تعد حماية المنتج الوطني من الموضوعات المهمة والحساسة التي شغلت مساحات واسعة من الجدل والنقاش بين المهتمين بهذا الموضوع الاقتصادي الاجتماعي خاصة مع التراجع الكبير والتدهور النوعي في انتاج السلع الوطنية وغيابها عن قائمة البضائع المعدة للتصدير في مقابل الكثافة الشديدة في توريد السلع الاجنبية الرديئة الفائضة عن حاجة السوق.
ولب الجدل في هذه الموضوعة يدور حول حاجة البلد الى فتح صفحة جديدة في السياسة الاقتصادية وعلى ماذا سيجري الاعتماد الرئيس، على الريع النفطي في حل المشكلة الاقتصادية كحل سريع ام اعتماد سياسة متعددة المصادر التمويلية؟ وحتى الان اختزل الامر في اعتماد الريع النفطي بهدف صناعة تركيبة اجتماعية تتمثل في طبقة طفيلية فاسدة وبيروقراطية حكومية عالية الدخل وطبقة تجارية عقارية الى جانب حرمان الغالبية العظمى من المجتمع من حق الحصول على حصتها من الثروة لدرجة ان 20 في المائة من المجتمع العراقي يستحوذون على 40 في المائة من الثروة. حسب تأكيد صندوق النقد الدولي.
ولولا هذه السياسة التي تتسم بالأنانية وانغلاق النظام السياسي في مخارجه الانتاجية والاجتماعية وارساء بنية مادية تاريخية سواء من خلال النظرة الى قاعدة الانتاج وعلاقات الانتاج او في مكونات بنيوية فوقية من مؤسسات الدولة ،لاستطاع العراق الوقوف على الخط الصناعي العربي والعالمي عن طريق دعم المنتج الوطني لجميع التخصصات حيث تعد من افضل المنتجات على مستوى المنطقة سواء في مجال المنتجات الغذائية والاسمنتية او في تصنيع السيارات وان يحقق الاكتفاء الذاتي وانعاش عملية التصدير وبالتالي تحقيق سيولة مالية خارج الموارد النفطية .
ورغم ان كثيرا من العوامل الايجابية كانت متاحة امام المخطط العراقي، فالإنتاج العراقي ظل يعاني مشكلة الاغراق التجاري في استيراد الفواكه والخضر والمنتجات الحيوانية ولحومها والاسماك بحكم تفوق الدول الاجنبية وخاصة الاقليمية منها في عملية التسويق او الخزن والتعليب ما يحظى بقبول المستهلك العراقي.
كما ان الاهمال الحكومي المتعمد الواقع تحت وهم ان اقتصاد السوق بوصفه النظام الامثل في التطور الاقتصادي قاد الى تجاهل اعادة تأهيل المصانع الحكومية وعودتها الى دورة الانتاج. وهذا التوجه الضار ينطبق على الصناعات الغذائية فتشير الاحصاءات الى تناقص المنشآت الصناعية وخاصة التحويلية وهذا هو الاخطر فأصبح العدد 566 في عام 2016 بعد ان كان 657 في عام 2013 في مقابل ذلك صار الاهتمام أكثر بالصناعة الاستخراجية بأضيق الحدود.
وحتى يمكن تفادي النتائج المرعبة التي سببتها سياسة الباب المفتوح على السلع الاجنبية بحيث ادت الى شل القدرات الانتاجية العراقية خاصة في قطاعي الصناعة والزراعة. لابد من الجدية في اعادة بناء الاقتصاد العراقي وتنشيط حركته لكي يستوعب الطاقات البشرية العاطلة وفي هذا المجال نقترح الاجراءات السريعة التالية:
• منع اغراق السوق من خلال حضر استيراد السلع المنتجة محليا من الدواجن وبيض المائدة والاسماك الحية والمجمدة والمبردة ودعم المشاريع والمنتجات الحيوانية الوطنية وتحريك قطاعات انتاجها وهذا يتطلب مراقبة المنافذ الحدودية بما فيها منافذ الاقليم بعد التأكد من قدرة المنتج المحلي على سد حاجة الطلب من اجل الحفاظ على مستوى الاسعار بهدف ضمان تحقيق الأمن الغذائي والامن الوطني. والتنسيق مع حكومة الاقليم بشأن تنفيذ القرارات والقوانين ذات الصلة ومنها قانون حماية المنتجات المحلية وقانون منع الاحتكار وقانون التعرفة الكمركية.
• ضبط ايقاع عمل المنافذ الحدودية من خلال فرض الضرائب على المستورد الاجنبي غير الملح في الطلب المحلي واعفاء المواد الاولية او نصف المصنعة التي تحتاجها الصناعة المحلية والقطاع الزراعي من الضرائب والدعم الحكومي لمصانع القطاع العام والقطاع الخاص خاصة الصغيرة والمتوسطة عبر قروض وتسهيلات ائتمانية.
• اعادة النظر في جدية في سياسة نافذة البنك المركزي في منع المصارف التابعة لأحزاب معروفة من الاستفادة من ميزات هذه النافذة في تهريب العملة والتنسيق مع الوزارات ذات الصلة في تحديد السلع والبضائع التي تحتاجها السوق المحلية.

عرض مقالات: