نظمت تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم، ندوة للقاضي زهير كاظم عبود تحت عنوان (مستقبل العراق السياسي من وجهة نظر قانونية)، وذلك في مقر التيار الديمقراطي الواقع في منطقة شارهولمن جنوب العاصمة ستوكهولم، بتاريخ ٩/٨/٢٠١٩، وبحضور جمهور التيار غصت به القاعة.

رحب منسق التيار الفنان نبيل تومي، بالقاضي وبالحضور، وثم عزف النشيد الوطني العراقي "موطني".

أدار الندوة الأستاذ جاسم هداد، عضو تنسيقية التيار"، مستعرضاً سيرة القاضي.

تطرق القاضي عبود إلى أن أي عملية سياسية ترتكز على القانون مهما كان شكل الحكم، فالدولة لا تبنى إذا لم يكن هناك قانون يسند هذه الدولة التي تضبط  أفعال المجتمع والعلاقات الإجتماعية بشتى أنواعها، فالقانون يشكل القواعد التي تحكم المجتمع. وسياسة كل بلد تنتهج وفق قوانينها، سواء كانت بلدان ديمقراطية، دكتاتورية، أو البلدان الملتزمة دينياً، وهذه القوانين ملزمة للناس وكذلك للدولة والتي إذا لم تلتزم بقوانينها، فسوف يحدث شرخ كبير في تصرفات الدولة وهو خرق للدستور والقوانين، فقوة القانون يمثل قوة الدولة والعكس صحيح.

وأضاف عبود: نحن أمام تجربة جديدة في العراق بعد سقوط نظام صدام الدكتاتوري عام ٢٠٠٣، حيث نهج العراق بعد مجلس الحكم إلى السلطات الثلاثة القضائية؛ التشريعية؛ التنفيذية، المستقلة عن بعض مع وجود ترابط بين هذه السلطات، فما هو المطلوب منا الآن بعد هذه السنوات الطوال حول تصحيح مسارات العملية السياسية من وجهة نظر قانونية؟

المعلم الأول هو تعديل الدستور وهو يضم الحقوق والواجبات، لكن هذا الدستور كتب بعجالة وتضمن الكثير من المثالب والأخطاء الدستورية والقانونية وحتى اللغوية. فماذا نريد من دستور؟ نريد كتابة دستور من قبل قانونيين مختصين بالقانون الدستوري وشموليين يعرفون واقع المجتمع العراقي، لا يكون لجهة سياسة معينة، لا يسار ولا يمين، وإنما يكون عموميا لكل العراقيين بمختلف إنتماءاتهم  الفكرية والمذهبية.

دستورنا فيه مسالك لا تنسجم مع واقع الحياة، فالدولة شخص معنوي إعتباري، فالقانون لا يمكن أن يكون له دين، بالإضافة إلى هذا فالمجتمع العراقي مجتمع متنوع، كما أشارت المادة ٣ من الدستور (العراق متعدد القوميات والأديان والمذاهب)، في حين يذكر الدستور بأن الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، لكن أغلب القوانين المعمول بها لا تتوافق إن لم تكن تتعارض مع ثوابت الإسلام – الفوائد المالية – العقوبات الجزائية – الإباحة في بعض الأفعال.

وأشار القاضي: ما مبرر درج إنه عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها، وهو جزء من العالم الإسلامي. هذا الحشو الإنشائي لا يفيد ولا يقدم ولا يؤخر ومكانه في الخطابات الحكومية الرسمية في المؤتمرات.

وأكد القاضي زهير على أهمية تفعيل قانون المصالحة الوطنية الداخلية والخارجية، مع محاسبة البعثيين قانونياً الذين تلطخت أياديهم بدماء العراقيين. وكذلك حصر السلاح بيد الدولة من خلال إلغاء المليشيات العسكرية خارج إطار القوات المسلحة كما نصت عليها المادة (٩) ب، وبغير ذلك لا يمكن أن يستقيم الشارع العراقي ويسقر الأمن، لأن أي مليشيات مسلحة هي عصابة خارج القانون ترعب المواطن والإستثمار ورأس المال وترتكب جرائم ولا يمكن ردعها أو محسبتها، فيجب أن تكون القوات العسكرية والأمنية هي المسيطرة على الشارع، وإنهاء معالم اللباس العسكري والأسلحة في الشارع.

ولا قيمة لقرار إدخال المليشيات في إطار القوات المسلحة، فالواقع يتناقض حيث من شارك في الحشد لم يزل تابع لها ويكون جزء لا يتجزأ من تشكيلها وقياداتها وأسلحتها خارج إطار الجيش.

وطرح القاضي إشكالية المادة الدستورية ١٨ رابعاً (جواز إزدواجية الجنسية وإستثناء من يتولى منصب سيادي أو أمني رفيع)، حيث لا زالت المخالفة الدستورية مستمرة.

وتناول إخفاق مجلس النواب بتنفيذ المادة (٦٥) من الدستور الخاصة بتشكيل مجلس الإتحاد، والمادة (١٠٧) من الدستور الخاصة بمجلس الخدمة الآتحادي،  والمادة (١٠٩) حددت إختصاصات السلطات الإتحادية حصرياً، والمادة (١١٤) حددت الإختصاصات المشتركة بين الإتحادية والأقاليم، والمادة (١١٥) كما يرد في الإختصاصات الحصرية للأقاليم والمحافظات الغير منظمة في إقليم، وكذلك الصراعات الموجودة الآن من يكون عضو المحكمة الإتحادية، ومحاولة زج رجال دين ليكونوا أعضاء وليس مستشارين.

وتحدث كذلك عن سريان مفعول بعض القوانين من العهد الملكي والجمهوريات المتعاقبة ولحد الآن لم تلغى أو تعدل وأعطى أمثلة على ذلك، وتحدث عن قانون الأحوال الشخصية القانون ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المعدل وأشاد به، وعرض مساويء محاولات تعديله بما يسمى بقانون الجعفري الذي يبيح زواج القاصرات والذي لاقى معارضة قوية داخلية وخارجية، حيث سحب من مجلس النواب، لمخالفته للدستور.

وأشار إلى الخروقات الانتخابية ومع الأسف تخلل فيها تزوير وسرقة وحرق صناديق إنتخابية وجرائم كثيرة، ولم نشهد محاسبة المفوضية أو تحميل أي شخص ومحاكمته، ويسهلون والقضية كالعادة وتختفي ملفاتهم. وبعد أربع سنوات يعاد آنتخابهم وتفرض قوانين أخرى لا تمت للواقع بصلة ويصعدون نسبة سانت ليغو من أجل أن يحافضوا على تربع الكتل الكبيرة التي فشلت في تحقيق مطالب الشعب الملحة.

وتطرق القاضي زهير إلى أهمية تعزيز السيادة الوطنية والوقوف بجدية في وجه التدخلات المسلحة واللوجستية بدعم داعش بالسلاح والمال وتسهيل عبورهم للأراضي العراقية من مختلف مناطق الحدود، ولا زال الجيش التركي في بعشيقة بحجة محاربة مسلحي حزب العمال التركي، والتدخل الإيراني والقطري والأمريكي وغيرها من الدول من أجل مصالحها الشخصية، والدولة والحكومة لم تلجأ إلى مجلس الأمن للشكوي وإنما تعزيز العلاقة معها وهي تنتهك سيادة البلد.

وأكد القاضي على أن مستقبل العراق الراهن لا تتوقعوا أن يستمر، فانا أثق بوعي العراقيين وتوحدهم ضد الظلم وصد الخطر، وتأتي هنا أهمية مساهمة المستقلين الذين يشعرون  الآن ليس لهم دور أو مكانة والحضوة للأحزاب هي السائدة. فالتيار الديمقراطي يضم جميع القوى؛ قومية؛ يسارية؛ دينية، يوحدهم فكرهم حول مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية والكل يطالب بها بما فيها أحزاب دينية، وعل المستقلين أن ينظموا بقوة وفاعلية إلى التيار الديمقراطي لبناء دولة حديثة.

وبعد إستراحة قصيرة بدأت فقرة الأسئلة والمداخلات من قبل الحاضرات والحاضرين، وأجاب عليها القاضي بشفافية.

وفي ختام الندوة قدمت الهيئة التنسيقية لوح التيار إلى القاضي وسط إشادة الجميع بنوعية الأمسية.

البطاقة الشخصية للقاضي زهير كاظم عبود.

ولد عام 1946 في مدينة السماوة، ونشأ في مدينة الديوانية/ محلة الجديدة. وتأثر بأساتذتها وشخصياتها الإجتماعية.  عمل في مكتبة السيد هاشم المكصوصي لبيع الكتب، وعامل بناء  في جسر الديوانية الجديد وعامل في سينما الجمهورية، إرتبط تنظيمياً بالحزب الشيوعي العراقي  عام 1963 بعد إنقلاب شباط الفاشي، تعرض نتيجة ذلك إلى الفصل السياسي والملاحقة، منذ بداية إنقلاب 1968، حيث حكم عليه بالسجن سنة، وبسبب مضايقات أجهزة الأمن، إلتحق بالعمل الفدائي الفلسطيني  عام 1971، إعتزل العمل السياسي وعاد للعراق عام 1974، عمل كاتباً في محكمة الديوانية، وواصل دراسته المسائية في كلية القانون والسياسة/ جامعة بغداد، ليتخرج منها عام 1979 ويتعين معاوناً قضائياً وكاتبا للعدل ومحققاً عدلياً ثم إستقال وعمل محامياً، بعد تخرجه من المعهد القضائي عام 1985 عين قاضياً في المحاكم العراقية، وتدرج حتى الصنف الأول، آخر عمل له رئيس محكمة الأحداث في محافظة نينوى، وصل السويد عام 1999، بعد سقوط النظام، أصبح عضواً في هيئة الإشراف القضائي حتى أحيل على التقاعد عام 2013 بناءاً على طلبه. وقد كتب المئات من المقالات التي سعى فيها لنشر الثقافة القانونية، إلى جانب إصدارته التي تنوعت عناوينها، وتجاوزت الثلاثين عنواناً كما ذكرنا.

إضافة إلى ما ذكرنا، كتب أيضاً أربعة كتب في التاريخ وسبعة كتب في القانون، وله أيضاً قصتان (ليلة القبض على رئيس الجمهورية، جمهورية الغجر) .

أصدر في العراق دراستين قانونيتين بإشراف وزارة العدل، التحقيق الإبتدائي وإجراءاته عام 1986. اليمين في القانون العراقي عام 1992.

عرض مقالات: