُستغل هذا الصراع التنافسي غير المنضبط من قبل قوى خارجية وأدوات أجنبية، بل وحتى من قبل قوى الإرهاب والتخريب من اجل تحقيق أجندات معادية لمصالح شعبنا، ولتأجيج الفتن الطائفية وعمليات التطهير العرقي والطائفي، بل وتطمح هذه القوى الشريرة الى دفع وطننا وشعبنا الى أتون حرب أهلية واسعة النطاق. 

5- تدخل دول الجوار وغيرها من الدول الإقليمية في الشأن العراقي، فقد أصبحت استباحة حرمة الأراضي العراقية ظاهرة لا شك في حقيقتها، وتدخل دول الجوار في التأثير على مجريات الصراع الداخلي حقيقة لا تقبل الجدل. بل وما هو اخطر واكثر أهمية تسهيل بعض دول الجوار ودعمها أحيانا أو تغاضيها المتعمد في أحيان أخرى عن تسرب المجاميع الإرهابية الأجنبية، وتوفير كل مستلزمات دعمها ماديا – لوجستيا ومعنويا. ويبرر البعض هذا برغبتهم في تصفية الحساب مع الإدارة الأمريكية، التي تعلن رغبتها في إسقاط أنظمتهم، ولكن للأسف على الأرض العراقية وبأرواح العراقيين. وفي كل الأحوال فالشعب العراقي وأمنه واستقراره هو الخاسر الأكبر.

6- ويلعب الفساد السياسي والإداري والمالي دورا خبيثاً في زعزعة أمن واستقرار الوطن بما ينتجه من نهب وسلب وما يولده من فقدان للثقة واهتزاز في القيم وتسميم للمعايير، وأجواء لانتشار الرذيلة، وتحالف موضوعي مع الإرهاب والتخريب، ولكل ما يساعد على إشاعة الفوضى ونمو عصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والتهريب، وعرقلة بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون. إن أي تجاهل لأي من العوامل أعلاه، والتقليل من تأثيره، وإطلاق عامل دون حساب لتأثير العوامل الأخرى وتداخلها مع بعضها، لن يعطي إلا صورة وحيدة الجانب، انتقائية التوجه، ضبابية الشكل. وهذا لا يعني بالضرورة تساوي الأوزان ولا تحديد أولوية التأثير لهذه العوامل. 

إن اللوحة المعقدة والصورة العصيبة التي نعيشها ينبغي أن لا تغيّب عن أنظارنا الحقائق الكبرى التي تعبر عن إرادة شعبنا الجامحة في تجاوز عهود الظلام والدكتاتورية وإصراره على التعبير عن رغبته العارمة في بناء عراق حر ديمقراطي اتحادي مستقل. 

ففي سعيه من اجل الحياة الحرة الكريمة، توجه شعبنا دون وجل – ورغم العقبات ومحاولات تشويه إرادته – توجه بالملايين الغفيرة الى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليه وللاستفتاء على الدستور،واصر ويصر رغم الإرهاب وجرائمه وجسامة الضحايا على أن يتحمل أعباءها الثقيلة وأن يحقق أهدافه بعراق آمن مستقر قادر على إعادة بناء نفسه بإرادة أبناء الخير.

فالإرهاب والتخريب لن يمرا، وإرادة الشعب ستنتصر ويوم الفرج سيقترب، إذا ما تضافرت جهود أبنائه وتوحدت قواهم، واعتمدوا على أنفسهم، ووثقوا بقدراتهم، وآمنوا بشعبهم، وتجاوزوا المصالح الأنانية والحزبية الضيقة. إننا أمام منعطف تاريخي، ومفترق طرق، يتطلب من الجميع: 

1- العمل بكل إخلاص وصدق على توحيد الصفوف بناء" على ما هو مشترك بين القوى الوطنية، وبضمان مصالح جميع الأطراف الصادقة في توجهها لبناء العراق الديمقراطي على اختلاف انتماءاتها القومية والدينية والمذهبية والفكرية، وتأمين مساهمتها الفعالة في بناء وإدارة الدولة وفي رسم سياساتها الهادفة الى تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة بناء الاقتصاد ومحاربة الإرهاب والتخريب. وهذا يقتضي تجاوز الخلافات الثانوية والممارسات المضرة وتفعيل الإرادة الوطنية وإعلاء شأن المصلحة العليا، واعتماد الحوار المتوازن، والاحترام المتبادل وتقديم التنازلات المتبادلة، والابتعاد عن تأثير وضغوط القوى الأجنبية، كل ذلك من اجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية ينهض على أساسها بناؤنا السياسي الجديد. وما أحرى بالمعنيين إستحضار قرارات شرم الشيخ الأخير وما تفرضه من التزامات على جميع الأطراف. إننا أمام حاجة ماسة لنمط تفكير جديد، يتجاوز المألوف، وما درجت على اعتماده القوى المعنية من أساليب تقليدية أثبتت الحياة عقمها، وعدم فاعليتها في تحقيق الاستقرار والأمان وفي توفير حياة هانئة وطبيعية.

2- وعبر ذلك، وبالانطلاق منه، وبتوفير المستلزمات المادية والسياسية نستطيع أن نعيد بناء مؤسسات قواتنا المسلحة الوطنية وأجهزتها الأمنية الكفوءة والمخلصة لحماية القانون وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، وان نعمل على جلاء القوات الأجنبية من الأرض العراقية وتحرير إرادتنا كاملة، وإزالة كل آثار الاحتلال واستعادة سيادتنا واستقلالنا الناجزين. الأمر الذي يتطلب وضع جدول زمني واقعي وفعال يمثل إرادة شعبنا في رؤية وطنه حرا وعنصرا متكافئا في الأسرة الدولية. 

3- مواصلة التصدي للإرهاب والتخريب، الذي يستهدف تحقيق مشروعه التكفيري في محاربة المجتمع، ومناهضة كل مشروع نهضوي حضاري عبر القتل والإبادة والخراب، ويطمح لبناء كيان متخلف خارج العصر وقوانينه، وبشعارات مزيفة. كما ويتطلب الأمر فرز العناصر المخدوعة والمتورطة عن العناصر الشريرة، وتأمين عودتها للمساهمة في بناء الوطن والانخراط في الحياة الطبيعية كمواطنين عراقيين كاملي الحقوق والواجبات. وهنا يقتضي التمييز بين الإرهاب والإرهابيين، وبين من حمل السلاح باعتقاد انه يحارب الاحتلال كمقاومة، ويبدي استعدادا للمساهمة في العملية السياسية، والتخلي عن السلاح والعنف، وبناء عراق ديمقراطي جديد. ولا يفوتنا الإشارة الى ضرورة إعادة النظر في العديد من التدابير والإجراءات وفي مقدمتها " قانون اجتثاث البعث " وضرورة الاحتكام الى القضاء وضمان إعادة من لم تتلطخ أياديهم بدماء العراقيين الى الحياة الطبيعية ، والتوافق على تعديلات الدستور لتحقيق حالة من الانفراج السياسي وخلق الأجواء السياسية المناسبة لنجاح مشروع المصالحة الوطنية. 

4- بذل أقصى الجهود لتحسين الخدمات العامة وتيسير حاجات المواطنين المعاشية الملحة، ومعالجة مشكلة البطالة، ومكافحة الغلاء، والتضخم، واتخاذ الممكن من التدابير لتدوير عجلة الاقتصاد، ومراعاة حالة الملايين من الكادحين وشغيلة الفكر في أجورهم ورواتبهم وتقاعدهم. إن كل ذلك يكتسب في هذه الظروف أهمية سياسية ومعنوية بالغة الأثر، ويقتضي قرارات استثنائية – طارئة وعاجلة لا تتوافق مع وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، ولا مع طروحات غلاة الليبرالية. كما وتكتسب أهمية خاصة ضرورة التنفيذ الجاد للقرارات الخاصة بإنصاف ضحايا النظام المباد وأسر الشهداء والمفصولين السياسيين ومهجري كركوك والمتضررين من حروب النظام المباد والاحتلال وعدم التلكؤ بتطبيقها.

5- الإصرار على بناء دولة المؤسسات والقانون ودعم القضاء النزيه والمستقل، وتحريم تجاوز الشرعية القانونية والتلاعب الكيفي بمصائر البلد، وتفعيل مؤسسات الشرعية ودورها التشريعي والرقابي وخصوصا مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات ومؤسسات المجتمع المدني، ونبذ المحاصصة الطائفية واعتماد معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة والمهنية في بناء مؤسسات الدولة، والتأكيد على احترام حقوق الإنسان.

6- ممارسة سياسة خارجية نشطة، مستقلة ومنتجة، في إقامة افضل علاقات حسن الجوار، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ولضمان التأييد الدولي والإقليمي الفعال لوطننا في بناء العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد، وفي مكافحة الإرهاب وتوفير المساعدات الضرورية والطارئة له في مسعاه لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتمكينه من العودة لممارسة دوره الطبيعي في الأسرة الدولية.

7- اتخاذ التدابير القانونية والرقابية الحكومية والشعبية للحد من ظاهرة الفساد ونهب ممتلكات الدولة وأموال الشعب، وإنزال العقاب الصارم بالمفسدين من كل نوع ولون، ومحاربة عصابات الجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات، حلفاء الإرهابيين، مصاصي دماء الشعب. وسيكون لتحقيق إنجازات على هذا الصعيد مردود نفسي وسياسي كبيرعلى مزاج الجماهير وعلى ثقتها بمسيرة الإصلاح والبناء.

إن السياسة الواقعية والحكيمة، وهي الضمان لتحقيق نجاحات ملموسة في عودة الأوضاع الطبيعية، تتطلب الإمساك بالحلقات الرئيسية، التي من شأن تحريكها، أحداث تحولات وتغيرات في كامل سلسلة إجراءات السلطة. والحاجة ماسة لنظرة شاملة متكاملة تعبر عن الترابط وجدل العلاقة بين كل مكونات الأزمة لمعالجتها بجدارة وفاعلية.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق   

لقد عبأ الحزب كامل جهوده، لمواكبة التطورات التي شهدها الوطن. وكنا حاضرين في كل المنعطفات السياسية الهامة، مبادرين أحيانا، داعمين في أخرى، ورافضين في ثالثة، هكذا كان الحزب متفاعلاً مع كل جديد يطرح على الساحة العراقية وحولها بمحيطها الجغرافي وبمحيطها الدولي الواسع، ورائدنا الدفاع عن مصالح البلد ومطامح شعبنا.

لقد لعب الشيوعيون دوراً مشهودا في النضال ضد الدكتاتورية، في مقارعة أجهزة النظام، وفي فضح سياساته، وتعرية أساليبه الفاشية، وقدموا جهدا ملموساً في العمل الجماهيري-التعبوي والإعلامي، وفي النشاط المسلح، وفي العلاقات... وقدمنا على طريق خدمة الشعب الضحايا الكثيرة التي تشهد جماهير الشعب بصدقها وإخلاصها.

وبعد سقوط الدكتاتورية ومجي الاحتلال، وما رافقهما من تعقيدات وتداعيات، وفرص جديدة للعمل، في ظلّ أوضاع سياسية جديدة، كان علينا، ووفقاً لما اختطيناه من موقف سياسي، أن نعّد الحزب ونعيد بناء تنظيمه، ليكون قادراً على لعب دوره المنشود في الحياة السياسية لشعبنا ووطننا، وهو الأحوج الى جهود وفعل أبنائه المخلصين البررة الذين صقلتهم الأحداث وعركتهم الأيام للنضال من اجل حريته وسعادته وتقدمه.

وقد كان علينا استيعاب أبناء وبنات الحزب الذين حالت، أيام الدكتاتورية، دون انتظام ارتباطهم بمنظمات الحزب. وانفتحت منظمات الحزب على أوسع الأصدقاء لزجهم في العمل السياسي والحزبي. ولم يكن ذلك الانفتاح وذلك التوسع الضروري، دون مشاكل وأخطاء، ودون ثغرات وفجوات. لكن الوعي العميق بطبيعة الظروف والتطورات، والمتابعة التنظيمية الجيدة، والعمل الجماعي المثابر لقيادة وكوادر الحزب، استطاع أن يرتقي ببناء الحزب، وبلحمة منظماته ورفاقه، ووحدة صفوفهم، وحيوية نشاطهم، الى المستوى الذي يمكن التأسيس عليه لتحقيق انطلاقة نوعية ملموسة في حضوره السياسي – والفكري – والجماهيري اللاحق.

لقد تشكلت آلاف الخلايا، ومئات اللجان، وعشرات المقرات والمكاتب الحزبية، في طول البلاد وعرضها. ولا توجد منطقة من مناطق أرض الرافدين ليس فيها حضور للحزب الشيوعي العراقي.

كما أنجزت منظمات الحزب مئات النشاطات الجماهيرية دفاعا عن مطالب الجماهير وللتعبير عن مصالحها وطموحاتها، وعملت على نشر الفكر التقدمي – الانساني والتعريف بقيم ومُثل الاشتراكية وأفكارها وتجاربها التاريخية المتنوعة. وساهمت بفعالية في الحياة السياسية للبلد بكل تنوعها وألوانها لتعزيز الديمقراطية وترسيخ مفاهيمها، وفي المشاركة في الحملات الانتخابية للجمعية الوطنية ولمجلس النواب وفي الاستفتاء على الدستور لتكتسب خبرة وتجربة في العمل العلني وفي كيفية الممارسة الصحيحة للانتخابات الديمقراطية، وفي الدفاع عن قيم الحرية والاستقلال ورفض الاحتلال، وفي التصدي للإرهاب وزمر التخريب، وفي تنظيم الحياة السياسية والمطلبية للجماهير في نقابات وجمعيات واتحادات ومنظمات مجتمع مدني أخرى. وفي المساهمة فيما يساعد البلد على إعادة بناء نفسه اقتصاديا وخدمياً سواء عبر إبداء الآراء ووجهات النظر والمقترحات أو عبر المساهمة في مؤسسات الدولة المتنوعة ومجالس المحافظات والبلديات أو عبر وسائل إعلام الحزب.

لقد استلهمنا في عملية إعادة بناء الحزب كل ما هو أصيل وسليم في تجربته التنظيمية، مستفيدين من التجربة العالمية، ومعتمدين نهج الديمقراطية والتجديد لكل ما أفرزته خبرة الحزب ودروس العمل بهذا النهج السليم طوال السنوات الماضية.

عملنا، وكان علينا ونحن نعيد البناء، أن نرمم ونعيد بناء الكثير مما خربته سنوات القهر والتعسف، وأن نزيل الكثير مما علق من تشوهات وتشوش، وان نتصدى لكل عناصر التخريب والتطرف من المندحرين والفوضويين ومن ربطوا أنفسهم بالنظام الفاشي وأجهزته الإجرامية.

وفي معمعان العمل كان علينا تشخيص النواقص ومعالجتها ضمانا لتماسك نشاط الحزب متنوع الأوجه، ولزيادة فاعليته في الحياة الاجتماعية للبلد، كان علينا:

- نفض كل ركام سنوات القمع والإرهاب، واثار التخلف والحرمان الثقافي والفكري، وحث الخطى لمواكبة منجزات العصر الفكرية، وتطور الأحداث، وما أفرزته حركة الزمن من مستجدات، وتأهيل المنظمات والرفاق للتعامل الكفء مع الظروف الجديدة وتعقيداتها.

- معالجة الإنشداد للأساليب وطرق العمل التقليدية البالية التي عفى عليها الزمن، والبحث عن ما ينسجم مع حركة الواقع المتجدد، وحركة الأحداث السياسية المتسارعة.

- تأهيل الكادر المدرب، ومعالجة شحة الكادر المؤهل عبر تحمل المسؤوليات/ والعمل الجماهيري/ والتثقيف متنوع الأوجه في الدورات والموسعات والكونفرنسات والندوات وغيرها.

- التوجه لرفد الحزب بالمزيد من العناصر الشابة، وتطوير نشاطه في صفوف النساء، فسنوات القهر والعسف قد حرمت الشباب والنساء من فرص التعرف على الحزب ومبادئه بوضوح وحرية، ووضعت العقبات (وما أقساها) بوجه انخراطهم في صفوف الحزب الشيوعي. ولا بد من مدّ الجسور وتهيئة السبل لإيجاد أفضل الصلات مع أوساطهم وتجمعاتهم ليرفدوا الحزب بالدماء الجديدة..

- وكان علينا معالجة ضعف الخبرة وقلة التجربة والمعرفة بشأن إدارة الانتخابات وأساليب التعامل مع فنونها.

- بل وإتقان فنون وأساليب العمل العلني عموما، بعد أن تربى الكثيرون ولسنوات طويلة على العمل السري.

- وكان لا بد من إعادة إحياء صلاتنا مع أوسع الجماهير الشعبية وإتقان أساليب تحريكها للدفاع عن مصالحها وبناء منظماتها.

- وفضلاً عن هذا، وعن الكثير غيره، كان علينا أن لا نُضعف يقظتنا وحذرنا إزاء مساعي أعداء الحزب التخريبية والتشويشية ومحاولات إرباك صفوفه.

على هذه الخلفية من العمل التنظيمي عقدنا بنجاح الكونفرنس الحزبي السادس في كانون أول/2004، والذي كان محطة هامة بعد التغيير لتدقيق وإغناء سياسة الحزب التنظيمية والعامة. وبوحي مما توصل إليه من قرارات وتوصيات واصلنا المسير لتطوير حياة الحزب التنظيمية، وتعزيز بناء منظماته وصولاً الى الإعداد الجماعي واسع النطاق لعقد مؤتمرنا الوطني الثامن.

 

الرفيقات والرفاق الأعزاء

لم تكن عملية التحضير لانعقاد المؤتمر الوطني الثامن خاصة بالشيوعيين العراقيين، بل سعينا ووفقا لقناعتنا الراسخة بمنهج الديمقراطية والتجديد الى جعلها مناسبة وطنية تعني كل من يعزّ عليه الوطن ويعمل على خلاصه وبنائه على أسس الحرية والديمقراطية وضمان حقوق الإنسان. فلقد ساهم معنا آلاف المواطنين/المثقفين والكادحين ومن جميع فئات الشعب ومواقع الحياة/ مناقشين ودارسين ومتابعين لعملية إعداد الوثائق. وشاهد وتابع مئات آلاف المواطنين، عبر وسائل الإعلام المختلفة، حملة الشيوعيين للتعريف بوثائق حزبهم وبسياسته وأفكاره. وقد أثبتنا بأننا لا ندعي الديمقراطية ولا نطلبها من غيرنا، وإنما نتمثلها ونمارسها بصدق داخل صفوفنا وفي حياتنا الداخلية وفي علاقاتنا.

وعبأت المنظمات صفوفها وجندت جل طاقاتها لإنجاز عمليات مناقشة وثائق الحزب، وعقدت الكونفرنسات والاجتماعات الموسعة التي شارك فيها الآلاف من أعضاء الحزب وكوادره لانتخاب مندوبيهم وصولا الى انتخاب ممثليهم الى مؤتمر الحزب العام.

لقد كانت بحق تجربة غنية ومدرسة لتعلم الكثير من الخطأ والصواب، ولأول مرّة بعد سنوات طويلة من الحرمان.

 

أيتها الرفيقات ...أيها الرفاق أعضاء المؤتمر الوطني الثامن   

اليوم نتوج كل هذا النشاط بانعقاد مؤتمرنا الوطني الثامن وكلنا ثقة بأنه سيعطي الزخم الكافي، والتوجه السليم لتحويل حزب الشيوعيين الى قوة فعالة وحيوية في الحياة السياسية والاجتماعية للبلد وفي تقرير مصائره السياسية.

إن جماهير شعبنا تتطلع لحزبنا بالأمل والثقة في أن يكون قوي البنيان، وطيد الأركان، معافى مما لحق به من عواتي الزمن الرديء ومن جراح الدكتاتورية، قادراً على أن يلعب دوره في الدفاع عن مصالحها وفي تأمين الحياة الحرة الكريمة لها في عراق اتحادي ديمقراطي مستقل.

وعلينا، معشر الشيوعيين، الذين نعتز بثقة شعبنا-وتلك غاية نضالنا-معنيين أمام شهدائنا و مسؤوليتنا التاريخية، أن نعمل بكل قوانا لتعزيز لحمة حزبنا وتوطيد منظماتنا وتوسيع صفوفنا بالمزيد من خبرة شبابنا ونسائنا عمالا وفلاحين وطلابا ومثقفين ومن جميع فئات الشعب التواقة للخير والديمقراطية، وتوثيق صلتنا بأوسع الجماهير الشعبية، رواداً في الدفاع عن مطالبها، وعن دورها التاريخي الفعال في الحياة السياسية وتقرير مصائر البلد. عاقدين افضل العلاقات مع كل القوى الوطنية العاملة من اجل إعادة بناء العراق وإنجاح العملية السياسية، وبالأخص مع القوى الديمقراطية التي تربطنا وإياها أواصر العمل المشترك لتحقيق البديل الديمقراطي بكل أبعاده السياسية والاجتماعية، وأن نوظف كل طاقاتنا الإبداعية لتطوير نشاطنا الفكري – والثقافي العام لتفسير الجديد من الظواهر، ولنضيء الطريق أمام نشاطنا السياسي المثابر لخلاص شعبنا من محنته، وإصلاح العملية السياسية، وتحقيق الأمن والاستقرار لوطننا، والمساهمة في إطلاق مسيرته لبناء العراق الديمقراطي الفدرالي المستقل الموحد.

هنيئاً لكم انعقاد مؤتمركم الثامن !

هنيئا للشيوعيين العراقيين وللشعب العراقي التئام شمل ممثلي الحزب في مؤتمره الوطني الثامن!

النجاح لأعمال مؤتمرنا !

10-13 آيار 2007