في تحولات الشعرية العربية الحديثة برزت ظاهرة استخدام وزنين أو أكثر في القصيدة الواحدة ، وذلك بإستخدام المشترك من التفعيلات بين البحور الشعرية . وقد لاقت هذه الظاهرة اعتراضات كثيرة في بداية الأمر ، كما حصل بين الشاعرين صلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب ، إذ أشكل صلاح على السياب استخدامه لوزنين في واحدة من قصائده المهمة التي نشرها في مجلة الاداب البيروتية وقد دار سجال حول الموضوع في حينه .
إتّسع مدى تعدد الأوزان في القصيدة المدوّرة - حسب الشيخ جعفر تأسيساً وما تبعه من الشعراء . كما أنَّ الشعر الحديث ( التفعيلة )إعتمد تجاوز عدد التفعيلات الخليليّة زيادة أو نقصاناً .
في الشعر الشعبي العراقي ، وفي واحد من ألوانه ( شعر الهوسة ) ومنذُ وقت مُبكّر ، أي قبل تجربة الرواد الأربعة بعقود ، كانت ظاهرة تعدد الأوزان والتفعيلات قد تحققت عفويّاً .
إنَّ الشكل الشعري في الهوسة - التي أخذت أوسع مدياتها في ثورة العشرين ، يتكون من أربعة أشطر ، الثلاثة الأُولى تجيء على بحر الهزج ( مفاعيلن ) على الأعم ، أمّا الشطر الرابع فيجيء على وزن الخبب ( فعْلن ) ..، ولا يوجد ما يُحدد عدد التفعيلات في الشطر الرابع ، وهذا يعني خروجاً مبكّرا وسابقاً عن شكل البحر الأساس . مثال : هوسة عراقية جاء شطرها الرابع ، هكذا :
اجفوف العدنه اطوال اتنوش العالي إو تشرب مرّ الحنظل كَبل الريكَ .
قال ( مشير المزهر الفرعون ) الهوسة الآتية عام 1935 ..، وواضح فيها الانتقال من الهزج الى الخبب :
انهضوا اوياي ياشبّان انهضوا اوياي
اتركوا النوم اكَطعوا الزاد اكَطعوا الماي
( علي جودت ) وزير اعراكَنه وي واي
اتسنّط بالله اشهل عَيلَه .
في تراثنا الشعبي ، ومنه الشعر الشعبي القديم ، الكثير من الأسبقيات ، مما يستوجب الانتباه والالتفات ...

عرض مقالات: