عبد الله لطيف 

شهدت الأيام الماضية، تحشيدا كبيرا من الناشطين في انتفاضة تشرين والمدونين، على مواقع التواصل الاجتماعي تحضيراً لتظاهرة مليونية يوم غد الثلاثاء، إحياءً لذكرى انطلاق الحراك الشعبي المناهض للمحاصصة والفساد وقواه المتنفذة. وفيما تشابهت الدعوة بشكل كبير مع دعوة 25 شباط 2011، التي شهدت احتجاجات كبرى في البلاد، أكد متظاهرون أن الأسباب التي دفعتهم الى المشاركة سابقا، ما زالت موجودة حتى اللحظة.

تجديد روح 25 شباط

وأطلق ناشطون ومدونون دعوات الى تظاهرات شعبيـة حاشدة في العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى يوم غد 25 شباط.

وأنتشر هاشتاك "راجعيلكم بمليونية"، على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف الدعوة الى التظاهرة المقررة، ليصل إلى قائمة الهاشتاكات الأكثر تداولاً على هذه المواقع.

وهتف، أمس، المتظاهرون في ساحة التحرير بعبارة " وعد هذا لكل شهيد.. الثورة ترجع من جديد"، مجددين رفضهم رئيس الوزراء المكلف، مؤكدين على ضرورة القيام بإجراءات واسعة للتغيير السياسي الشامل.

وعي متنامٍ وتطورات جديدة

وفي هذا الشأن، قال الناشط في الاحتجاجات، بسام عبد الرزاق لـ"طريق الشعب"، ان "التواريخ التي تُحدد مسبقا للتظاهرات، تأتي عبر التخطيط بعيدا عن العفوية، والدليل على ذلك هو الزخم الجماهيري الكبير الذي تشهده".

ويضيف عبد الرزاق، في شأن الفارق بين احتجاجات 2011 والحالية، أن "وعي الناس تنامى بشكل كبير، متمثلا في المشاركة الواسعة للمرأة. كما ان انتفاضة اليوم شهدت حضورا مهيبا للطلبة وهذا ‏فارق كبير جدا"، لافتاً الى انه "في السابق وعندما كنا ندعو الى تظاهرات كان الحضور الطلابي والنسوي محدوداً، أما اليوم فقد أصبح حضورهم ملفتاً".

وأضاف، الناشط، إن "الشارع الان يملك الوعي الكافي تجاه قضاياه واحتياجاته، اذ ‏نلاحظ مشاركة قطاعية كبيرة"، مبيناً ان "الاداء الحكومي لم يختلف كثيراً بين أمس واليوم وأن نظام المحاصصة وآلية توزيع المناصب ما زالت حاضرة، وينكشف ذلك عند التخاصم بين القوى ‏السياسية نفسها، لتبدأ الفضائح المتبادلة وانتقاد نظام المحاصصة الطائفية الذي تديره هذه القوى ذاتها".‏

يذكر ان تظاهرات عراقية خرجت عام 2011، رافعةً هتافات وشعارات طالبت بالقضاء على البطالة وتوفير مفردات البطاقة التموينية وكذلك انهاء الفساد المالي والاداري.

وكان المتظاهرون آنذاك يطالبون بتوفير الخدمات من ماء وكهرباء وشبكات الصرف الصحي ‏وزيادة تخصيصات الرعاية الاجتماعية وحل مشكلة المتقاعدين وانصافهم.

الدوافع باقية

من جانبه، قال الناشط في الاحتجاجات، علي الجاف، لـ"طريق الشعب"، ان "25 تظاهرات شباط 2011 كانت واحدة من المحطات الرئيسة التي مهدت الى هذه الانتفاضة، والثورة لا تأتي فجأة، لأنها تحتاج الى تراكم احتجاجي مستمر، وغضب الناس المتراكم يأتي عبر مجموعة من الاحداث ومن ضمن هذه الاحداث التي اقصدها هي احتجاجات 2011".

وتابع الجاف، إن "هذا التاريخ لا يزال ماثلاً في أذهان الناس على اعتبار انه هو التاريخ الاول الذي يخرج فيه الناس في تظاهرات لرفض المحاصصة والفساد"، مشيراً الى ان "الاسباب التي دفعت الناس الى الخروج في السابق هي نفسها تدعوهم مجدداً الى المشاركة في تظاهرات الغد، بل إن الاوضاع أكثر سوءاً".

واوضح الناشط، انه "قبل تسع سنوات كانت النخب اكثر فاعلية من الان والكثير من الادباء والصحفيين والناشطين كانت لهم مساهمة فاعلة"، لافتاً الى ان "التحدي كان كبيرا وكانت مهمة المثقفين ان يزرعوا بذرة الحرية وقد حصدوا ثمارها في انتفاضة تشرين التي انتجت جيلا متميزا له اراؤه الخاصة، ويستمد هذا الجيل قوته من تراث عراقي احتجاجي عمره عشر سنوات".

واشار، إلى أن "هذا الجيل هو نقطة قوة للاحتجاجات حيث ان كل القطاعات التي يتواجد فيها الشباب شهدت مشاركات واسعة لها، والحديث هنا عن مساهمة الطلبة في الانتفاضة".

واستحضارا لتظاهرات شباط 2011 يستذكر المراقب والمشارك فيها الشعارات التي اطلقت في حينها، من ضمنها "الارامل والايتام بالشوارع جاي تنام  .. وبالصوت بالحق نصلح الاوضاع .. وبالصوت بالحق نحارب الفساد". فضلا عن مطالب اخرى مهمة شددت على توفير التعيينات وتطوير الواقع الصحي واجراء توزيع عادل في سلم الرواتب ‏من خلال تقليص رواتب النواب والمسؤولين الحكوميين وزيادة رواتب المتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية ‏الاجتماعية. ‏

تحشيد حالي

وتداول أخيرا، عشرات المتطوعين وممثلي منظمات مدنية، مجموعة هاشتاكات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "مليونية احرار اثبات الوجود، والعراق يمرض ولايموت، وننتصر او ننتصر، لحث المواطنين والنخب المجتمعية على الخروج في التظاهرات المليونية".

وأرفق المغردون صوراً ومقاطع مصورة توثق أحداثاً وقعت بعد الأول من تشرين الاول الماضي، يوم انطلاق التظاهرات المستمرة حتى الآن، بعضها لمتظاهرين استشهدوا خلال مشاركتهم في الاحتجاجات، من بين أكثر من 700 شهيد ونحو 30 ألف جريح ومعاق.

وتأتي تلك التحركات في وقت لا يزال فيه مصير الحكومة العراقية التي لم تر النور حتى الان غامضاً، في ظل تزايد التعقيد للأوضاع السياسية والتضارب بين القوى الحاكمة في شأن تمرير الحكومة.