يرفض الحزب الشيوعي السياسة الاقتصادية للحكومة وذلك:

1- أنها تسير في نفس طريق سياسات ديكتاتورية الانقاذ المبادة ونظام الاسلام السياسي الذي اسقطه الشعب مطالبا بالتغيير ذلك أن تلك السياسات افقرت الشعب وفتحت الطريق أمام الرأسمالية الطفيلية لتنهب موارده، والسياسة الحالية رغم شعاراتها تسير في نفس الطريق بل تواصل التمكين الاقتصادي لنفس الفئة الطفيلية السابقة وفئة جديدة بدأت في النمو بحجة قيادة القطاع الخاص فتتيح لنفس الفئات القديمة وفئات جديدة وفئات تتبع أحزابا تقليدية السيطرة على سوق الصادر والوارد وسوق النقد الأجنبي عن طريق منشورات صادرة رسميا من بنك السودان وبتبرير وزارة المالية ،فقد سمح بموجب تلك المنشورات لمصدري الصادرات التقليدية والذهب بوضع عائدات الصادرات في حسابات خاصة واستعمالها في الاستيراد أو بيعها للموردين مما يعني تقنينا للسوق الموازي وتعويم غير معلن للجنيه السوداني، وفي ذات الوقت تهمل هذه السياسات الفئات الرأسمالية المستثمرة في الإنتاج الزراعي والصناعي وتتركها تعاني للحصول على خاماتها ومدخلاتها ووسائل إنتاجها وتمويلها في منافسة غير متكافئة مع الرأسمالي الطفيلي التجاري والمالي .. انها تستجيب كليا لشروط الصندوق والبنك الدولي التي تهدف لإفقار الشعوب ونهب الموارد.

2- تسير السياسة في نفس طريق تحميل الجماهير عبء الأزمة الاقتصادية فتترك الحكومة الجماهير لكي تطحنها قوى السوق المتوحشة، بل تساعد تلك القوى برفعها لأسعار المحروقات وتعويمها غير المعلن لسعر الصرف وإلتزامها للمشاركين في محفظة السلع الاستراتيجية بضمان أرباحهم وفقا للأسعار التجارية حتى بلغ الإرتفاع في التضخم أكثر من  114% وفقا للأرقام الرسمية - نهاية مايو ٢٠٢٠- التي يسخر منها السوق ولا تكتفي بذلك بل تخطط لزيادة تعرفة الكهرباء ورفع أسعار الخبز. وتفرض الضرائب غير المباشرة والرسوم مثل ضريبة القيمة المضافة على السلع الغذائية والأدوية وغيرها من السلع الضرورية.

3- وتسير الحكومة في نفس طريق دكتاتورية الإنقاذ المبادة نحو خصخصة ما تبقى شركات القطاع العام بدلا عن استعادة ما تم خصخصته وبيع بأقل من قيمته للطفيلية أو عن طريقها كسمسار للأجانب، وتهدد السياسة ببيع ما أسترد من أصول بواسطة لجنة تفكيك التمكين واستعادة المال المنهوب.

4- وضعت الحكومة ميزانية تقليدية تعتمد على مورد الضرائب والاستدانة من البنك المركزي والجمهور، ذلك الطريق أدى لرفع الأسعار والإفراط النقدي والاعتماد على المنح وبالتالي تدهور سعر الصرف وزيادة تكلفة الإنتاج الزراعي والصناعي مما يؤدي لمزيد من ارتفاع الأسعار ويدخل الاقتصاد في دورة تضخمية مستمرة.

إن ميزانية 2020 قد انهارت لأن كل تقديراتها بنيت على تقديرات منح خارجية لم تتحقق.

5- دعمت الحكومة التضخم  بزيادة الأجور والمرتبات وهي زيادة مستحقة لما عاناه العاملون من شظف العيش تحت النظام الديكتاتوري، ولكن لم يسبق ذلك إصلاح في إيرادات الدولة بحيث تمول هذ الزيادات من مصادر حقيقية ولم تتخذ الحكومة إجراءات للسيطرة على انفلات السوق؛ بل أنها تدفع  بموجة جديدة عن طريق الدعم النقدي للأسر.

6- إن الخلل الأساسي في الإيرادات يتأتى من تصفية القطاع العام ومن سيطرة المؤسسات العسكرية والأمنية على ما تبقى من شركات ونشاطات اقتصادية مربحة سواء كان في التصدير أو التصنيع.

7- لا زالت الموازنة تعتمد على الضرائب غير المباشرة سهلة التحصيل والتي يقع عبئها على الجماهير، بينما الضرائب المباشرة تشكل نسبة أقل من العائد الضريبي، وهي لا تتخذ منهج الضرائب المتصاعدة ولا تفرق بين النشاط الإنتاجي والأنشطة الطفيلية. بل أن أنشطة ذات عائدات  كبيرة كشركات الاتصالات تدفع أقل نسبة ضريبة أرباح في البلاد ويدفع المواطن الذي يستعمل الاتصالات أعلى نسبة قيمة مضافة مفروضة على أي سلعة أو خدمة.

8- وتستمر المصارف والسياسة المصرفية كما تركها النظام الديكتاتوري تخدم الرأسمالية الطفيلية وتحجب التمويل عن القطاعات الانتاجية بل لا تملك صيغا لتمويل النشاط الإنتاجي.

إن الحزب الشيوعي في مواجهة هذه السياسة الضارة بمسار الثورة وتحقيق أهدافها وغير المستجيبة لتطلعات شعبنا يطرح سياسة اقتصادية بديلة تعتمد على حشد الموارد الذاتية ولجم الرأسمالية الطفيلية وإعادة توزيع الثروة النقدية واستعمال السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية لإعادة تعمير المشروعات الإنتاجية والخدمية وتقليص الواردات والطلب على النقد الأجنبي واستعادة دور الدولة في توجيه الاقتصاد وفي التجارة الخارجية صادرات وواردات وتقديم خدمات التعليم والصحة المجانية والقيام بدورها في الاستثمار والتنمية وتشجيع القطاع الخاص المنتج في الصناعة والزراعة.

إن حشد الموارد الذاتية يتطلب:

  • ولاية الدولة على المال العام ووضع جميع مؤسسات وشركات القطاع العام والتي تملكها المؤسسات العسكرية والأمنية تحت امرة الدولة وانهاء دور الوسطاء والسماسرة في إدارة المرافق العامة وتجريم التجنيب والشراء المباشر بدون عطاءات إلا في الحالات التي يسمح بها القانون أو تتطلبها اتفاقية ثنائية.
  • وضع الدولة يدها على الصادرات الأساسية للبلاد من قطن وصمغ وحبوب زيتية وبترول ومعادن وثروة حيوانية حتى تسيطر على النقد الأجنبي وتوقف تدهور الجنيه السوداني وتوجه النقد الأجنبي لتلبية احتياجات البلاد الضرورية والإنتاجية والاستثمارية.
  • إيقاف الاستهلاك البذخي ومنع استيراد البضائع الكمالية والتفاخرية وغير الضرورية وحصر الواردات للفترة الانتقالية في المواد البترولية والقمح والأدوية ومدخلات ووسائل الإنتاج. إن هذا يعالج الخلل الأساسي في الميزان التجاري ويوفر على البلاد ما يزيد عن ثلاث مليارات دولار وفقا لمتوسط العشرة سنوات الأخيرة.
  • إستعادة الأصول والأموال والأراضي المنهوبة وإدارتها بحيث تزيد وتنوع مصادر إيرادات الدولة للميزانية ورفع ميزانية التنمية إلى ٢٥٪ من جملة الانفاق، وإيقاف التوجيهات المفروضة من جهات أجنبية للاستمرار في سياسة الخصخصة التي أضرت بثروة شعبنا.
  • تغيير العملة السودانية لتحقيق أغراض أمنية تتعلق بالتزوير الحادث في العملة، ولفرض ضريبة على الثروة النقدية تعيد توزيع الثروة النقدية في البلاد ضد الطفيلية وسماسرة النقد الأجنبي وتقلل من حجم النقود المتداولة مما يكون له أثر إيجابي على معدل التضخم وسعر الصرف. هذا إلى جانب أن الضريبة وهي مرة واحدة عند التغيير تحقق إيرادات تسهم في تغطية العجز في الموازنة العامة.
  • اتخاذ سياسة ضريبية تعتمد التمييز الضرائبي التصاعدي لإلجام النشاطات الطفيلية وتشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي وتعظيم موارد الدولة من الضرائب المباشرة بهدف تخفيف عبء الضرائب غير المباشرة الواقع على الجماهير وهذا يتطلب اصلاحا ضرائبيا يشمل التشريع وإدارة الضرائب.
  • إعادة تعمير المشاريع الإنتاجية واعطائها الأولوية حتى تعمل بطاقتها الإنتاجية التصميمية وإيقاف أي توجه للخصخصة وإصلاح نظم إدارة المشروعات.
  • إن تطوير الإنتاج لا يشمل القطاع العام والحكومي فقط بل يجب أن تضع الدولة والقطاع الخاص عبر مفاوضات وبرامج متفق عليها الأسس لرفع الإنتاجية واستغلال الطاقة المصممة للمصانع ولزراعة كل الأراضي الممنوحة للمستثمرين،بعد تشريعات جديدة للاستثمار المحلي والاجنبي لفائدة الاقتصاد الوطني.
  • وضع إجراءات عاجلة وصارمة لإصلاح النظام المصرفي وتحريره من سيطرة راس المال الطفيلي وفتح نوافذ للعمل بسعر الفائدة وهذا يتطلب اصلاحا حقيقيا في البنك المركزي والقانون الذي يحكمه.
  • إعادة النظر في الموازنة العامة وفقا لما نقترحه من سياسات وإيقاف سياسات زيادة الأسعار للمحروقات والكهرباء والغاز والخبز والتي تسمى برفع الدعم والمرتبطة بتدهور سعر الصرف نسبة لاتخاذ الحكومة سياسة تقنين السوق الموازي وتعويم الجنيه من خلال سياسة الصادر.
  • ولإيقاف استنزاف مواردنا من النقد الأجنبي في استيراد المحروقات لا بد من اصلاح جذري لنظام النقل بإصلاح السكك الحديدية والنقل النهري والمواصلات في المدن باستجلاب البصات الكبيرة والتي تصلح لشوارعنا وتقلل من استهلاك الوقود وإصلاح نظام التوليد الكهربائي واخال الطاقة الشمسية والطاقات البديلة. إن هذه ليست مسألة اقتصادية فقط بل هي تتعلق بالبيئة والصحة العامة وسلامة المواطنين.
  • إن السياسة الاقتصادية التي نقترحها تتضمن إعادة النظر في المنصرفات والتوجه بجدية نحو مجانية التعليم والصحة وإصلاح مرافقها بشكل جذري كما يعني إعطاء المشاريع الإنتاجية خاصة الزراعة والري الأولوية في الصرف.

ان ما نقدمه هو رؤوس مواضيع لسياسة بديلة ومستعدين لتفصيلها للمسؤولين والجماهير.

المكتب السياسي

الحزب الشيوعي

يوليو 2020