الكثير من جماهير شعبنا، يرى ما يصرح به حملة همومه فيما يتعلق بمكافحة الفساد وتلبية، مطالب المتظاهرين منذ 25 شباط عام 2011 والتي هدفت سلميا إلى تنمية بلدهم اقتصاديا واجتماعيا وإصلاح العملية السياسية، وخاصة عندما تبنت الأحزاب الإسلامية نهج المحاصصة الطائفية والإثنية مسارا لها، بعد سقوط الدكتاتورية. اعتبرت الجماهير الشعبية ما يُنشر في أدبيات حاملي الهم العراقي من مواد تفضح نهج المحاصصة، نبوءة لتفادي سقوط الوطن في المحظور، ومع استمراره ليومنا هذا وقف وراء المشاكل التي يعاني منها العراق منذ 2003 ، وشكل إس المعوقات الاقتصادية والاجتماعية، و بأشكال مختلفة أثر على استقلاله واستقراره أمنيا، باعتبار(المحاصصة الطائفية والقومية) قد عرقلت الجهود التي بذلت إصلاح الأوضاع المأساوية التي خلقها المتحاصصون في ظل هذا النهج المقيت، الذي استغلته الأحزاب القائمة على مواقع القرار لتحقيق مصالحها الذاتية، بزرع محسوبيها ومريديها في دوائر الدولة الإدارية واﻷمنية، بحيث تكون جهاز لا دولة داخل الدولة، رعته الأحزاب المتحاصصة وميليشياتها المسلحة طيلة17 عاما. فسلحت ميليشياتها بسلاح يكاد يتفوق على ما يملكه الجيش العراقي.

لقد لقي هذا الجهاز الترحيب والدعم من كل من إيران وتركيا بتفاهمات مع أمريكا، إذ لا يمكن كما كشفت لنا الوقائع أنه ما من حكومة ينخرها الفساد، وشُكلت من أحزاب متحاصصة تمت بتنسيق وموافقة الأطراف الثلاثة، ضَمِنت سكوتها وصمتها، تجاه التدخل المباشر وغير المباشر بشؤون العراق وسياسته الداخلية والخارجية، فداست على كرامة الشعب والوطن وخرقت المواثيق الدولية الدولة، باستغلال متعهدي تطبيق أجنداتها المتربطين واياها بعلاقات طائفية وإثنية. 

 لقد انعكس سكوت وصمت متبني أجندات تلك الدول للقاصي والداني، ما تقوم به الدول الثلاث لجعل العراق يعتمد عليهما فيما تنتجه صناعيا وزراعيا بعد أن دمرت مصانعه وزراعته، دون محاسبة قانونية دولية وتعويض عادل، إذ أن إيران وتركيا حجبتا مياه الأنهر الذي تغذي أرض الرافدين منذ آلاف السنين بالمياه. فإيران قد حولت مجرى روافد الأنهر الى داخل آراضيها، بينما تركيا، علاوة على تواجد قواعد عسكرية غير شرعية داخل أراضينا، تتمادى ودون إطلاع الحكومات العراقية ببناء السدود وخزن المياه في أراضيها، محولة أراضي حوضي دجلة الخير والفرات الى صحراء خاوية، أدت غلى هجرة المزارعين من تلك المناطق إلى المدن. ومع كل هذا يعلن البعض بدون وجل على الملاء وقوفهم لجانب إيران وتركيا، على الرغم من خروقاتهما لقانون العلاقات الدولية حول تقسيم المياه بين دول المنبع والمصب، علاوة على ذلك أن الحكومة العراقية لم تحرك ساكنا باتجاه استغلال علاقاتها التجارية معهما لضمان المصالح العراقية، بل سعت إلى توسيعها مع الأطراف الثلاثة وخصوصا إيران وتركيا، لتخفف من ضائقتهما الاقتصادية وعملتها المنهارة تحت تأثير الحصار السياسي والاقتصادي وبصورة خاصة على إيران     

لم تكتف كل من إيران وتركيا بتشويه الزراعة في العراق فلجأتا إلى تسميم أحواض تربية الاسماك، شملت حتى الأهوار التي تعتبر مصدر معيشة مئات العوائل العراقية في الوسط والجنوب في أجواء صمت الاحزاب الحاكمة وميليشيات الأحزاب الإسلامية المنفلتة. 

يتحججون في كل اعمالهم المناهضة لإصلاح العملية السياسية، وتناقض مصالحهم الذاتية مع مصالح الشعب الجماهير الشعبية والوطن بالحظوة التي خصهم بها الدستور وسيطرتهم على البرلمان، فالأول جرى أعداده في ظل الاحتلال وحمل قنابل موقوتة. جعلوا من مطاليب الجماهير الشعبية بإعادة تنقيحه وكتابته بما ينسجم وعملية التغيير والإصلاح أن تذهب أدراج الرياح.

نعم لم يلتفت المسؤولون لمناشدة حاملي الهم العراقي الذين عزوا فقدان هيبة الدولة وضعفها على اعتماد متبني نهج المحاصصة الطائفية والأثنية على التدخل الايراني والتركي بشؤون العراق الداخلية، غير بعيد عن التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ومواصلته ليومنا هذا مما خلق ظروفا من الصعب في ظلها إجراء التنمية اجتماعيا واقتصاديا، فما كان أمام الجماهير الشعبية غير الانتفاض سلميا مرة أخرى تحت شعار نريد وطن في تشرين عام 1919. ورغم سلميتها استعملت القوة المفرطة، بالسلاح الحي لتفريقها، والقيام بالخطف والتصفية الجسدية بكاتم الصوت لنشطاء ساحات التظاهر الذي مارسته ميليشيات الأحزاب المتحاصصة، مما دعا المالكي إلى القول إن المتظاهرون أخرجوا وسط وجنوب العراق من سيطرة الحكومة (أي من سيطرة المحاصصة الطائفية) دون الإشارة الى رغبتهم بوطن حر يربط البعد الاقتصادي بالاجتماعي لبناء مجتمع مدني ودولة العدالة الاجتماعية.      

عرض مقالات: