توجهات ورؤى عامة -

ديباجة

تعيش بلادنا ظروفا صعبة ومعقدة واحتقانا سياسيا واجتماعيا، يتطلب تجاوزها اعتماد رؤى متكاملة للخروج من الأزمات الحاكمة، ومعالجة ما تراكم من ثغرات ونواقص، عبر برنامج ملموس ينطلق من الحقائق التي يعيشها البلد، وأوضاعه السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والأمنية.

وتتأكد الحاجة يوما بعد آخر إلى بناء منظومة سياسية تمثل تغييرا وبديلا لقوى المحاصصة.

إن هذا المشروع لابد له أن ينشد التغيير في نهج منظومة الحكم التي تحكم العملية السياسية.

 ونرى أن توفر إرادة سياسية فاعلة وثقة شعبية ودعم جماهيري واسع، يشكل ضرورة لتجاوز ما تراكم من مشكلات وأزمات على الصعد المختلفة، فيما يبقى المحك لجدية المشروع هو (الممارسة) والمعيار هو (المنجز)، وأن (المصداقية) تكمن في التطبيق الفعلي والنتائج.

إن التغيير الديمقراطي المطلوب لن يتحقق إلا بتغيير موازين القوى لصالح أصحاب هذا المشروع ومناصريه وداعميه. وأن الوصول إلى ذلك يحتاج إلى حشد طيف واسع من القوى الداعمة، السياسية والمجتمعية، ولبرنامج وخطوات جريئة وارادة كافية لوضع العراق على سكة التغيير الحقيقي.

من أجل ذلك، أعلنا عن تجمع (قوى التغيير الديمقراطية) في مؤتمر كبير وحاشد في بغداد منتصف شهر تشرين الأول ٢٠٢٢، الذي هو مظلة سياسية لتنسيق المواقف والعمل المشترك، تجمع القوى والحركات المؤمنة بالتغيير الديمقراطي السلمي.

 

مبادئ أساسية:

ترى قوى التغيير الديمقراطية أن حماية مسار التحول نحو النظام الديمقراطي (الفيدرالي)، القائم على أسس التعددية الفكرية والسياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة. والوقوف ضد جميع أشكال الحكم الاستبدادي، والتسلط السياسي.. يمثل أولى خطوات المضي في مشروع التغيير.

وهي تتبني مبدأ المواطنة ومدنية الدولة، واعتماد الكفاءة والمهنية والنزاهة في إسناد الوظيفة العامة في المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية، وتؤكد رفضها القاطع لنهج المحاصصة، أياً كان شكله، وقواه السياسية.

وهي تؤمن بأن صيانة سيادة العراق من التدخلات والانتهاكات الخارجية، يتطلب الاستناد إلى إرادة الشعب في تقرير مصيره: حاضراً ومستقبلاً.

وتنشد قوى التغيير الديمقراطية، الخلاص من الاقتصاد الريعي، وترى أن اقتصادا تنموياً ومنتجاً في كل القطاعات – خصوصا في القطاعين الصناعي والزراعي، ودعم القطاع الخاص، بما يؤمن فرص عمل لكافة العراقيين ويقضي على البطالة، وتحقيق العيش الكريم والازدهار.

وتتمسك قوى التغيير الديمقراطية، بمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير، كما عبّر عنها الإعلان العالمي لحقوق الأنسان والمواثيق والمعاهدات الأخرى ذات العلاقة. ورفض كل أشكال التمييز القومي والديني والطائفي، والتمييز ضد المرأة، ومصادرة الحقوق والحريات العامة أو الخاصة.

 خطى نحو التغيير ومعالجة الازمة:

إن تحقيق التغيير المنشود، يتطلب مرحلتين من الإجراءات اللازمة لمعالجة الأزمات المتراكمة.

 في المرحلة الأولى لابد من:

  • اتخاذ إجراءات عاجلة، بما يخفف من معاناة الناس الاقتصادية والمعيشية والخدمية والصحية.
  • فتح ملفات الفساد ومحاكمة المفسدين واسترداد الأموال العامة المنهوبة، وأن تحظى ملفات الفساد الكبرى بالأسبقية وأن تعتمد السياقات القانونية بحزم وبشفافية، وتطبيق قانون الكسب غير المشروع، ومبدأ عدم الإفلات من العقاب.
  • احترام مبدأ الفصل بين السلطات، خاصة السلطة القضائية وحمايتها من الضغوط السياسية والخارجية، وتفعيل دور الادعاء العام.
  • صيانة استقلالية الهيئات المستقلة، وتمكينها من تنفيذ مهامها على أتم وجه.
  • محاكمة المجرمين وداعميهم من قتلة المتظاهرين، والكشف عن مصير المغيبين من الناشطين وغيرهم.. وجبر الضرر للضحايا وعوائلهم.
  • التطبيق الفعلي والعملي لقانون الأحزاب السياسية، بما يؤمن حصر السلاح بيد القوات الأمنية الدستورية.
  • حماية سيادة العراق من التدخلات والانتهاكات الخارجية، وضمان استقلالية القرار الوطني العراقي.
  • أنهاء معاناة أبناء شعبنا من النازحين والمهجرين، عبر تمكينهم اقتصاديا واجتماعيا للعودة إلى مناطق سكناهم، والشروع في إعمار مدنهم المدمرة، وأنهاء ملف المفقودين عبر الكشف عن مصيرهم وتعويض عوائل الضحايا منهم.

 وفي المرحلة الثانية، يجب تحقيق:

  • تشكيل الحكومة وفق الاستحقاق الدستوري، انطلاقا من مبدأ الاغلبية السياسية، وعلى أساس برنامج يلبي اهداف شعبنا، ومراعاة الكفاءة والنزاهة، واعتماد هذا في إسناد الوظيفة العامة في المؤسسات كافة.
  • ضمان تفعيل المعارضة السياسية السلمية داخل البرلمان وخارجه.
  • اتخاذ خطوات عملية لإصلاح المنظومة الإدارية للدولة وترسيخ بنائها المؤسسي.
  • تفعيل المؤسسات الدستورية، وبالخصوص تشكيل مجلس الاتحاد التشريعي.
  • ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية والتصدي للإرهاب والتطرف بجميع صوره، وبناء مؤسسات الدولة على أسس المواطنة والديمقراطية، كما جاءت في الدستور، بعيداً عن نزعة التحزب الضيق والمحاصصة.
  • احترام حقوق الإنسان، وضمان الحريات الشخصية والعامة، وتكريس مفهوم المواطنة ومبدأ المساواة بين المواطنين من دون التمييز بينهم.
  • تبني استراتيجية تنمية مستدامة وخطط تنموية متوسطة وقصيرة الأجل، بالاشتراك مع حكومة الإقليم والحكومات المحلية.
  • تفعيل القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية، ودعمها بما يؤمن تحول الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي، إلى اقتصاد تنموي ومنتج.. وبما يؤمن توفير فرص عمل لكافة العراقيين، وإنهاء ملف البطالة.
  • تفعيل الضمان الاجتماعي، بما يؤدي إلى شمول كافة شرائح المجتمع، وبالأخص الشرائح المهمشة.. وتفعيل قوانين العمل.
  • إنشاء صناديق سيادية استثمارية وتنموية بإدارة مهنية مستقلة تعتمد الكفاءة والنزاهة، وتحت إشراف ورقابة مجلس النواب.
  • التحول في إعداد الموازنة العامة نحو موازنة البرامج، وتقليص الإنفاق غير الضروري وإلغاء الامتيازات غير المبررة، وترتيب أولوياتها لصالح قطاعات الخدمات العامة وتوفير إمكانات التنمية والبناء والإعمار لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.
  • تحسين الخدمات العامة، واعتبار ذلك من أولويات السياسة الاقتصادية للدولة.
  • الدفاع عن حقوق المرأة ومكتسباتها وضمان مساواتها ورفض التمييز ضدها، وتمكينها وتوسيع دورها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  • إيلاء الاهتمام الخاص بالشباب، وضمان تمتعهم الكامل بالحقوق والحريات المكفولة دستورياً في التنظيم والتعبير، إلى جانب تهيئة متطلبات مشاركتهم في الحياة السياسية وتمكينهم من تبوء مواقع قيادية في الدولة والمجتمع.
  • ضمان حرية الثقافة والابداع، واحترام التعددية الفكرية والسياسية في ثقافتنا الوطنية والعمل على ازدهارها، ورعاية الثقافة والمثقفين ومنظماتهم واتحاداتهم.
  • اعتماد الإدارة اللامركزية وتوزيع الصلاحيات بين المركز والمحافظات، وتحديد صلاحيات المؤسسات الاتحادية وإقليم كردستان، على وفق الدستور والقوانين النافذة.
  • تعزيز السلم وإنجاز ملف ضحايا جرائم داعش والإرهاب والميليشيات، من المهجرين والنازحين، والكشف عن مصير المغيبين والمخطوفين وتعويضهم مادياً ومعنوياً وملاحقة ومحاكمة الجناة والمتواطئين معهم.
  • حل القضايا العالقة بين الحكومة الفدرالية وحكومة الإقليم عبر حوارات جادة، والالتزام بالدستور نصا وروحا، وعبر اتفاقات رسمية معلنة، لا سيما بشأن الموازنة والنفط وعائداته والكمارك.
  • اعتماد سياسة خارجية متوازنة وبعيدة عن سياسة المحاور، بما يحقق مصالح العراق.. سياسة مبنية على مبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، تحفظ وحدة وسلامة الأراضي العراقية والقرار الوطني المستقل، وتعمل على استكمال استقلال العراق وسيادته الوطنية وحرمة أجوائه ومياهه وثرواته.
  • معالجة أزمة المياه عبر سياسات واقعية، تستند إلى الحلول الدبلوماسية العملية في التعامل مع دول المنبع، وإلى خطط تحقيق الاستفادة القصوى من خزين المياه.
  • محاسبة مرتكبي الجرائم الكبرى، ومنها جريمة (سبايكر) و(سقوط الموصل) و(الصقلاوية) وملف الاغتيالات السياسية للمعارضين.. وغيرها.
  • إيلاء الاهتمام الكامل بالملف التربوي والتعليمي، بما في ذلك توفير البنى التحتية اللازمة، ومستلزمات التعليم الرصين.
  • العمل على معالجة المشكلات في القطاع الصحي، وجعله أكثر قدرة على خدمة المواطنين.
  • تعزيز دور منظمات المجتمع المدني، والنقابات والاتحادات المهنية.

 الموقف من الانتخابات:

يمثل ملف الانتخابات، الركيزة الأساسية لتحقيق الديمقراطية، لذلك نؤكد على التالي:

  • تشريع قانون انتخابات عادل ومنصف، يحقق إرادة المواطنين في انتخاب ممثليهم.
  • إبعاد مفوضية الانتخابات وكوادرها عن صراع المحاصصة والكتل السياسية المتنفذة.
  • اشراك حقيقي للمجتمع المدني والنخب والكفاءات المستقلة في عملية مراقبة الانتخابات.
  • منع القوى والأحزاب التي ترتبط بأذرع مسلحة من المشاركة في الانتخابات، عبر تطبيق تام لقانون الأحزاب السياسية.
  • منع استخدام المال السياسي وكبح جماح أي محاولة لشراء الذمم والاصوات والتزوير، وتدخل الجهات التنفيذية والتساوي بفرص الدعاية الانتخابية عبر وسائل شبه الرسمية.
  • ضمان الإشراف الدولي الفاعل على الانتخابات.

إن تهيئة كل الوسائل الضرورية والتدابير اللوجستية والأمنية لإنجاز الانتخابات، من شأنها أن تحقق مشاركة واسعة للمواطنين في اختيار من يرونه مناسباً لتمثيلهم من دون ضغوط أو اكراه أو مصادرة لحرية الاختيار.

 الموقف من تعديل الدستور:

بما يتعلق بالتعديلات الدستورية، في الوقت الراهن، نرى أن تقتصر على مواد محددة ذات طابع إجرائي.

 ******

 ان تحقيق ما ذكر وغيره، في هذه الورقة، يتطلب بإلحاح من الوطنيين والديمقراطيين وأنصار الدولة المدنية الديمقراطية الخالية من السلاح المنفلت والمليشيات، ومن سائر أنصار الديمقراطية، ومن تنسيقيات الحراك المدني والشعبي وانتفاضة تشرين المجيدة ومنظمات المجتمع المدني، وقوى التغيير الديمقراطية كافة، العمل على جمع وتوحيد الصف، وإطلاق المزيد من المبادرات والحراك في اتجاه تغيير موازين القوى لمصلحة أبناء الشعب.

إن نشاطا متواترا داخل وخارج البرلمان، وحراكا شعبيا ومجتمعياً منظما، مطلوب لتحقيق المهام أعلاه ووضع بلادنا على سكة الطريق المفضي إلى التغيير السلمي وبناء دولة المواطنة والمؤسسات والقانون والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.

 ملاحظة:

أن هذه الورقة، هي رؤية عامة تمثل خطوة أولى نحو كتابة برامج تهدف للتغيير، والخلاص من الازمات المتراكمة. وتتولى ذلك لجان متخصصة مرتبطة بقوى التغيير الديمقراطية.