ثانيا: داخل العراق

لنجعل عام 1958 هو سنة الأساس حيث كان سكان العراق بحدود ستة ملايين نسمه أصبح في عام 2003 بحدود خمسة وعشرين مليون وعلى افتراض غير واقعي أو غير علمي بأن كل الستة ملايين لايزالون على قيد الحياة فان الزيادة في السكان هي بحدود (19) مليون إي بنسبة76% كلهم ولدوا بعد أن هرب من هرب خلال تلك ألسنة.

وفي عام 1968 كان سكان العراق كان بحدود ثمانية ملايين نسمه فان الزيادة في السكان عام2003 هي (17) مليون إي بنسبة67% لا يعرفون من هرب خلال الفترة ما قبل 1968.

وفي عام 1978 كان السكان بحدود اثني عشر مليون نسمه فأن الزيادة هي (13) مليون فأن نسبة52% لا يعرفون من هرب قبل ذلك، وبنفس السياق فأن نسبة30%لايعرفون من هرب قبل عام 1988 وهكذا.

مما تقدم يظهر أن القوة الفاعلة في المجتمع العراقي(الشباب) لا تعرف من هو فلان كأشخاص؟ وما هو تاريخه ؟ولماذا هو في الخارج ؟وماذا يفعل هناك؟ وماذا قدم لشعبه ووطنه وبالذات خلال فترة الحصار الجائر أخذين بنظر الاعتبار تطّير العراقيين من كل من له ارتباطات خارجية وكرهه لصفة العمالة؟..

لذلك ومع الانفلات الامني وغياب الدولة لجاء الناس الى ما يوحدهم ويحميهم فكان الشارع الذي يسكنون لحمايته ثم العشيرة التي هي السند مع تفتت الدولة ثم التقت العشائر تحت خيمة الطائفة وبتأثير رجال الدين ثم التقت مجاميع حول من أصبح قائدا او وجيها والقسم الاخر التف خلف من يصلي خلفه اومن يقلده من رجال الدين.

ولما كانت القناعات متعددة والاهداف متعددة والاشخاص متعددين لذلك كانت الانشقاقات التي تقودها الاجتهادات ودخل بين كل ذلك الاعمال الإرهابية والقتل والذبح لتدخل الدماء والثارات والتحوطات وغيرها. فأصبح لكل مجموعة شخص مقدس تتبعه حد الموت والفتك بالأخر.

لقد كان الشعب تحت عملية التبعيث لعشرات السنين وتحت ظروف الحصار والحروب وعسكرة المجتمع فكانت أجيال كأمله لم تشاهد إلا صوره واحده ولم تسمع إلا رأي واحد(الغالبية اصيبت ب"التوحد السياسي" تحت تلك الضغوط ان صح القول) يضاف إلى ذلك فأن الكثير من الشخصيات والتنظيمات قد قطعت كل علاقة لهم بالوطن وحتى عوائلهم الذي لم يتمكنوا من الاتصال بهم خلال عقود طويلة وهذا يعني أنها من غير قاعدة جماهيرية إلا ما ندر لذلك فقد كانت حساباتهم تتم على أساس أخر صوره بقت عالقة في تصورهم عندما غادروا العراق فكانت حساباتهم خاطئة وكانت الاستشارات التي قدموها لأسيادهم كارثيه.

لقد كانت المعارضة مريضة نقلت أمراضها إلى الداخل الذي كان مريضا واستفحل فيه المرض بعد الاحتلال... عندما عادت خائفة من بعضها ومن حلفائها فكانوا فاشلين وصار البلد فاشلاً وما توافقت عليه المعارضة أو ما جمعها سابقا هو:

1.جميع التنظيمات ولدت وأعيد ترتيبها في بيئة غير بيئتها وتربت في أحضان الآخرين وكل وليد يتأثر بوالديه والظروف التي عاش فيها.

2.تكّون البعض منها من تجمع لأشخاص لا يجمعهم هم الوطن وإنما أسباب طائفيه وعرقيه فكان فيها من كل الاتجاهات السياسية.

3.ولدت وهي تكره بعضها وتحقد على بعضها وتحاول تهميشه وإلغائه.

  1. ولدت خائفة من محاولات تعرضها للاختراق من قبل السلطة والغير ويلعب الشك في عقول القائمين عليها حتى وصل حد التصفيات الجسدية الداخلية بظن الاندساس.
  2. ولدت فوقيه ولإعلاقه لها بأرض الوطن ولا تحمل تصور أو برنامج سياسي سوى ما يتعلق ببقائها وحصولها على الامتيازات.

أن الكثير من الشخصيات لا يملكون سوى رتبهم التي هربوا بها أو مواقعهم السابقة التي هربوا وتركوها والآخرين أكلتم السنين وترهلوا سياسياً وصحياً ومنهم من ولد في خارج العراق ومنهم لا يملك سوى أسم عائلته الذي كان يوماً يتصوره رنان ومنهم تجار الحصار وسراق قوت الشعب وهناك من دون شك شخصيات وتنظيمات محترمه حاولت التصدي للوضع ومحاولة وضع الحلول لكنهم اقليه غير قادرة أن تغير الحال

الخاتمة:

وصلت كل تلك المجموعات وهي مرتبكة لأتعرف حجمها الحقيقي ولا تعرف عمق الحفرة المملؤة بالدماء التي قفزوا إليها ليغرق قسم منهم وتشبث الناجين بما كان ممكن وما قدم لهم من عون ....

ناس أرعبهم الفراغ وما يحيط بالفراغ فلجأ كلٍ منهم إلى من يعرفهم من عشيرة أو طائفه أو قوم لا للتشاور معهم وإنما لطلب الحماية فوجد العامة من الناس أن القادمين الكثير منهم أشباه رجال في نظرهم يتخبطون من لحظة وصولهم إلى اليوم.

اما ما ذهب اليه الاخرون اي البعثيين السابقين فهو المقاومة التي رفعوها بوجه المحتل وبوجه النظام الجديد وهذا متوقع واستنجدوا بكل من يستطيع ان ينفعهم في ذلك او ينفذ لهم ذلك من اشخاص ودول ومجاميع عراقية وغير عراقية عشائرية ودينيه ودخلوا تحت عباءاتها ودخلت تحت عباءتهم.

فهذا يمثل المقاومة الشريفة وذك يمثل اهل السنة والجماعة وذك يمثل علماء المسلمين واخر يمثل الوقف السني وهكذا...ثم حصل ما حصل من تداخل وتدخلات وانتهت الى فتح المسالك لهم بدخول الحياة السياسية فتقدموا وتقدمت إليهم احزاب وتنظيمات كانت قد ساهمت بالاحتلال. فكانوا أكثر الجهات المرغوبة للسيطرة عليها من خلال اسماء وشخصيات حظيت بدعم امريكي اقليمي لمحاولة ايجاد حل لتهدئة الوضع الامني الذي اضطرب بقوه واعادة التوازن اليه كما يتصورون...ثم كانت الصحوات وافرازاتها وتابعيتها المحلية والإقليمية...فظهرت دعوات اعادة النظر بقوانين حل الجيش والأجهزة الأمنية واجتثاث البعث وقانون الارهاب...ولم يتقدم أحد بشكل وطني لمراجعة الدستور وما نتجه عنه.

استمرت الشكوك والظن والتزاحم والتربص والوقوف بغير حيادية مع امور الوطن... وهذا ما ملموس اليوم مع وفره ماليه وغياب رقابة  فعم الفساد وصارت له مؤسسات ...وانشغلت المجاميع السياسية والاشخاص المتنفذين بالسرقات والرشى ونهب المال العام رافقه اضطراب امني خطير ومستمر.

الخلاصة: الان ليس هناك ما تجتمع عليه الاحزاب والقوى والشخصيات والتيارات...لا وحدة الوطن ولا علم ولا نشيد الوطني ولا تقسيمات الادارية ولا يوم الوطني ولا الاحتلال ولا الموقف من دول الجوار ولا العلاقات الدولية

لكنهم جميعا يشتركون بالفساد والافساد