الانتاج السلعي (commodity production). يعني انتاج المنتجات لبيعها، لا استهلاكها استهلاكا خاصا. إن ظهور الانتاج السلعي يرتبط بتطور التقسيم الاجتماعي للعمل، والتبادل.
تستحث دراسة نشوء الرأسمالية الانطلاق أولا من دراسة الإنتاج السلعي. فالرأسمالية تنمو من الإنتاج السلعي البسيط. ولهذا تصبح دراسة الإنتاج السلعي ضرورة لمعرفة ظروف وأسباب وحتمية نشوء الرأسمالية، وفيما بعد، أصبح الإنتاج السلعي ذو طبيعة شاملة في ظل الرأسمالية.
لكي نستطيع أن نفهم هذه الضرورة لابد أولا أن نميز بين شكلين عرفهما الإنتاج من الناحية التاريخية وهما:
الإنتاج الطبيعي وهو الذي يكون هدفه إشباع حاجات المنتجين ذاتهم مباشرة.
الإنتاج السلعي هو ذلك النمط من الإنتاج الذي يوجه للتبادل في السوق، أي أن هدفه ليس إشباع حاجات المنتجين أنفسهم بل هو موجه للمبادلة مع منتجات أخرى في سوق محددة.
ويعرّف الإنتاج السلعي بأنه ذلك التنظيم للإقتصاد الإجتماعي، حيث يقوم بإنتاج المنتجات منتجون منفردون يتخصص كل منهم بإنتاج منتوج واحد معين، بحيث تستوجب تلبية الاحتياجات الإجتماعية شراء وبيع المنتجات التي تتحول بناء على ذلك الى سلع مطروحة في السوق.
وارتباطا بالتعريف أعلاه يمكن أن نستخلص شروط وسمات ظهور الإنتاج السلعي، تمييزا له عن الإنتاج الطبيعي:
من ناحية هدف الإنتاج. الهدف في الإنتاج السلعي هو إنتاج المنتجات للتبادل في السوق، أي إشباع حاجات منتجين آخرين.
ويعني ذلك انه لابد من ظهور التخصص والتقسيم الإجتماعي للعمل كشرط لنشوء الإنتاج السلعي
ولكن التقسيم الإجتماعي للعمل وعلاقات التبادل بين المنتجين لا تخلق بحد ذاتها الإنتاج السلعي، بل لا بد من توفر شرط مهم أخر هو ظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. فبفضل هذا الشكل للملكية أصبح كل منتج شخصية منفردة خاصة يباشر إنتاجه تحت مسئوليته الشخصية.
ومن هنا، فإن العلاقة الإجتماعية بين المنتجين لا تتكشف خلال عملية الإنتاج مباشرة، بل تظهر فقط من خلال تبادل منتجات العمل في السوق، أي من خلال التبادل السلعي.
وهناك شكلان تاريخيان للإنتاج السلعي هما:
الإنتاج السلعي البسيط Simple commodity production ، وهو الشكل الأول تاريخيا للإنتاج السلعي بشكل عام، ويتمثل بالإنتاج الصغير الحرفي والفلاحي. ويمتاز بالخصائص التالية:
التقسيم الإجتماعي للعمل.
الملكية الخاصة الصغيرة لوسائل إنتاج ونتاج عمل المنتج نفسه.
يقوم هذا الإنتاج على العمل الشخصي للمنتج، ولذلك فهو لا يتضمن علاقات استغلالية. فكلل فرد يتملك نتاج عمله الذاتي.
ومن المفيد الإشارة الى أن الإنتاج السلعي البسيط قام كنمط إقتصادي في ظل العبودية والإقطاع. وهو يظل قائما في ظل الرأسمالية وفي مرحلة الإنتقال من الرأسمالية الى الإشتراكية. ولكن الإنتاج السلعي البسيط لم يكن أسلوبا سائدا للإنتاج، إذ أن تطوره يفضي، بسبب التناقضات الداخلية، الى تباين المنتجين الصغار، واندثار وجودهم.