مرت أمس الأول، الذكرى الرابعة للتدخل العسكري لقوات "التحالف العربي" بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن. وتعتمد أطراف التحالف على دعم لوجستي تقدمه الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، وفرنسا.

ويدعم "التحالف العربي" الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي يحظى بدعم في البلاد من قطاعات من الجيش والميليشيات القبلية السنية. وتخضع أجزاء كبيرة من البلاد لسيطرة ميليشيا أنصار الله الشيعية، والتي يشار إلى مقاتليها في الإعلام الغربي على أنهم متمردون حوثيون. والأمم المتحدة تصف الصراع بأنه أسوأ كارثة إنسانية جارية حاليا في جميع أنحاء العالم. ويتعرض عشرة ملايين شخص للتهديد بالمجاعة، 80 في المائة من السكان بحاجة ماسة للمساعدة. ووفقا لأرقام الأمم المتحدة، فقد تم قتل أكثر من 10 آلاف شخص في الصراع، بما في ذلك آلاف من المدنيين.

ارباح من حرب اليمن

وفي الوقت الذي يشكل فيه العنف المستشري في اليمن أحد ميادين الصراع الاقليمي بين السعودية وحلفائها المدعومين من البلدان الغربية من جهة، وإيران وحلفائها في المنطقة من جهة اخرى، تحقق البلدان الغربية أرباحا طائلة من الحرب الدائرة، وخصوصا عبر تصدير السلاح والمعدات الحربية. وفي الخريف الفائت فقط، أوقفت حكومة المانيا الاتحادية جميع شحنات السلاح إلى المملكة العربية السعودية. ولم يكن السبب الكوارث التي سببتها الحرب، بل قيام السلطات السعودية باغتيال المعارض السعودي المعروف، الصحفي جمال خاشقجي، بالطريقة التي باتت معروفة للجميع. وسينتهي الحظر الألماني على تصدير الأسلحة الى العربية السعودية في نهاية اذار الحالي، ولا يريد الاتحاد المسيحي الحاكم في المانيا تمديده لفترة جديدة. وأبلغ يواخيم فايفر المتحدث لشؤون السياسة الاقتصادية للكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي وكالة الأنباء الألمانية ان وقف تصدير الصادرات من جانب واحد امر خاطئ. ويجب على الحكومة الاتحادية التنسيق مع شركائها في الاتحاد الأوروبي. وانتقدت فرنسا وبريطانيا العظمى مؤخراً وقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى المملكة العربية السعودية لأنها سوف تعرقل أيضًا مشاريع التسلح المشتركة بين هذه البلدان. ودعا فايفر إلى عدم "الابتعاد عن السعودية"، بل "استخدام الوضع الحالي لتوسيع النفوذ الغربي في الشرق الأوسط والسعودية". والا يمكن لدول أخرى، مثل روسيا، ملء الفراغ.

موقف مضاد للتسليح

ومعروف ان قوى اليسار وحركات السلام في المانيا واوروبا تطالب باستمرار بوقف تصدير السلاح الى أطراف النزاع، وحتى قوى الوسط لم تعد قادرة على غمض العين عما يدور، فقد طالبت زعيمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، شريك اليمين في التحالف الحاكم في كونفرس حزبي عقد مؤخرا بضرورة تمديد حظر التصدير لمدة 6 اشهر أخرى: "ما دام الناس في اليمن يموتون كل أسبوع، ويتضور الأطفال جوعًا، وطالما كانت المملكة العربية السعودية طرفًا في الحرب، فلا يجب أن تكون هناك شحنات أسلحة المانية أخرى إلى ذلك البلد".

منظمة العفو الدولية دعت هي الأخرى الى تمديد حظر تصدير السلاح. وقال ماتياس جون خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية بألمانيا "لا ينبغي التفكير في تخفيف الحظر، طالما استمر القتال كما كان من قبل دون اعتبار للسكان المدنيين. وتدعو منظمته إلى وقف صادرات الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة، التي تشارك أيضا في الحرب اليمنية. وقال جون "الجيش الإماراتي يتلقى ما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة من الدول الغربية ودول أخرى لتزويد الميليشيات اليمنية التي ثبت ممارستها جرائم حرب". وان المطلوب "فرض حظر شامل على الأسلحة ضد جميع أطراف النزاع في اليمن". واعتبر جون الدانمارك وفنلندا وهولندا والنرويج امثلة يحتذى بها، لإعلانها إيقاف جميع صادرات الأسلحة إلى الإمارات والمملكة العربية السعودية.

جذور الأزمة

وتعود جذور الأزمة اليمنية إلى العام 2013 بعدما تحول الحراك الشعبي إلى مواجهات مسلحة، واستمرت المواجهات العسكرية بين القوات اليمنية الحكومية والحوثيين حتى تمكنت جماعة أنصار الله من السيطرة على صنعاء في ايلول 2014، وهو ما اعتبرته السعودية محاولة من إيران لترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وتراه الرياض تهديدا لأمنها القومي. وبين نزوح ومجاعة وكوليرا، خلّف الصراع اليمني معاناة إنسانية تعد الأسوأ في العالم، وفق الأمم المتحدة.ففي مارس 2017 وصف المسؤول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين الأزمة في اليمن بأنها "الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم"، الأمر ذاته أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في شباط 2019

وأوضح أن تقديراته تشير إلى أن 80 في المائة من السكان أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14.3 مليون شخص بشكل عاجل.

أرقام خطيرة

من جهتها أكدت "منظمة العمل ضد الجوع" الفرنسية أن عدد النازحين داخل اليمن بلغ 3.3 ملايين شخص.

إلى ذلك، تفشى وباء الكوليرا في اليمن مؤديا إلى وفاة أكثر من 2500 شخص منذ نيسان 2017، وتم الإبلاغ عن الاشتباه بإصابة نحو 1.2 مليون شخص، بحسب منظمة الصحة العالمية.

كما تقول منظمة "سيف ذي تشيلدرن" الإنسانية البريطانية إن قرابة 85 ألف طفل ماتوا من الجوع أو المرض في الفترة بين نيسان 2015 وتشرين الأول 2018، وقتل آخرون خلال المعارك.

والجدير بالذكر أن الحرب تسببت في سقوط عدد كبير من المدنيين، حيث بلغ عدد القتلى 12749، فيما بلغ عدد الجرحى 20453، حسب إحصاءات غير نهائية للأمم المتحدة.

كما تسببت الحرب في دمار كبير جعل اليمن يخسر رقما ليس بالقليل من البنية التحتية حيث شملت الأضرار: "712 مسجدا، 763 مدرسة ومعهدا، 223 منشأة سياحية، 206 معالم أثرية، 103 منشآت رياضية، 113 منشأة جامعية، 26 منشأة إعلامية، 663 مخزن غذاء، 515 ناقلة غذاء، 15 مطارا، 14 ميناء.