غالي العطواني

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، رئيس تحرير مجلة "الأديب العراقي"، الباحث والأكاديمي د. أحمد مهدي الزبيدي، الذي تحدث في ندوة بعنوان "القصيدة المدنية".

الندوة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، حضرها الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراقي الشاعر إبراهيم الخياط، والعديد من الأدباء والمثقفين والناشطين.

وادار الندوة رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة ديالى، الشاعر علي فرحان، واستهلها معرفا بالباحث الضيف وتخصصه الأكاديمي، مشيرا إلى انه منشغل بمواقف تكنوقراطية تصب في بناء الدولة المدنية، وهو يؤمن بأن "العلم المستقر هو نفسه الجهل المستقر"!.

بعد ذلك تحدث د. الزبيدي عن الشعر، وعن ماهيته، مشيرا إلى ان الأديب العربي المعروف الجاحظ، كان قد عرّف الشعر بالقول: "إنما الشعر صناعة وضرب من النسيج، وجنس من التصوير".

وأضاف قائلا ان قدامة بن جعفر، أحد بلغاء العرب، كان قد اعتبر الشعر "كلاما موزونا مقفى يدل على معنى"، فيما عرّفه الخليل بن أحمد الفراهيدي بأنه "ما وافق أوزان العرب".

وأوضح الضيف ان القصيدة عبارة عن "مجموعة من الأبيات الشعرية ترتبط بوزن واحد من الأوزان العربية، وتلتزم فيها قافية واحدة"، متطرقا إلى بعض أنواع القصائد، ومن بينها القصيدة الغنائية التي وصفها بأنها "تعبر عن أحاسيس الشاعر وحالاته النفسية تعبيرا مباشرا، وبضمير المتكلم عادة".

فيما ذكر أن القصيدة الدرامية هي التي تتجسد فيها التجربة الذاتية تجسيدا موضوعيا جدليا، معرجا على مرحلة "الحداثة"، التي عدّت ثورة على التقليد، ومثلت رؤية تسعى إلى التجديد وفق مفاهيم فلسفية حديثة، أطاحت بالأعراف المحاربة للعقل وللفردية الإنسانية والحرية.

بعدها انتقل د. الزبيدي إلى مفهوم "المدنية"، مبينا أن "لفظ (مدني) يميل في اللغة العربية إلى (الحاضرة)، مثل (بدو/ حضر)، (بادية/ مدينة)، بمعنى أن هناك (المجتمع المدني) و(المجتمع الحضري)".

واضاف قائلا أن المفكر ابن خلدون، ذكر في مقدمته "الاجتماع البدوي" و"الاجتماع الحضري"، بمعنى "المجتمع القبلي" و"المجتمع المدني"، وان المجتمع المدني يستبعد التوحش والاجرام وغير ذلك من السلوكيات البدائية السلبية، ليكون شعبا متحضرا ويضع حدودا لتلك السلوكيات السلبية من خلال سن "القانون الجنائي" و"القوانين المدنية"، لافتا إلى ان العلاقة بين "الحداثة" و"المدنية"، علاقة تضامن وتكامل.

وتطرق د. الزبيدي إلى القصيدة المدنية، مشددا على الشاعر أن يكون مثقفا مدنيا، حتى يستطيع كتابة القصيدة المدنية، وعليه الابتعاد عن المرجعيات الزمكانية القديمة.

وأكد ان القصيدة الدرامية لا تستطيع الابتعاد عن الشخصية العربية البدوية، ملقيا الضوء على فترة ظهور القصيدة الغنائية أبان العصر العباسي، وكيف ان تلك القصيدة كان لها حضور كبير في ذلك العصر، ما يدلل على حضرية بغداد في تلك الفترة.

وعرج الضيف على بعض الشعراء العراقيين المعاصرين، الذين ساهموا في كتابة القصيدة المدنية، أمثال كاظم الحجاج، إبراهيم الخياط وعارف الساعدي. كما تناول عددا من الشعراء الذين يكتبون شعرا حديثا لكنه بعيد عن المدنية، ليبرهن على أن ليس كل قصيدة حديثة مدنية.

وفي سياق الندوة قدم عدد من الحاضرين مداخلات حول موضوعها، بضمنهم د. جمال العتابي، د. حسن جسام، الناقد علي الفواز والناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم.

عرض مقالات: