هناك فرق بين من يعمل في منظمة شيوعية ، أو في حزب شيوعي !.. 
وبين الإنسان الذي اكتسب الخبرة الطبقية والمعرفية والثقافية ، ويمتلك من الوعي الفكري والسياسي ، الذي أهله للانتقال عن وعي ومعرفة وادراك الى جانب البروليتارية وطليعتها الثورية والقائدة لنضالاتها الحزب الشيوعي .

ففي المفهوم الفلسفي والفكري ، أن يكون الشيوعي له مواصفات يتميز بها ، تجعله مدركا لمهماته النضالية والكفاحية ، وبتبصر وبصيرة ، وأن يحسن الدفاع عن رؤيته الفكرية لحركة التأريخ ولحركة المجتمع ، وأن يفهم وبوعي تام بأن جوهر الصراع في المجتمعات البشرية هو ( الصراع الطبقي ) والذي أطلق عليه زعيم البروليتارية وفخرها كارل ماركس ( قاطرات التأريخ ) وهنا يؤكد كارل ماركس بأن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وفائض القيمة هما العاملان الأساسيان في عملية الاستغلال ونهب جهد الشغيلة من قبل المالكين لهذه الوسائل الإنتاجية.

يقول جان جاك روسو ( بدأ الاستغلال عندما وضع أول إنسان قدمه على الأرض وخط عليها حدودا معينة لأرضه وقال هذه لي !.. من هنا بدأ استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بقيام الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج .

الشيوعيون يسعون الى تمليك المجتمع لوسائل الإنتاج وتعزيز دور القطاع العام ، مراعين بذلك تطور قوى الإنتاج ووسائله المختلفة ، ويسعون الى رفع وعي الشغيلة ويتصدرون نضالاتها ، والعمل على تطوير الدولة ونظامها السياسي والاقتصادي ، وهذه من صلب مهمات والواجبات التي تقع على عاتقهم ، وهي مسؤولية تاريخية عظيمة .

ويعمل الشيوعيون على المساهمة الفاعلة ، في تطور وعي الناس بشكل عام والشغيلة بشكل خاص وزجها في معارك الكفاح وتبصيرها بحقوقها وقيادة نضالاتهم لبناء المجتمع الجديد .

كما أسلفنا فإن الشيوعي خرج من رحم مجتمعه ، ولم يأت من عوالم أخرى !..

وهو مثل باقي البشر يخطأ ويصيب ، وينجح ويفشل ، ولكنهم يجب أن يكونوا أقلهم خطأ في أنشطتهم وفي عملهم السياسي والفكري والتنظيمي ، وأكثرهم إيثارا وتضحية ، وساعين وبعزيمة واقتدار لخدمة ومساعدة الناس وتطوير وعيهم وتعريفهم بحقوقهم وبمسؤولياتهم في بناء حاضر ومستقبل الشعب والوطن ، وتوفير كل ما من شأنه ، أن يساعدهم على تطوير قدراتهم وامكاناتهم وأساليب النضال والكفاح التي تساعدهم على نيل حقوقهم المسلوبة .

الشيوعي من ملامح شخصيته وما يتميز به ، أن يكون اجتماعيا ، ويربط مصيره بمصير شعبه والكادحين من شغيلة اليد والفكر ، ويتمتع بأخلاق حسنة يعكس من خلالها قيمه الفكرية ومبادئه الخلاقة التي تسعى لإسعاد الناس .

لا شك بأن المعرفة والثقافة والبحث عنهما ، هي سمة تميز الشيوعيين عن غيرهم إذا جاز التعبير ، والتي تأهلهم بأن يكون لهم حضور في الأوساط الاجتماعية والسياسية والثقافية ، ويشاركون بشكل فاعل في تصدر الحراك المجتمعي ، والعمل لقيام نظام أكثر عدلا ورخاء ومجتمع أكثر وعيا . 

ومن أبرز السمات التي يتميز بها الشيوعي ، تميزه بروح التضحية والايثار ، ويعيش جل حياته تلميذ ومعلم متى استطاع لذلك سبيلا ، وكونه متواضعا ومحبا للأخرين ويبذل النفس والنفيس لإسعادهم .

الشيوعي ليس منزها ولا معصوما ، ويسعى دائما على أن يجدد فكره ، ويعتبر كل شيء قابلا للتطور والتغير ، ولم يكن جامدا متحجرا ومقولبا ، ويرفد معارفه وثقافته بما يستجد من معارف وعلوم في المجتمع العالمي .
الشيوعية تجدد ثيابها مع الزمن ولا تشيخ ، وكما هو الشيوعي كذلك ، والشيوعي أول من يشقى وأخر من يسعد كون مهمتهم الأساسية هو إسعاد الناس ،

والشيوعي تقدمي في نظرته للمرأة ولحركة المجتمع ، ويسعى في كل مراحل حياته ، لتعزيز قدراته المعرفية والفلسفية ، ورفدها بمختلف العلوم والفنون والأدب والثقافة العامة ، وبحدود إمكاناته وقدراته. 

الشيوعي مادي في فكره وتفكيره ، ويجب أن يكون منسجما تماما مع قوانين التطور الكوني والاجتماعي ، وهو بالضد من الميتافيزيقية وعلوم ما وراء الطبيعة واللاهوت ، ولكنه لا ينكرها على الأخرين ويحترف الرأي الأخر ويؤمن بمبدأ الحوار كوسيلة ناجعة للوصول الى

الشيوعي مادي الفلسفة والنهج والتفكير ، وفي تفسيره لحركة الكون وللظواهر التي تحيط بنا كبشر ، وأن المادية الديالكتيكية والتاريخية ووحدة وصراع الاضداد وقانون نفي النفي وما استجد من جديد في الفلسفة الماركسية ، هذه وغيرها هي الاطار الذي يسير عليه الشيوعي، أو هكذا يجب أن يكون ، ولا يمكن للشيوعي أن ينسجم مع الفلسفة المثالية ، وعلوم اللاهوت كنهج وتفكير وفلسفة أبدا .

الشيوعي متواصل في بحثه عبر مراحل حياته وسنوات عمره عن المعرفة وسبلها ، وينهل من كنوزها ما يستطيع ، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي ترشدنا وتهدينا الى التعرف على أسرار الطبيعة وقوانينها وعلومها وعلى حركة المجتمع الإنساني ، والتي تساهم وبشكل فاعل ، في تطوير الوعي للفرد وللجماعة ، ويفتح أفاقا رحبة وواسعة لتطويع الطبيعة لإرادتنا بما يخدم الناس كل الناس ولبناء عالم جديد ، عالم خال من الاستغلال ، ومن القمع والإرهاب والجشع ، المجتمع الا طبقي .

ويسعى الشيوعي للبحث عن المعارف المختلفة، لتهتدي قوى التغيير من الشغيلة والكادحين ، وتمكنهم من تطوير وسائل الكفاح المختلفة ، ولخوض النضال الضاري ضد قوى الاستغلال والجشع ، من الرأسماليين والبرجوازية الطفيلية وتجار العهر السياسي ، وانتزاعهم الحقوق والحريات من مستغليهم الطبقيين والمتحكمين بمصائر هذه الملايين ، وتتسلح البروليتارية من خلال تطور وعيها ووحدة كفاحها ونضالها ، فتكون أكثر معرفة وقدرة على مقارعة أعدائها الطبقيين. 

تزداد خبرة الشيوعي وقوته كلما تسلح بالمعارف المختلفة ، وتتعمق ثقته بالطريق الذي رسمت معالمه وخطوطه العريضة من قبل المفكرين والفلاسفة الأوائل ، ماركس وأنجلس ولينين وغيرهم ، والشيوعي هو من اقتفى نهجهم وسار بهدى ما توصل اليه هؤلاء العظام من قوانين وعلوم وخبرة متراكمة وما تم اكتشافه وتطويره من بعدهم .

هذا هو الشيوعي اليوم ، متسلح بكل هذا الإرث العظيم وارتضاه لنفسه ، بإرادة صلبة وقناعة وتبصر .
ويبقى أمام الشيوعيين ، لمواجهة كل هذه الظروف الصادمة والمهلكة وما يعيشه العراق وشعبه اليوم ومنذ سنوات ، ومن هذه التجارب المتراكمة للحركة الشيوعية والعمالية ، لا خيار أمامهم إلا أن يعملوا وفق مبدأ ( وحدة الإرادة والعمل ، لخوض نضال وكفاح الشيوعيين كافة، وتوحيد إرادتهم وتدعيم وحدة الحزب الشيوعي التنظيمية والفكرية والسياسية ، وإدارة وقيادة الصراع الفكري بروح عالية بالمسؤولية التضامنية ، وتكريس وتعميق النهج الدمقراطي والحوار الهادف في داخل المنظمات الحزبية المختلفة ، ووفق مبدأ وحدة الإرادة والعمل كما بينا ذلك ، واحترام الرأي والرأي الأخر ، وتعزيز القيادة الجماعية ، والابتعاد عن التهميش والاقصاء والإلغاء والتفرد في صنع القرار .

قوة الحزب تكمن بوحدته التنظيمية والفكرية والسياسية وتعميق الديمقراطية الحزبية ، وإشاعة روح القيادة الجماعية ، والعمل على مراجعة دورية ، لكل ما حدث من تصدعات وخلافات ومعالجته وبروح رفاقية مفعمة بالحرص على الحزب ومنظمات الحزب ورفاق الحزب وعدم التفريط بأي من هؤلاء المناضلين والمضحين ، وبروح النقد الهادف سعيا لتعزيز وحدة حزبنا ، والعمل بروح الفريق الواحد وبروح التلمذة الشيوعية الخلاقة ، والحرص الشديد على كوادر حزبنا من القادة والمناضلين ، الذين قدموا للحزب والشعب الغالي والنفيس ، وأن لا نبخس حقوقهم ، وعلينا أن نحترم تأريخهم وتضحياتهم .

الشيوعيون مناضلون أوفياء ، صادقون ووطنيون ونزيهون حتى النخاع ، وزكتهم الحياة عبر سفرهم الخالد ، ولا يوجد من يشكك على تميز الشيوعيين عن سواهم ، وليعلم القاصي والداني بأن تاريخ العراق الحديث ، عاش حقبة مظلمة وقاسية ، وتعرض لكوارث ونزاعات وحروب مؤلمة وصادمة .
الشيء الذي يدركه الكثيرون من الساسة ومن الطبقة السياسية ، ويعرفه السواد الأعظم من الناس حق المعرفة !... 
أي نظام مهما كانت هويته ، يتخذ من سياسته نهج العداء للشيوعية وللشيوعيين ويعاديهم ويحاربهم ويحاول قمعهم وتهميشهم ، فانه سيفشل وسيمنى بهزيمة منكرة كما فشل غيرهم وذهب مدحورا الى مزبلة التأريخ ، والحياة هي من تخبركم بهذه الحقيقة .

استقرار العراق مرهون بالموقف من الشيوعيين ، فهم أبناء شعبنا النجباء ، ولن تقوم دولة مواطنة على أرض العراق ، وتتحقق العدالة والمساوات من دون الشيوعيين مطلقا ، ولن يسود الأمن والسلام والتعايش بمعزل عن الشيوعيين ومشاركتهم الفاعلة والمؤثرة ، فهم صمام أمان العراق وشعبه ، وهم الساعون لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية العادلة ، وتهميشهم ومحاربتهم سيكون وبالا على العراق وعلى شعبه ، وتهديد للسلام وللديمقراطية وللاستقرار وللتعايش في هذا البلد الجريح .

ومن يساوره شك في ذلك ، عليه أن يعيد قراءة تأريخ العراق الحديث بعد قيام الدولة العراقية عام 1921 م

الشيوعيون أخلص قوة سياسية عراقية تعمل على الساحة العراقية وأقدمها ، وجذورهم ضاربة في عمق الأرض العراقية ، ودخلوا بيوت العراقيين من أقصاه الى أقصاه ، وربح من وضع يده بيد الشيوعيين وعن صدق وصفاء نية وفي سبيل قيام نظام ديمقراطي حقيقي ، وقد خاب من ابتعد عنهم وتقاطعت رؤيته مع رؤيتهم ومع الوطنية التي يفخر ويعتز بها كل وطني غيور .

العداء للشيوعيين يعني العداء الشعب ، يعني العداء للديمقراطية وللمرأة وللحقوق وللحريات ولدولة المواطنة ، وللتعددية وللرأي الأخر ، يعني العداء للسلام وللأمن وللرخاء وللتعايش وللعيش المشترك ، ويعني سيادة الظلام والتخلف والإرهاب وغياب الأمن والعدل والمساوات ، والعكس صحيح .