- أدى التوسع الرأسمالي المعولم الى تقارب البرامج الكفاحية للقوى السياسية المناهضة للتبعية والتهميش، وبهذا السياق تنتصب امام قوى اليسار الديمقراطي كثرة من الاسئلة أبرزها - هل باتت قوانين الرأسمالية دافعاً للتقارب بين قوى اليسار الاشتراكي المناهضة للتبعية والالحاق؟ ما هي مضامين البرامج السياسية القادرة على بناء دول ديمقراطية مناهضة لنهوج الهيمنة الرأسمالية؟ وقبل هذا وذلك هل هناك حاجة للتقارب والتنسيق بين الفصائل اليسارية المناهضة لقوانين العولمة الرأسمالية؟ أسئلة كثيرة واجتهادات فكرية متعددة من جانبي اتوقف عند المحاور التالية-

أولا-انهيار الاستراتيجيات الكبرى وبرامجها المثالية.

ثانياً –وحدة اليسار الاشتراكي وبناء الدولة الديمقراطية.  

ثالثاً- الوطنية الديمقراطية ومناهضة التبعية والتهميش.

استنادا الى المحاور الفكرية المثارة أتعرض لمضامينها السياسية برؤية مكثفة.

أولاً -انهيار الاستراتيجيات الكبرى وبرامجها المثالية.

- وضعت قوانين التوسع الرأسمالي المتسمة بالتبعية وتهميش الدول الوطنية أمام مستقبل ملتبس بسبب ما تحمله تلك القوانين من تدخلات عسكرية وصراعات أهلية وتماشياً مع ذلك تثار أسئلة حول جدوى البرامج الشمولية المتمثلة بإقامة دولة الوحدة القومية، او بناء دولة   الثورة الاشتراكية.  

- التجربة التاريخية المنصرمة أتبتت عجز البرامج الفكرية المثالية عن تحليل بنية الدولة الوطنية وتأثير ازدواجية المعسكرين على صراعاتها الوطنية وما أنتجته من تأثيرات على القوى الوطنية الفاعلة واعتمادها منهجين فكريين أولهما منهج الوحدة القومية وإقامة الدولة العربية الواحدة وما رافقها من بناء أنظمة استبدادية إرهابية، وثانيهما منهج اليسار الاشتراكي الهادف الى الثورة الاشتراكية وبناء سلطة الطبقة العاملة.

- الأنظمة السياسية القومية تسلحت بأنظمة ديكتاتورية وما نتج عنها من استيلاء الطبقات الفرعية على سلطة البلاد السياسية واعتمادها نهوجاً ارهابية في مكافحة القوى الديمقراطية الامر الذي أضعف سيادة الدولة الوطنية وحد من مستلزمات بناء تنميتها الوطنية وصيانة وحدتها الوطنية.

- الفشل القومي في بناء دولة الوحدة العربية ترافق وفشل البرامج الأيدلوجية للأحزاب الاشتراكية المتمثلة بإنجاز مرحلة الثورة الوطنية والانتقال الى سلطة الطبقة العاملة الثورية.

- فشل برامج الاستراتيجيات الكبرى يتطلب نهوجاً سياسية جديدة هادفة الى صيانة الدولة الوطنية من التبعية والالحاق متسلحة ببرامج وطنية- ديمقراطية قادرة على مواجهة قوانين التبعية والتهميش. 

ثانياً – وحدة اليسار الاشتراكي وبناء الدولة الديمقراطية.  

- بات معروفا ان اغلبية النظم السياسية الوطنية الراهنة تندرج تحت هيمنة الطبقات الفرعية –برجوازية طفيلية، برجوازية بيروقراطية، شرائح كمبورادورية، شرائح المالية ربوية- بعد تجذر مواقعها السياسية بسبب تبدل تنمية الاقتصادات الوطنية وتهميش ملكية الدولة الاقتصادية.

  – سيطرة الطبقات الفرعية على سلطة الدولة السياسية أوجدت قواسم كفاحية مشتركة بين بين الطبقات الاجتماعية، حيث أمسى بناء الدولة الديمقراطية أولوية كفاحية في برامج الأحزاب الوطنية.

– استناداً لذلك تتكاثر الدعوات الوطنية لنشوء تحالفات سياسية بين الاحزاب الوطنية - الديمقراطية هادفة الى إنهاء هيمنة الطبقات الفرعية وتحالفاتها الدولية.  

- بهذا المسار تتقاسم الاحزاب الوطنية الممثلة للطبقات الفاعلة في الاقتصاد الوطني بأقسامها الثلاث -البرجوازية الوطنية، الطبقة العاملة، البرجوازية الصغيرة - رؤية سياسية مشتركة ساعية الى –

-بناء دولة وطنية – ديمقراطية قادرة على مكافحة الالحاق والتهميش.

-دولة وطنية تنبثق سلطتها الديمقراطية من الشرعية الانتخابية.

-- سلطة وطنية ديمقراطية ترفض سياسة الاقصاء والإرهاب ضد الاحزاب الوطنية.

-دولة وطية ترتكز على توازن مصالح طبقاتها الاجتماعية.

- دولة وطنية تعتمد سياسة دولية هادفة الى مناهضة الهيمنة الأجنبية.

- بهذا السياق يتمتع تطوير الروابط الاقتصادية - السياسية بين الدول المناهضة لقوانين الرأسمالية المعولمة والتهميش بأهمية تاريخية.

ثالثاً- الوطنية الديمقراطية ومناهضة التبعية والتهميش.

- إعادة بناء سلطة الدولة الوطنية يتطلب وحدة القوى الوطنية الديمقراطية الكفاحية وسيادتها على سلطة البلاد الوطنية.  

- الوحدة الكفاحية بين قوى اليسار الاشتراكي تستمد شرعيتها من تحالف الطبقات الاجتماعية المنتجة وتوازن مصالحها الطبقية وبهذا السياق أشير الى ان الطبقة العاملة وفكرها الاشتراكي مؤهلة من الناحية السياسية لتصدر الكفاح الوطني الديمقراطي المناهض للتبعية والتهميش لكثرة من الأسباب أبرزها-

1- وطنية الطبقة العاملة.  

حرص الطبقة العاملة على ابعاد الدولة الوطنية عن هيمنة المراكز الرأسمالية الكبرى ناهيك عن قدرتها على تنمية وتطوير اقتصادات بلادها الوطنية.

2-صيانة وحدة البلاد السياسية.

 تسعى الطبقة العاملة وفكرها الاشتراكي الى صيانة وحدة البلاد السياسية وابعادها عن النزاعات الوطنية والحروب الطائفية.

3 – أممية الطبقة العاملة

  رفضها للعبودية والتبعية للرأسمال الدولي، ومطالبتها بحرية بلادها والمساواة بين طبقات وقوميات تشكيلتها الاجتماعية.

ان السمات المشار اليها الملازمة للطبقة العاملة تدعو قيادة الأحزاب والقوى الاشتراكية لتطوير وحدتها الوطنية باعتبارها القوة الوطنية القادر على صيانة الدولة الوطنية وقواها الاجتماعية من التفكك والتهميش.

استنادا الى ما جرى تناوله من رؤى فكرية وموضوعات -سياسية أتوصل الى الاستنتاجات التالية-

أولاً- الرأسمالية المعولمة بقوانينها التخريبية المتسمة بالتبعية والتهميش تنتج أرضية سياسية للتعاون الوطني -الديمقراطي المناهض للهيمنة الرأسمالية.  

ثانياً- تحالف القوى الوطنية – الديمقراطية يسعى الى بنا ء دولة وطنية ديمقراطية قادرة على لجم النزاعات الاجتماعية والحروب الاهلية.

ثالثاً—قوى اليسار الاشتراكي تتمتع بمواصفات طبقية - سياسية مناهضة للمساومة الطبقية مع الرأسمال الدولي ومدافعة عن مصالح البلاد الوطنية.  

رابعا- دعوة اليسار الاشتراكي للتحالفات الوطنية ضرورة تاريخية تفرزها وحدانية التطور الرأسمالية وقوانينه التخريبية.

خامساً – قوى اليسار الاشتراكي قادرة على صيانة البلاد من الطبقات الفرعية وتحالفاتها الدولية.

عرض مقالات: