في مناسبة مرور قرن على تأسيس الحزب الشيوعي الإيراني، نود تعريف القارئ الكريم على واحد من وجوه الرعيل المؤسس للحزب، وهو الشهيد آوتيس ميكائيليان (سلطان زاده).
ولد سلطان زاده سنة 1889 في مدينة مراغه الإيرانية لعائلة أرمنية هاجرت إلى إيران. الأب هو حسين سلطان والأم مريم باجي. وقد أنهى الفتى المدرسة الإبتدائية ثم انتقل إلى العاصمة الأرمنية يريفان، حيث التحق بمدرسة أرمنيان التي تعود إلى الكنيسة الأرمنية. وفي عمر الثامنة عشرة التحق بالحركة الاشتراكية الديمقراطية الروسية في القفقاس. وفي عام 1913 أصبح عضواً في الجناح البلشفي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي. وساهم في نشاط النقابات العمالية قبل ثورة اكتوبر، وفي أثناء الثورة انخرط في النشاط الثوري بمدينة بطرسبورغ.
كان سلطان زاده أحد مؤسسي حزب العدالة في إيران. وأصبح عضواً في هذا الحزب في آسيا الوسطى، وشجع العمال الإيرانيين على الإنضمام إلى الجيش الأحمر. وفي نيسان 1920، شارك في كونفرنس حزب العدالة في طاشقند، حيث أعلن إنضمام سبعة آلاف إيراني إلى الحزب. ومهد هذا الكونفرنس الطريق لعقد المؤتمر التأسيسي الأول للحزب الشيوعي الإيراني، الذي إلتأم في ميناء أنزلي. وجرى انتخابه سكرتيرا أول للجنة المركزية للحزب. وفي المؤتمر الثاني للكومنترن أنتخب عضوا في اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية. وفي عام 1921، أصبح مستشارا للينين قائد ثورة اكتوبر، وترأس دائرة الشرق الأدنى في كوميسارية الشؤون الخارجية في موسكو. وفي 25 كانون الثاني عام 1922، قررت اللجنة التنفيذية للكومنترن تعيينه ممثلا للحزب الشيوعي الإيراني في الكومنترن.
في ذلك الوقت كانت سياسة الاتحاد السوفيتي تجاه إيران قائمة على دعم رضا شاه في المرحلة الأولى من سلطنته. وازاء ذلك اتخذ سلطان زاده موقفاً مماثلاً لموقف الحزب الشيوعي الإيراني في انتقاده لسياسة الاتحاد السوفياتي وموقفه من رضا شاه. ونتيجة لموقفه هذا ابتعد عن الحزب الشيوعي الإيراني وتخلى عن منصبه في الكومنترن. ومنذ عام 1927 عمل مستشارا اقتصاديا في الاتحاد السوفييتي، ولعب دوراً مؤثراً في تأسيس معهد المصارف السوفييتي. وتولى منصب رئيس تحرير مجلة المصارف السوفييتية. وخلال ذلك ألف سبعة كتب، اهمها "ايران المعاصرة" و "الأمبريالية الأنجليزية في إيران"و "النفط والفحم الحجري والعمال"، إضافة إلى عدد من الكتب الماركسية ومن ضمنها " الأجور والأسعار والأرباح" و "العمل والرأسمال" و "البيان الشيوعي" وتم ترجمتها إلى اللغة الفارسية تحت إشرافه.
في عام 1927 عاد إلى الحزب الشيوعي الإيراني والى قيادته، بعد أن غيّر الكومنترن سياسته تجاه رضا شاه ووصمه بالاستبداد واتهمه بقمع القوى التقدمية. لكن سلطان زادة عبرعن معارضته لما كانت تنشره بعض الصحف السوفييتية وتكيل المديح فيه لرضا شاه، معتبرة أياه شخصية وطنية معادية للأمبريالية.
شارك سلطان زادة في المؤتمر الثاني (1920) والثالث (1921) والسادس (1928) للكومنترن، بإعتباره ممثل الحزب الشيوعي الإيراني. والتقى مرتين مع لينين وبحث واياه قضايا الحركة الثورية في الشرق، والمسائل المتعلقة بطروحات الكومنترن حول القضية القومية والمستعمرات.
ومنذ عام 1935، شرع سلطان زاده بانتقاد البيروقراطية التي استشرت في الاتحاد السوفييتي. وفي 16 كانون الثاني عام 1938 ومع الشروع بحملة التصفيات السياسية في الاتحاد السوفييتي، وُجه له الإتهام بالتجسس لألمانيا النازية وأعدم رمياً بالرصاص.
وبعد وفاة ستالين أعاد الحزب الشيوعي السوفييتي الإعتبار لسلطان زاده، وووريت رفاته الثرى في مقبرة تليق به وبشخصيته الفريدة.