يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الازمات الاقتصادية التي يتعرض لها الاقتصاد الرأسمالي وهي:
الأزمة الدورية (أزمة فيض الإنتاج). ان الازمات الدورية هي تلك الازمات الناشئة في مختلف مجالات الاقتصاد الرأسمالي العالمي والمرتبطة بالطابع الدوري لتطور الإنتاج الرأسمالي – أزمات فيض الانتاج -. أي ان هذه الأزمة يجب ان تشمل كل عملية تجديد الانتاج، أو الجوانب الرئيسية لها: الانتاج والتداول، الاستهلاك والتراكم. ويعني ذلك ان الهزات التي تتولد عن الأزمة الدورية يجب ان تكون أكثر عمقا بالمقارنة مع غيرها من الأزمات. وكما تشير التجربة التاريخية، يستطيع الاقتصاد الرأسمالي بما يمتلكه من امكانيات أن يتكيف لاستيعاب التناقضات المرتبطة بها والناتجة عنها كذلك ومن دون اجراء تغيير نوعي للظاهرة ذاتها (الاقتصاد الراسمالي المتطور).
الأزمة الوسيطة، وهي اقل اتساعا وشمولا، ولكنها بالرغم من ذلك تمس جوانب ومجالات عديدة من الاقتصاد الوطني. وتحدث هذه الازمات نتيجة لاختلالات وتناقضات جزئية لتجديد الإنتاج الرأسمالي. فالازمات الوسيطة لا يمكن أن تحمل طابعا عالميا على النحو الذي يميز الازمات الدورية العالمية لفيض الانتاج. ولهذا يؤكد الاقتصاديون الذين يعتقدون بضرورة الفصل بين الازمات الدورية والوسيطة، على عدد من معايير هذه الأخيرة، وبخاصة عدم حتمية ظهورها في سياق الدورة، وعمقها المحدود واقتصارها، أساسا، على الاطر الوطنية. ومن هنا يتم التوصل الى استنتاج مفاده ان الأزمة الوسيطة لا تشكل فاتحة لـ “دورة لولبية” جديدة، بل تقطع مجرى مرحلة واحدة من الدورة الصناعية فقط.
الازمة الهيكلية. بين الظواهر الاجتماعية – الاقتصادية لسنوات السبعينات من القرن العشرين تحظى الأزمات الهيكلية باهتمام خاص. ويعود سبب ذلك الى اتخاذ عدد من الأزمات الهيكلية لأشكال حادة جدا، والى ما ولده طابعها المتناقض وصلتها الوثيقة بالعوامل السياسية، من سعي لإلصاق الازمات الهيكلية ووجودها ذاته، بالعوامل السياسية، كلية، من جهة، ولتفسير ظواهر التأزم الدوري وغيره بتأثير الازمات الهيكلية، بصورة أساسية، من جهة أخرى. والازمة الهيكلية هي الازمة المرتبطة بالعوامل المحددة أو المقررة للتطور الرأسمالي والتي تعتري حل التناقضات الناجمة عنها والمرتبطة بحدوث انهيارات أو قطوع جوهرية في البنية. إنها الأزمة التي تطول عادة مجالات معينة او قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي، ونذكر منها على سبيل المثال أزمة الطاقة، أزمة المواد الخام، الأزمة الغذائية وغيرها. وتشغل الازمات الهيكلية مكانة متميزة بين الازمات الاقتصادية الملازمة للاقتصاد الرأسمالي. فاذا كانت الازمات الدورية تشمل مجمل الاقتصاد، فان الأزمة الهيكلية تشمل جزءا منه فقط. ولما كانت الازمة الهيكلية تقتصر على قطاع واحد من القطاعات الاقتصادية فإنه لا بد أن يكون قطاعا مهما، أساسيا، مثلا، مصادر الطاقة وصناعة الحديد والصلب وازمة الغذاء وما الى ذلك. فالازمات في فروع صغيرة، حتى اذا استمرت لمدة طويلة، فلا يمكن ان تصبح ازمات هيكلية لأنها يجب ان تكون ذات علاقة ومساس بجوانب وقطاعات الاقتصاد الأخرى كافة. وتتميز الازمات الهيكلية باختلال مستديم بين الانتاج والاستهلاك في ميدان معين. والاختلال الذي يحصل من حين لآخر بين الإنتاج والاستهلاك هو ايضا سمة ملازمة لتكرار الإنتاج الرأسمالي وأحد أسباب الشكل الدوري لحركة الاقتصاد.
وبالمقابل لا بد من الاشارة الى ان كل انواع الأزمات تعكس تناقضات واختلالات توازن في عملية تجديد الإنتاج الرأسمالي، ولكن باشكال مختلفة وتلعب أدوارا مختلفة في الاقتصاد العالمي. ففي الازمات العامة الشاملة للسوق العالمية تندفع كل تناقضات الدولة والاقتصاد الراسمالي كالعاصفة الى خارج الدولة، أما الازمات الجزئية (الوسيطة) فتنتقل الى الخارج بشكل متناثر، منعزل، وحيد الجانب.